ظهور الفنانة السورية أصالة نصري في دويتو مع أسماء لمنور يثير الجدل بالجزائر

عبد الرحيم الراوي الثلاثاء 27 ديسمبر 2022 - 10:15 l عدد الزيارات : 11553

عبد الرحيم الراوي

نشرت جريدة “الشروق” الجزائرية يوم أمس الإثنين 26 دجنبر 2022، موضوعا يتعلق بحلي “خيط الروح” الذي وضعته أصالة نصري على جبينها، وهي تؤدي لأول مرة إلى جانب المطربة المغربية أسماء المنور، قطعة غنائية باللهجة المغربية تحت عنوان “سيد الغرام” من إنتاج شركة روتانا.
خلال طرح الفيديو الإعلاني للكليب، الذي من المرتقب أن يرى النور في الأيام القليلة المقبلة تزامنا مع احتفالات رأس السنة، ظهرت الفنانة السورية وهي تضع لباسا يناسب موضوع الأغنية، لكنها لم تكن تعلم أن خيط الروح الذي كان يلف جبينها، سيثير ضجة في إعلام الجارة الشرقية وعلى شبكات التواصل الاجتماعي.
وقد أشارت صحيفة “الشروق” إلى أن ارتداء الفنانة السورية لخيط الروح هو “مظهر يوحي بأنه من التقاليد المغربية، وهو ما تسبب في ردود أفعال كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي لمغردين جزائريين”، الذين لم يتمالكوا أعصابهم -كالعادة- أمام ظهور الفنانة السورية في مقطع للفيديو كليب، فانهالوا عليها بوابل من الانتقادات.
وأضافت الصحيفة على أن “الفيديو كليب يبرز توظيف حلي “خيط الروح” على نحو مغالط يعطي الانطباع على أن الأمر يتعلق بحلي من التراث المغربي، من باب تصميم البيئة العامة للفيديو كليب باعتبار أنها ذات ملمح مغربي”.
ولم تكتف الجريدة التي تعتبر من أكبر وأهم أبواق النظام العسكري في الجزائر، بانتقاد المطربة السورية، بل ونشرت بعض التغريدات لناشطين جزائريين على موقع تويتر، تهاجم فيها المغرب باعتباره العدو الذي لا يتوانى على سرقة التراث الجزائري، كلما سنحت له الفرصة.

تغريدات تهاجم المطربة السورية وتتهم المغرب بسرقة التراث الجزائري

جاء في إحدى التغريدات: “كل يوم نستيقظ على سطو جديد على تراثنا من طرف البعض.. الحلي اللي لابساه أصالة هو جزائري وهو خيط الروح أو الزروف، مصنف في اليونسكو مع لباس العروس التلمسانية أو الشدة التلمسانية …الخبث أنو لابسينو لآصالة دون علمها، لترويجه على أنه مغربي”
فيما علقت سيدة أخرى قائلة: “خيط الروح الجزائري.. ماذا يفعل في جبين أصالة نصري؟ ماهو الهدف من وضعه في كليب لأغنية مغربية ؟”.
تدوينات وأخرى بالجملة، عبرت عن سخطها من الفنانة السورية أصالة نصري، وهي تزين جبينها بخيط الروح، باعتباره تراثا جزائريا. هذه الانتقادات قد تدفع القارئ للبحث عن الحقيقة بمعطيات تاريخية تخص المنطقة وتراثها، ليتوصل في النهاية إلى معرفة من يسرق من؟

الإعلام العربي والدولي يصاب بالصدمة خلال مونديال قطر بسبب الجزائر

المؤكد هو أن الجزائر أصبحت مكشوفة أمام العالم بعدائها المرضي للمملكة، وبعقدتها من التاريخ والهوية، كلما وضعت نفسها في مقارنة مع الجهة الغربية من خريطتها، وخير دليل على ذلك هو صدمة الإعلام العربي والدولي، من الحساسية البالغة للنظام العسكري تجاه الإنجازات التي أوصلت المنتخب الوطني لكرة القدم إلى المربع الذهبي خلال مونديال قطر 2022، مما دفع هذا الإعلام إلى وضع مجهر على العلاقات الثنائية بين البلدين، ليدرك حجم المشاكل التي يتسبب فيها النظام العسكري، وهو يعمل وفق سياسة خبيثة منذ فجر الاستقلال، بهدف المساس بالوحدة الترابية للجار المغرب، وعرقلة مشاريعه التنموية.
وبما أن حلي “خيط الروح” أثار القيل والقال في بلاد الأمير عبد القادر، فلابد من طرح سؤال مفاده، على أي أساس اعتبر مقال جريدة الشروق والتدوينات المصاحبة له، خيط الروح جزائريا على سبيل الحصر؟ والتأكيد على أن أصله من مدينة تلمسان التي هي في الأصل، جزء من تراب المملكة تاريخيا، ولكم أن تعودوا إلى الحقبة التاريخية للدولة الإدريسية والمرابطية، وما قبلهما للتأكد من المعلومة.

الفرق بين التراث المحلي والدولي

للتوضيح فقط، يجب التمييز بين ما هو محلي وما هو دولي ومستورد، فهناك تراث عالمي مشترك يتناقله الشعوب فيما بينهم، حين يجهل الجميع أصله ومكان ولادته، فخيط الروح مثلا، معروف على أنه تراث عالمي، سبق أن تزينت به المرأة العربية قبل قرون من ظهور الإسلام، وعرف في تراث الحضارات الهندية واليونانية والرومانية والعثمانية وفي حضارة الإمبراطوريتين المغربية والمالية..
وهناك تراث محلي يشهد له العالم بأنه يخص منطقة في حدود جغرافية وتاريخية معينة، كالمغرب مثلا معروف بصناعته التقليدية العريقة في فن الزليج أو الفسيفساء والقفطان والجلباب والطربوش الأحمر والأحدية الوزانية الصفراء وغيرها من الأصناف الأخرى من النعل، بالإضافة ألى الصناعات المتعلقة بالحلي كالذهب والفضة والنقرة والنحاس والحديد والجلد…وفي مجال الموسيقى، لديه ألوان وأنغام لا تحصى، وإيقاعات تمثل كل جزء من أركانه، كالملحون والطرب الأندلسي والغيواني والعيوط والدقة المراكشية وعبيدات الرمى…، أما بخصوص فن الطهي، فالمملكة لديها العديد من الوجبات المشهورة بوأتها المرتبة الثانية عالميا بعد فرنسا بفضل الكسكس والبسطيلة والمحنشة والطنجية والرفيسة…، والحلويات المتعددة الأشكال والأذواق، مثل كعب غزال والبهلة والبقلاوة والقائمة طويلة.

افتعال الحرب على التراث كان جزءا من سياسة الاستعداء تجاه المملكة

إشعال الحرب على التراث، شكل جزءا من الاستراتيجية التي اعتمدها النظام الجديد للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عندما وصل إلى سدة الحكم رفقة رئيس الجيش الوطني الشعبي السعيد شنقريحة، حيث ركزت سياستهما الخارجية، على تأجيج الصراع بين الشعبين المغربي والجزائري من أجل تحقيق هدفين أساسيين: أولهما، صرف النظر عما يجري في الداخل من أزمات اجتماعية واقتصادية، والتنفيس على حكام قصر المرادية بسبب ضغط الشارع الجزائري وهو يغلي بعد انقلابه على مشروع العهدة الخامسة، لهذا وقع الاختيار على أفضل عدو تاريخي خارج البلاد وهو المغرب.
ثانيا، بعد العودة القوية للمملكة إلى القارة السمراء، واعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، والأسلوب المتفرد في تنويع الشراكات الاقتصادية والتجارية مع القوى العظمى، مثل روسيا والصين والاتحاد الأوروبي وإسرائيل وأمريكا، ونجاح دبلوماسية المقص في فتح أبواب عدد من القنصليات القارية والدولية بالعيون، كل ذلك جعل الجارة الشرقية تشعر بالضيق، فأخذت تحاول العمل على نهج أسلوب الإساءة لسمعة المغرب على المستوى القاري والعربي والدولي، من خلال تلفيق اتهامات لا يقبلها العقل السليم، والتي سعى من ورائها النظام الجزائري جاهدا، إلى إلصاق المملكة صورة الخطر الذي يتهدد استقرار المنطقة برمتها، وكذلك البلد الذي سيتسبب في الشتات العربي، لهذا نظموا القمة العربية الفاشلة تحت اسم “لم الشمل”.

عقيدة العداء وضعت الجزائر في مأزق نفسي جد معقد مع الجار المغرب

ليس حلي “خيط الروح” أو ما شابهه هو المشكل، بل المشكلة تكمن في ارتفاع منسوب العداء لدى النظام الجزائري كلما تقدمت المملكة إلى الأمام، لأن كل إنجاز مغربي ولو في الرياضة، هو نكسة للنظام العسكري، واعلامهم الرسمي أكد ذلك بالمكتوب والمسموع والمرئي، حيث وصفوا الاستقبال الملكي لعناصر المنتخب مع أمهاتهم بالتقليد، واعتبروا الحافلات المكشوفة التي جابت شوارع الرباط وسط الحشود الجماهرية، مأجورة من الجارة الشمالية إسبانيا، ونعثوا جلالة الملك محمد السادس، عندما خرج إلى الشارع لمشاركة المواطنين فرحة التأهل إلى نصف النهائي بشبيه الملك.. في الوقت الذي كان الجميع يتابع الفرحة في الوطن العربي لهذا الإنجاز من داخل فلسطين ومصر واليمن والعراق والأردن وكل الدول العربية والإسلامية وفي القارة الإفريقية، بل حتى الدول التي أقصاها المنتخب المغربي من المونديال كانت متعاطفة مع أسود الأطلس، إلا نظام الكابرانات فكان لهم رأي مخالف، حيث قاموا بإصدار تعليمات صارمة للإعلام الجزائري تدعو فيها عدم ترويج إنجازات المنتخب.. بعدها مباشرة، تمت إقالة مدير عام لقناة إخبارية، ثم فصل واعتقال بعض الشباب من القوة الخاصة في الجيش، فقط لأنهم عبروا عن سعادتهم من خلال مقطع للفيديو، بعد فوز المغرب وتأهله إلى نصف النهائي على حساب المنتخب البرتغالي.
تلك التضحيات الدنيئة والعبثية، التي وضعت البلاد والعباد في مأزق نفسي جد معقد مع الجار المغرب، هي مجرد البحث اليائس عن شرعية مفقودة تمكن الطغمة الحاكمة من البقاء على رأس السلطة، بصفة “دولة عسكرية وليس مدنية” خلافا للحراك و للإرادة الشعبية الحرة.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الثلاثاء 13 مايو 2025 - 00:35

طرابلس تشتعل من جديد: اشتباكات مسلحة تهز العاصمة الليبية وسقوط قادة بارزين

الإثنين 12 مايو 2025 - 23:25

تدشين المقر الجديد للقنصلية العامة للمغرب بمونبلييه

الإثنين 12 مايو 2025 - 21:24

ريو: الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم مواكبة دينامية التنمية بجهة الداخلة – وادي الذهب

الإثنين 12 مايو 2025 - 21:19

جلالة الملك يستقبل ثلاثة أعضاء جدد بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية

error: