ملاحظات أولية في شأن منهجية إعداد مشروع قانون المالية 2019 ورهاناته

قبل الخوض في الملاحظات التقتية للرسالة التاطيرية وهي ترجمة حرفية للفرنسية lettre de cadrage أو المذكرة التوجيهية لقانون المالية 2019، يجب التوقف بداية عند توقيت صياغة المذكرة يوم 13 غشت 2018 والزام جميع الوزارات والمؤسسات المعنية بضرورة بعث اقتراحاتها فيما يخص الميزانيات المطلوبة في أجل أقصاه  31 غشت من السنة الجارية علما أن شهر غشت من هذه السنة يعتبر استثناء من حيث العطل ( الأسبوع الثالث في مجمله عطل وطنية ودينية)، فكيف سيتاتى لمؤسسات الدولة احترام هذه الجدولة الزمنية بشكل دقيق عقلاني ينضبط لخارطة طريق الرهانات الاجتماعية والاقتصادية للحكومة  ليس فحسب لسنة 2019 بل على مدى ثلاث سنوات.  فهل ينجح العثماني و وزير ماليته  في صياغة مشروع قانون المالية لسنة 2919 بشكل يستجيب للإكراهات الاجتماعية والاقتصادية التي يتخبط فيها المغرب حاليا.

 للتذكير فقط فمشروع قانون المالية لسنة 2019 يرتكز حسب حكومة العثماتي على الأسس التالية:

أولا:  إعطاء الأولوية للسياسات الإجتماعية في مجال التعليم، الصحة والتشغيل، برامج الحماية الإجتماعية،مع  الإسراع بانجاح الحوار الإجتماعي ودعم القدرة الشرائية للمواطنين.

ثانيا:  مواصلة الأوراش الكبرى والاستراتيجيات القطاعية لتوفير ظروف الإقلاع الإقتصادي ودعم الإستثمار والمقاولة .

ثالثا: مواصلة الإصلاحات الكبرى.

رابعا: الحفاظ على التوازنات الإقتصادية الكبرى.

الأولويات التي حددتها الحكومة والتي تنسجم مع الخطوط العريضة لخطاب العرش الذي اتخذت منه، كسابقاتها من الحكومات التي تعاقبت على تسيير الشأن العام ارضية  لمشاروع قوانين المالية، تثار أسئلة حول مدى اجابتهل بالفعل على مختلف مناحي القلق المعبر عنه في  الخطابات الملكية في صيغة توجيهات وتنبيهات.

بالرجوع إلى الأولويات ودون التقيد بترتيبها في الرسالة الإطار،  يجب أن نسجل الملاحظات التالية:

* سنة 2017 كانت كذلك سنة فلاحية بامتياز بسقف إنتاج حبوب قياسي  بلغ أكثر من 100 مليون  قنطار، إلا أن  التوقعات في شأن  المحصول الزراعي استقرت في 70 مليون قنطار. فهل هذا راجع لمقاربة احترازية للحفاظ على التوازنات المالية ام أن الامر راجع لعدم قدرة مديرية الداسات والتوقعات المالية على ضبط توقعاتها كالعادة؟

*  فيما يخص الحفاظ على التوازنات الإقتصادية الكبرى، يجب أن نسجل أن نسبة النمو المتوقعة في حدود 3،2% تكرس استمرار  الركود الإقتصادي الذي يعيشه المغرب. للتذكير فنسبة النمو لسنة 2018 سوف تبلغ  3،6% عوض 3،2% وهذا راجع بالأساس للمحصول الزراعي من الحبوب الذي سجل 103 مليون قنطار وهو رقم قياسي.

*  المذكرة التوجيهية لرئيس الحكومة حددت سعر البترول للبرميل الواحد في 68 دولار بينما السعر الحالي يتجاوز 65 دولار وهو معرض بالتأكيد للارتفاع بحكم مجموعة من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية، لذلك يعتبر توقع استقرار أسواق البترول مجازفة تقتضي مراجعة بناء على دراسة معمقة.

* التحليل الدقيق والمستفيض لمجموعة من النقط كإصلاح أنظمة التقاعد بشكله المقياسي الحالي ليصير بنيويا في القريب العاجل لكونه أصبح ضرورة ملحة إضافة لقانون إصلاح المراكز الجهوية للإستثمار عبر المصادقة على القانون 47-18 من طرف الحكومة يوم 2 غشت 2018 ،بالإضافة لمواصلة ورش الجهوية المتقدمة الذي للأسف لم يكتمل بعد بفعل تأخر المصادقة على مجموعة من القوانين التنظيمية رغم مرور ثلاث سنوات على بداية العمل بها بشكل محتشم وخجول بالموازاة مع تسجيل مجموعة من الخروقات والتجاوزات من طرف المجلس الأعلى للحسابات.كل هذه النقط وغيرها  لن يكون ممكنا مناقشتها بشكل مستفيضة إلا بعد إصدار المذكرة التفصيلية لقانون المالية لسنة 2019 توخيا الإنصاف والموضوعية.

 اما بالنسبة لأولوية الإهتمام ببرامج الحماية الإجتماعية فيجب لفت الإنتباه أن المبادرة الوطنية التي ستنطلق نسختها الثالثة مطلع 2019 قد سجلت انتكاسة حقيقية في نسختيها السابقتين بفعل تذبل المغرب الترتيب العالمي في مؤشر التنمية البشرية بترتيب في مركز 123 خلف دول تعيش مآسي إجتماعية وحروب داخلية كليببا والعراق. فالمطلوب الآن وبشكل استعحالي هو تغيير نمط عمل مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية عير التفكير جديا في تعزيز المشاريع المدرة للدخل عبر تشجيع المقاولات الصغرى والمقاولين الداتيين أصحاب المهن الحرة، وتشجيع التعاونيات والمقاولات الصغرى للأشخاص ذات النفع الإقتصادي مع التأطير الجاد والفعال.