Ad Image

نقاد ومبدعون يحتفون في خنيفرة بتجربة الشاعر فتح الله بوعزة

محمد اليزناسني الثلاثاء 14 أغسطس 2018 - 17:22 l عدد الزيارات : 13356

خنيفرة: أحمد بيضي

ارتأى “مركز روافد للأبحاث والفنون والإعلام”، بخنيفرة، أن يكون “مسك” ختام موسمه الثقافي احتفالا بالشاعر فتح الله بوعزة، من خلال ديوانه “طعم الغابة في الحلق”، بمشاركة الناقد ذ. علي أوعبيشة، القاص ذ. علي وهبي والروائي عيسى ناصري، الذين أحاطوا بتجربته الغنية وجمالياتها، في حين اختير لإدارة الحفل، صاحب ديواني “انكسار الذاكرة” و”الآتي المؤجل”، الشاعر ذ. مولاي ادريس أشهبون، الذي تمكن، من خلال تجربته الشعرية العميقة، من وضع الحضور في صميم فرادة المنجز الشعري للشاعر المحتفى به وانتصاره البليغ على ما تفتحه اللغة من إمكانات، وكم ازداد الحفل جمالا بتلاوة الشاعر فتح الله بوعزة لباقة من قصائده، وبمساهمة الفنان الملتزم معاد تهادي الذي جذب الجميع، بتقاسيم على عوده، نحو التفاعل مع مجموعة من الأغاني المغربية والفلسطينية.

وفي كلمة المركز المضيف، رحب الشاعر م. إدريس أشهبون بالحضور، من مهتمين ومثقفين وباحثين، وجمعويين وإعلاميين، واضعا الجميع في قلب المناسبة حيث “يقال إن الشعر محاولة لفهم العالم بواسطة اللغة والأحاسيس، والشعر جمال وغموض، والشعراء للكلام أمراء، لكن هل بالفعل ان أعذب الشعر أكذبه؟ لعلها عبارة خاطئة من حيث المعنى الحسي واللغوي لان أحسن الشعر أصدقه من حيث يكتب بمداد المعاناة الحقيقية الصادقة، ويجعل الشاعر خالدا من خلال أعماله وقصائده”، ليلج ذ. أشهبون إلى حدائق الشاعر المحتفى به الذي راكم العديد من الدواوين، منها: “قاب كأسين من ريحه”، “أصابع آدم'” و”طعم الغابة في الحلق” وغيرها من التي تنتظر دورها للخروج إلى الشمس.

من جهته، شارك صاحب مجموعةالريح التي تصيح دون تصريح”، ذ. علي وهبي، بورقة نقدية تحت عنوان: “البناء الحق في ديوان: “طعم الغابة في الحلق”، لعله يصل إلى ما وصفه ب “طبيعة التشكلات اللغوية التي طبعت التناول، والتوظيف اللغوي عند الشاعر”، ورغبة منه في وضع الديوان في سياقه الفكري والنقدي، عمد ذ. وهبي إلى تقسيم مداخلته إلى شطرين، تناول في الأول البدايات الأولى للشعر الحديث من حيث المؤثرات والدوافع، وكذا الخصائص والرواد، كما تطرق للتحولات التي لحقت المرحلة الموالية في شكل السريالية، ليختم مداخلته بالإشارة إلى أهم الكتب النقدية التي تناولت هذه الظاهرة، ويبرز بعدها كون الشاعر فتح الله بوعزة، باعتباره قارئا مغرما بالنص الشعري، قد أدرك بالفعل كنه كل هذه التحولات واستجلى متطلباتها.

ولما كانت اللغة أهم الثوابت الشكلية المعتمدة في النظم الشعري القديم والكلاسيكي، أو في الكتابة الشعرية الحديثة، سواء في قصيدة التفعيلة مع البدايات الأولى لتشكل الحداثة الشعرية العربية، أو في قصيدة النثر، حاول ذ. علي وهبي تتبع تجليات حضورها، في الشطر الثاني الذي عنونه ب: “شكل البناء في الديوان – اللغة أنموذجا”، ركز من خلاله على أهم الاختيارات التي تبناها الشاعر ومنها: اللغة المتداولة اليومية البعيدة عن كل غريب أو حوشي من الألفاظ والكلمات بغية الابتعاد عن الغنائية الرنانة، والنفس التقليدي، الذي ينبني على أساس العودة إلى القديم، بما يزخر به من معجم قوي معبر، والسياق الدرامي، إذ يصدر الخطاب اللغوي من الذات الشاعرة ليعود إليها، يحررها ويفجر ما بها من طاقات، يضيف ذ. علي وهبي.

ومن جهته، لم يفت صاحب مجموعة “مسخ ذوات الناب”، ذ. عيسى ناصري، افتتاح قراءته النقدية بالحديث عن “قضايا الشّعر التي أثارت النّقاد والباحثين في الشعر القديم والحديث والمعاصر، وعلاقة الشّعر بالقصّة أو الحكاية، ومحاولة بعضهم درس الجوانب الحكائيّة داخل النصّ الشعري، ومحاولة البعض الآخر رسم الحدود بين الشّعريّ والسّردي في الإنتاج الأدبيّ”، إلّا أنّ الثابت لديهم هو أنّ لا تعارُضَ بين غِنائيّة الشّعر واعتماده على تقنيات السّرد، ومن هنا ولج القاص ذ. عيسى ناصري ديوان “طعم الغابة في الحلق” للشاعر فتح الله بوعزة باعتباره “لا يكاد يخلو من العناصر الحكائية الحاضرة في مجموعة من قصائده”، وأنها استُثمرت في تخييل نصوصه مختلف الآليات السّردية المتعارف عليها في مجال السّرد”، يضيف ذ. ناصري.

وصلة بذات السياق، عمد ذ. ناصري إلى دراسة بعض الجوانبِ الحكائيّة ِفي النّصوص الشّعريّة للديوان المحتفى به، وذلك عبر محورين أساسيين: الأول رصد فيه العناصر الحكائية في نصوص هذا الديوان، وهي “الفعل أو الحدث، الفاعل أو العامل (الشّخصيّة)، زمن الفعل، مكان الفعل”، مستدلا على كل عنصر من هذه العناصر السردية بقصائد ومقاطع من الديوان ل “توضيح مدى تداخل السردي بالشعري في نصوص فتح الله بوعزة، أما المحور الثاني فقد ركز فيه المتدخل على “أنماط الحكاية في نصوص الديوان”، من حيث أن حضور الحكاية في قصائده يتّخذ أشكالا متنوّعة، ذكر منها ثلاثة أشكال: نمط الحكاية الكاملة، نمط حكاية الشّخصيّة، ونمط اللوحات السردية، ما يؤكد أهمية الآلية السردية في تشكيل المتخيل الشعري في نصوص الشاعر.

أما صاحب كتاب “سياسات الذاكرة”، ذ. علي أوعبيشة، فقد لخص قراءته النقدية في ديوان “طعم الغابة في الحلق” للشاعر فتح الله بوعزة بتميز هذا الديوان ب “الروح الحالمة والمتخيلة والشاعرية الجامحة التي تجعل المعنى مضطربا، عصيا على أي يقين ثابت للفهم، وكأننا أمام منظومة من الاضطراب، ومناطُ ذلك أن الشاعر لا يمتحُ قوله الشعري من منبع واحد، فهو رومانسيّ بشكل مختلف، وسورياليّ إلى حدّ الحماقة”، رومانسيّ لأنه يتميز بتصوير المشاعر الحالمة والأفكار المغرٍقة في الخيال والعواطف النبيلة، و يبني قصيدهُ على “الذات القلقة والحالمة، إذ تنقلنا نصوص فتح الله بوعزة، يضيف ذ. أوعبيشة، إلى عوالم فائقة التخيّل، وغارقة في الحلم”، مانحا للعناصر الطبيعية مكانة خاصة معبّرا عن نفوره القصدي من قبح واقعنا واللامعنى الذي يسوده.

ولم يفت ذ. أوعبيشة التأكيد، في ذات مداخلته، على أن عودة الشاعر فتح الله بوعزة إلى الطبيعة، “ليست من أجل الحلول والإقامة أو الانزواء بها وفيها، بل للتعبير عن الطبيعة التي تشغل جسده، إن ما يقصده ليس الطبيعة التي تقع خارجهُ، بل الطبيعة التي تسكنه وتفيض منه وعنه، ليصير المحمول موضوعا، فتتشظى البنية المنطقية للغته، ليصير كل شيء عبارة عن فيضٍ من ذات الشاعر، فرأسه غابة تحطّ عليها العصافير ومن صدره يفيض نهر عظيم من الحب وأطرافه أغصان لا تنفكّ تنمو وخلاياه تتكاثر ببطءٍ”، يضيف المتدخل.

وارتباطا بذات القراءة، رأى ذ. أوعبيشة، بمنظاره الفلسفي، أن الشاعر في ديوانه كان رومانسيا، لكن بشكل مختلف، لأنه لا يقف عند الذات بل يعيد تشكيلها متمركزا على الحلم، هذا “التمركز على الحلم” جعل اللغة “تتحوّل إلى نسق من الرغبات، تتداعى بشكل حرّ، وسرياليّ بنزعة دادائية، لأنه جعل الأشياء المتناقضة تتعايش، ومن الانزياحات غاية في حد ذاتها، وكأنه يفكّ شفرة عالم نجهله”، هذا التشاكل الغريب والفريد للرومانسية والسريالية في قصائد الشاعر فتح الله بوعزة “يجعل القارئ نلتقط معنى العالم في نظره مرتين، فتارة يتبدى لنا العالم في نصوصه سوداويا، من شدّة حجم القبح الذي تشير به لغة الشاعر عنه، وتارة أخرى يمثل العالم بوصفه أفضل العوالم الممكنة”، ليشعر الجميع بتفاؤل حالم فريد، هذا التضادّ الدلالي، جعل الشاعر متشائلا، لا هو بمتفائل ولا بمتشائم.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الجمعة 30 مايو 2025 - 22:49

الحسيمة .. إقامة فنية تحت شعار التنوع والحوار بين الثقافات والأجيال

الخميس 29 مايو 2025 - 07:56

جمعية الشعلة تطلق مشروع مخططها الاستراتيجي ضمن برنامج “حوار ” من أجل حكامة متجددة ورؤية استراتيجية

الأربعاء 28 مايو 2025 - 21:09

تنصيب خمسة أعضاء جدد بأكاديمية المملكة المغربية

الثلاثاء 27 مايو 2025 - 13:01

تاونات تتألق في نهائيات الروبوتيات التربوية: مؤسسة التفتح تحصد جائزتين مرموقتين بإفران

error: