في ندوة وطنية: الشبيبة الإتحادية تناقش بفاس التربية و التعليم في النموذج التنموي

التازي أنوار

تصوير: محمد لشكر

موازاة مع أشغال  المؤتمر الإقليمي للشبيبة الإتحادية، و تحت إشراف المكتب الوطني، نظمت لجنة الشبيبة التعليمية ندوة وطنية حول “التربية و التعليم في النموذج التنموي الجديد.”

 أطر الندوة ،الأستاذ جمال الصباني عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي و الكاتب العام لقطاع التعليم العالي الإتحادي، و السعدية بنسهلي، عضو المكتب السياسي للحزب و خبيرة في التربية والتعليم و برلمانية سابقة، وكذا عبد الرحمان طنكول، أستاذ جامعي و عميد كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بالجامعة الأورومتوسطية بفاس.

وفي هذا السياق، أكد جمال الصباني الكاتب العام لقطاع التعليم العالي الاتحادي، أن الاصلاح الجامعي، بات ضرورة ملحة و حاجة أساسية للنهوض بالتعليم العالي والبحث العلمي.

و شدد الصباني، على أن المدخل الوحيد لإصلاح الجامعة هو إصلاح التعليم العالي في جامعة موحدة المعايير و التخصصات، وتجميع كل التكوينات.

و جدد المتحدث التأكيد، على أن الملكية العمومية واستقلالية المعرفة و الربط الجوهري للبحث عناصر أساسية للإصلاح الجامعي.

و تطرق الصباني في مداخلته خلال هذه الندوة، إلى النماذج الدولية للإصلاح الجامعي، خاصة في فرنسا و أسبابه و الآليات التي تم العمل بها في هذا الإطار.

و كما سلط المتحدث كذلك الضوء على النموذج الألماني في إصلاح الجامعة، الذي ينبني على أساس ملائمة التكوين مع متطلبات سوق الشغل، و هو ما تبنته العديد من الدول كأمريكا و دول أخرى في أوروبا.

و أوضح الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي، أنه مع أي تحول سياسي في المغرب، يتم إحداث تغيير جذري في المنظومة الجامعية والتعليم العالي والبحث العلمي.

و أشار إلى أن الاصلاح الجامعي الذي كان في فترة الاستقلال أو ما سمي بمرحلة التأسيس، الغرض منه تكوين الاطر و الاساتذة الجامعيين، وكانت التكوينات الجامعية خلال هذه مرحلة، موحدة داخل جامعة واحدة، و بالتالي كان هناك تطور ملحوظ أدى إلى خلق نقاش عمومي حول الانتقاء أو الاستقطاب المفتوح داخل الجامعات المغربية.

و أضاف الصباني، أن ذلك أدى إلى مناظرة إفران التي رفعت شعار مغربة الاطر، بحيث عملت كل وزارة على أن تحدث مؤسسة تابعة لها، وتعمل على تكوين أطرها. معتبرا أن ذلك مسألة غير عادية خلال هذه الفترة.

و تطرق جمال الصباني عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، إلى مرحلة التقويم الهيكلي في الثمانينات، بحيث عاشت الجامعة مشهدا متفاوتا و منقسما بين الانتقاء والاستقطاب المحدود و المفتوح، وباتت بعض التخصصات حكرا على المتفوقين، مقابل تخصصات أخرى يلجها أصحاب الاستقطاب المفتوح بالجامعة.

و من جهة أخرى، اعتبر الصباني، أنه خلال مرحلة التناوب التوافقي، تم العمل على إصلاح منظومة التعليم العالي وفق مقاربة تشاركية والرفع من نسبة ولوج الطلاب إلى الجامعة.

وخلال مرحلة 2012، مع حكومة العدالة والتنمية، يضيف المتحدث، أنه كان هناك توجه واضح لعدم رد الاعتبار للتعليم العالي و الجامعة المغربية، بحيث تم إحداث قطيعة بين الجامعة و سوق الشغل و كذا تقليص عدد الاساتذة الجامعيين والباحثين.

و بدورها، قالت السعدية بنسهلي، إن الإصلاح الجامعي والتربوي ظل موضوعا مؤرقا وظل يلازمنا طيلة مسار حياتنا و كان محط نقاش جميع المتدخلين.

و أكدت بنسهلي، أن الجامعة لم تعد تنهض بأدوارها الاساسية التي كانت تلعبها في السابق من إنتاج المعرفة وتكوين النخب وغيرهما من الأدوار.

وسجلت بنسهلي في مداخلتها، بأن هناك هدر جامعي واضح بكلفة باهضة، وهو ما يفرض وقفة تأمل حقيقية للإصلاح الجامعي.

و أضافت، أن هناك دول تستثمر في العنصر البشري لأنه السند والكفاءة المؤهلة لتحقيق الرفاه الاجتماعي، فالتعليم هو الأساس لارساء مجتمع ديمقراطي حداثي متضامن، و توفير كل ضمانات دمقرطة الولوج إلى المدرسة العمومية.

و إعتبرت بنسهلي، أن الاتحاد الاشتراكي طيلة مساره النضالي و معاركه التاريخية، كان دائما يعتبر أن إصلاح التعليم مسألة حاسمة في التطور و الديمقراطية واكتساب الشباب للمعارف و المهارات لكي ينهض بدوره ويندمج في مجتمع.

و أضافت في نفس السياق، أن حزب الاتحاد الاشتراكي يعتبر أن التعليم هو حجز الزاوية في التطور المجتمعي والاقتصادي و هوقضية مجتمعية و المدرسة أداة للارتقاء الاجتماعي بمقومات الجودةفي مستوى المضامين العلمية والمعرفية وتكتسب مقومات الشخصية المتفتحة وتملك الفكر العقلاني و النقدي.

وسجلت عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، أنه منذ الاستقلال ظل مطلب إصلاح التعليم أساسيًا في كل مرحلة من تاريخ المغرب و لازال هذا الجيل يعيش على مطلب الاصلاح.

وذكرت الخبيرة في التربية والتعليم، بالمناظرات التي تم تنظيمها حول اصلاح التعليم، بحيث إن حزب الاتحاد الاشتراكي خلال مرحلة التناوب التوافقي قدم مشروعا متكاملا في إطار لجنة التعليم بمشاركة كافة الفاعلين وتم خروج بميثاق التربية و التعليم. واعتبرت بنسهلي، أن الميثاق اعتبر محطة مفصلية لأنه جاء بإصلاح شمولي هم مجموعة من العناصر، كالاشراك الفعلي للأسر و المفتشين و الإنفتاح الجامعيوغيرها.

وتابعت قائلة: الميثاق لم يطبق وكان التطبيق انتقائيا فقط، و كل حكومة تأتي بمشروع لا يتم تطبيقه وتنزيله على أرض الواقع.

و تساءلت السعدية بنسهلي عن أسباب فشل إصلاح التعليم في المغرب، و هل كونه يرجع إلى طبيعة القضية أم إلى أمور أخرى؟. مشددة من جهة أخرى، أن الاتحاد الاشتراكي يعتبر أن إرساء مشروع حداثي متضامن ينطلق من قضية التعليم، و أن العدو الذي يكبح التطور الديمقراطي هو الجهل و الامية.

ودعت بنسهلي، إلى ضرورة توفير الضمانات لتحقيق الإصلاح و إنجاحه، حتى يتمكن المغاربة من ملامسته على أرض الواقع.

كما سلطت مداخلة بنسهلي، الضوء على البرنامج الاستعجالي في قطاع التربية و التعليم الذي كلف حوالي 44 مليار، كما نبه إلى ذلك المجلس الاعلى للحسابات في تقاريره. مسجلة بأن البرنامج المذكور نص على الجانب التقني فقط وليس البيداغوجي و المعرفي.

و أضافت بنسهلي، أن الرؤية الاستراتيجية للتعليم، كذلك ساهم فيها الاتحاد الاشتراكي بمذكرة هامة وجيدة تضمنت العديد من المقترحات و المبادرات التي تلزم على المسؤولين بتطبيق القانون.

كما أشارت إلى القانون الاطار للتربية والتكوين، والجدل الذي رافقه حول لغات التدريس بقبة البرلمان و المزايدات السياسية التي أطلقهاالتيار المحافظ.

و خلصت البرلمانية السابقة، “أننا اليوم نعيش ثورة رقمية و تكنولوجية، وبالتالي لابد من إرجاع الثقة للمدرسة العمومية وتحفيز الفاعلين التربويين و إشراكهم في كل المبادرات.”

و ختمت بنسهلي، أن هناك إشكالات كبرى مطروحة، وعلى الوزارة أن تعيد الاعتبار للمدرسة العمومية في إطار النموذج التنموي الجديد وتحمل مسؤوليتها و توفير إرادة سياسية قوية لانجاح هذا ورش الإصلاح.

الأستاذ الجامعي و عميد كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بالجامعة الأورومتوسطية بفاس عبد الرحمان طنكول، أكد على أن هذا اللقاء يندرج في مسار هام من وراءه الاتحاد الاشتراكي ونخبة من الشباب الطموح والمتطلع إلى المستقبل.

و أوضح في مداخلته، أن الدراسات الاولى حول الجامعة والتعليم بالمغرب، صدرت عن النخبة الاتحادية التي كانت سباقة للتفكير في التعليم وأهمية الجامعة والتطور الذي سيعرفه العالم.

وتابع قائلا: النخب الاتحادية ساهمت بشكل كبير في تحسين الوضع التعليمي والجامعي بالمغرب بإبداعاتها وإصداراتها بالرغم منالمعوقات.

وسجل الأستاذ الجامعي، أن التفكير في تطوير الجامعة هو الذي يضمن وجود الانسان و مواجهة كل التحديات والصعوبات المطروحة.

واعتبر المتحدث، أن كل المبادرات جاءت لتقليص مساحات اللامفكر فيه و الانفتاح على ما يشهده العالم من تطور.

وأضاف: الرهان اليوم هو رفع الحجاب عن المسكوت عنه.

وشدد على أن المغرب استطاع بفضل نضالات و تضحيات الأساتذة، استطاع تحقيق مراتب جيدة في البحث العلمي والتصنيف الجامعيبالرغم من الصعوبات والاكراهات المطروحة.

و أوضح في نفس السياق، أن زمن الإصلاح وآليات الإصلاح وغاية الإصلاح، هي العناصر الأساسية التي ينبغي النظر إليها في ظلالتحولات المجتمعية الكبرى. مشيرا إلى مجتمع الرقميات والإنسان الرقمي و الفضاء الافتراضي التي بات الجميع يتحدث عنها، وهي هيكلها تحديات لابد من الإشارة لها وأخذها بعين الاعتبار في كل إصلاح.

ودعا عبد الرحمان طنكول، إلى الانخراط في المجتمع الاقتصادي ما بعد الصناعي والدخول في هذا التحدي حتى نكون طرفا في ابتكارالمستقبل. وخلص إلى أن الجميع مطالب بالإنخراط بكل مسؤولية في هذا التحدي والتوجه نحو المستقبل حتى يكون لنا موقع قدم في هذاالمستقبل.

كما أكد بدوره فادي وكيلي العسراوي، الكاتب العام للشبيبة الإتحادية، على أن الشبيبة الإتحادية مطالبة باستثمار هذه الندوة وإعداد ورقةعمل تكون رهن اشارة الشباب الاتحادي بكل الفروع.

و شدد على ضرورة إغناء النقاش و استثمار ما قدمه المتدخلين خلال هذه الندوة، لبلورة رؤية واضحة حول قضايا التعليم والتربية.

وخلص إلى أنه لابد للشباب الاتحادي أن يكون في الجامعات التي في حاجة اليوم إلى فكر شبابي متنور و بناء ونقدي.

error: