فضيحة جميلة والوزير : .. تصاعد مطالب استقالة الرميد أو إقالته

محمد اليزناسني السبت 27 يونيو 2020 - 01:00 l عدد الزيارات : 21379

محمد الطالبي – الرباط

رحلت جميلة وتركت «حريرة» الرميد تتحرك، لكن الرابح الأكبر في هذه السقطة القانونية والأخلاقية لوزير يرعى حقوق الإنسان داخل المغرب، ويذود عن مكتسباتها خارجه، هو جيش العاملات والعمال الذين يكتوون بحرمانهم من هذا الحق في سوق شغل لا ضمير للكثيرين فيها، أما الخاسر الأكبر فهو صورة البلد، لأن الواقف على أبواب مجمع جنيف الأممي باسمنا،  لن يُرحم لاحقا، وستتشابك صورته بصورة البلاد. صحيح أن حادثة جميلة توجد نسخ منها لدى كثيرين في هذا البلد، لكن تفجرها بباب مكتب الرميد حكاية لا تحتمل. 

وزير العدل السابق ووزير حقوق الإنسان الآن، حاول تدبير هذه الفضيحة بأسلوب عمق من مأساة الراحلة، المطلوب في تكريم الأموات ذكرهم بالخير، لكن الطريقة المفضوحة التي وجدت أسرة الفقيدة نفسها فيها، وهي تعبث بحق ثابت لجميلة، كان من الأفضل فيها للترحم عليها، هو الاعتذار.

نعم كان بإمكان الوزير أن يتقدم باعتذار الشجعان دون الالتفات لأي كلفة محتملة، والأكيد أن قطاعا عريضا من الرأي العام كان سيحترم مثل هذا القرار، لكن أن يسمح الوزير لنفسه بتدبير مباشر أومفوض حاول من خلاله البحث عن براءة مشوهة تطرح الخلاصات التالية:

الحدث الذي خلقته جميلة بعد وفاتها، كان من الممكن أن يمر دون زوابع، وستحمل معها كل الحقيقة، وعنوانها الأبرز هو أن كثيرا من النفاق يعيش بيننا، وأن تطبيق القانون بدون تراخ ولا مجاملات وحده الكفيل بتحقيق العدل.

الطريقة التي تعامل بها الوزير وحزبه مع هذه الواقعة تظهر حقيقة خطيرة، وهو أن كل الشعارات الحماسية لمحاربة الفساد ومقاومة الفساد، ستزيد من تعميق الشعور بعدم الثقة في نخبنا.

تداخل قضية جميلة في طبيعتها القانونية مع قطاع آخر يديره شبل الوزير في الحزب، يُظهر أن هذه الكفاءة الأعجوبة، لم تتحل بدورها بشجاعة فتح تحقيق فوري يبرئ أو يدين الوزير، لكن معطيات جديدة خرجت تفيد بأن وزير التشغيل نفسه، سيتواجد في قلب فضيحة مماثلة، وهي وضعية تنقل فساد واقعة جميلة من الاستثناء إلى القاعدة.

الطريقة الإحسانية التي حاول بها المقربون من الوزير استعمالها لتبرير عدم تمكينها من حق لا ينسخ ولا يقايض، تعري عن عقلية خطيرة تدير البلد، هذا النوع من التفكير سيجعل عقل القرار التنفيذي والتشريعي معطوبا بدرجة يستحيل معها السير بالبلد بمنسوب من الأمن التدبيري، ويجعل المصالح العليا في دائرة الشك، ويحاول الوزير ومحيطه تقديم الإحسان على القانون، الذي يطبق في مجال الشغل، ومحاولة الزج بأسرة الراحلة في أتون معركة لا قبل لها بها قانونيا وأخلاقيا، ويبقى الثابت أن جميلة لم تسجل قيد حياتها في الضمان الاجتماعي وما تبقى تفاصيل تجانب القانون حد الافتراء والتنكيل بجثة الراحلة عليها الرحمة.

انتشرت الأخبار عن النازلة كالنار في الهشيم، مدينة ومستنكرة، بل وصلت ردهات مجلس النواب عبر تساؤلات حولها، وهناك من طالب باستقالة الوزير المعني حفظا لمصالح المغرب دوليا وحتى لا نتحول إلى مسخرة أمام الخصوم في المنتديات الدولية ذات الصلة.

وفي السياق، استنكرت النقابة الديموقراطية لكتاب المحامين حرمان الراحلة من التصريح بها أمام مؤسسة الضمان الاجتماعي وكذا استنكاف مفتشية الشغل عن القيام بمهامها الرقابية، وتفجرت القضية بعد ثبوت أن الراحلة، وبعد ربع قرن من العمل ككاتبة محام، لم يتم تسجيلها في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وبعد شيوع الخبر الذي لم يكذبه الوزير المعني والمحامي مصطفى الرميد، بل إنه حاول تبرير الأمر بالإحسان، الذي وإن صح، لا يعقل أن يتحول إلى رياء، ويبقى تطبيق القانون في جميع الحالات هو الفيصل.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الإثنين 21 أبريل 2025 - 22:51

و أخيرا الإفراج عن اللجنة الموضوعاتية لتقييم “كارثة”مخطط المغرب الأخضر 

الإثنين 21 أبريل 2025 - 22:14

لقاء أدبي بالرباط حول فكر الراحل إدمون عمران المالح

الإثنين 21 أبريل 2025 - 21:59

مثقفون ومفكرون وشعراء وأبناء أصيلة يشاركون في تكريم الراحل محمد بنعيسى

الإثنين 21 أبريل 2025 - 20:56

عدم الالتزام بآجال الأداء يهدد الشركات الصغيرة.. الفريق الاشتراكي يطالب الحكومة بالوفاء بالتزاماتها

error: