مهام مجالس الأقسام، واستدامة التعلم بسلك التعليم الإلزامي

أحمد بيضي الخميس 12 نوفمبر 2020 - 10:54 l عدد الزيارات : 219114
  • فتح الله بوعزة (°)

    تتجدد ـ مطلع كل سنة دراسية، موازاة مع تنظيم عملية “قافلة التعبئة الاجتماعية للإدماج المباشر” ـ مطالب آباء المتعلمات والمتعلمين ب”إرجاع” بناتهم وأبنائهم إلى مقاعدهم الدراسية.

وتطرح هذه المطالب مجموعة من الإشكالات المرتبطة بشرعيتها القانونية، أولا، واستعداد المؤسسات التعليمية، من حيث بنياتها التربوية، والمادية، ومواردها البشرية، وتجهيزاتها، لاستقبال هذا العدد، ثانيا.

وتطرح المطالب نفسها، معايير التمييز بين “المشطب عليهم” الذين غادروا المدرسة لأسباب شخصية، أو مرَضية، ولم يدلِ آباؤهم إلى الإدارة بما يفيد وجود أبنائهم في “رخصة ”  تستلزم مغادرتهم المدرسة بشكل مؤقت؛ وبين الذين تم فصلهم من لدن مجالس الأقسام لأسباب ترتبط بالمهارات المعرفية، والكفايات اللازمة لعبور “عتبات النجاح” المحددة من لدن الوزارة ومصالحها الجهوية، والإقليمية، من جهة، ونفاذ رصيد المتعلمات والمتعلمين من سنوات التمدرس، من جهة ثانية. 

 كما تثير مشكل اختلاف المؤسسات التعليمية ـ حدّ التناقض ـ داخل المديرية الإقليمية الواحدة ـ في تدبير وضعيات المتعلمين الراغبين في استئناف أنشطتهم الدراسية بعد التشطيب عليهم، أو فصلهم عن الدراسة؛ وكذا ملاءمة القرارات، والإجراءات المتخذة للنصوص المنظمة لإلزامية التعليم الأساس، موازاة مع الشروع في تفعيل مقتضيات القانون الإطار رقم 51 ـ 17 الذي  نص علىمواصلة التصدي للهدر والانقطاع المدرسيين، وتحسيس الأسر بخطورة ذلك؛ وإعادة إدماج المتعلمين المنقطعين عن الدراسة ، أو إعدادهم للاندماج المهني(المادة 3) . ووضع برامج متكاملة ومندمجة للتمدرس الاستدراكي لفائدة جميع الأطفال المنقطعين عن الدراسة لأي سبب من الأسباب (المادة 20)؛ كما نص ـ في المادة 22 ـ على  ضمان الدولة ـ بإمكاناتها الذاتية، أو في إطار شراكات “متابعة كل متعلم لمساره الدراسي سواء خلال فترة التعليم الإلزامي أو بعده” بالإضافة إلى “وضع برامج للتحسيس والتحفيز والمواكبة النفسية والاجتماعية للمتعلمين قصد الحيلولة دون انقطاعهم عن الدراسة وضمان متابعة مسارهم الدراسي”.

وفي هذا السياق الذي يحتج فيه الآباء بتعريض أبنائهم “للضياع”، وندرة “فرص المساواة” بين المتعلمين المشمولين بإلزامية التعليم الأساس بشكل خاص، في العودة إلى المدارس؛ وتحتج فه الإدارة التربوية بالنصوص التنظيمية، والمساطر التدبيرية، وعدم قدرة البنيات التربوية على الاستجابة لهذه الطلبات كلها. وبالنظر إلى أن مسالة خلافية من هذا الحجم تحولت إلى نزاعات بين الآباء والمدارس بث القضاء في العديد من الدعاوى المرفوعة إليه بسببها؛ تُبْرز هذه الورقة دور “مجالس الأقسام”، بوصفها فاعلا أساسا في حالتي فصل المتعلم، والسماح له باستئناف الدراسة على حد سواء؛ وكذا استثمار الإمكانات التي أتاحها القانون الإطار رقم 57 ـ 17 لانتفاع الأطفال بالتعليم؛ وتقدم بعض المقترحات  التي من شأنها حلْحلةُ هذا الإشكال، بالاتّكاء على المكتسبات الدستورية والحقوقية للطفولة المغربية؛ على أمل أن تكون مقدمة لنقاش متخصص يسهم في تعميم فرص استدامة التعلم بشكل عام، والتعليم الإلزامي منه، بشكل خاص.

1 ـ مهام “مجالس الأقسام”:

تعتبر مجالس الأقسام واحدة من “آليات التأطير والتدبير التربوي والإداري” طبقا للمادة (9) من المرسوم رقم 376  ـ 02 ـ 2 بتاريخ 17 يوليوز 2002 بمثابة النظام الأساسي لمؤسسات التربية والتعليم العمومي ، إلى جانب الإدارة التربوية، ومجالس المؤسسة الأخرى؛ ويحق لها ـ بهذا المعنى ـ إنجاز مجموعة من التدخلات التربوية الهادفة إلى تيسير شروط اندماج المتعلمين “المشكوك” في استدامة تمدرسهم في مرحلة التعليم الإلزامي ـ بناء على علامات وقرائن واضحة ـ وكذا المنقطعين فعليا عن الدراسة، أو المدمجين من المفصولين عنها، في بنية القسم تربويا، ونفسيا.

ويمكنها ـ من زاوية أخرى ـ أن تساهم في استدامة التمدرس بتعديل المسار الدراسي للمتعلم عبر آليتي التوجيه، وإعادة التوجيه، اعتمادا على “المشروع الشخصي للمتعلم” الذي ينتظر إرساؤه فعليا في المدرسة المغربية، بعد أن تم إرساِِؤه نظريا، وتنظيميا (القرار الوزيري، والمذكرات الصادرة في الموضوع).

ومن شأن “تجسير الممرات” بين مكونات المنظومة التربوية والمهنية تربويا وقانونيا؛ وإرساء الحق في العودة إلى التمدرس بعد انقطاع قصير أو طويل، أن يغنيا تدخلات مجالس الأقسام، وقراراتها أيضا، بناء على ما أسنده إليها المشرع سابقا، وما يتيحه القانون الإطار ـ حاليا ـ من إمكانات ميسرة لتأمين التعلم الاستدراكي من خلال “البرامج الوقائية للحد من الهدر المدرسي وإرساء اليقظة التربوية” (خلايا اليقظة التربوية ـ مراكز الإنصات والدعم النفسي ـ إحصاء من الطفل إلى الطفل، وقافلة التعبئة المجتمعية للإدماج المباشر)، و برامج التربية غير النظامية، ومدارس الفرصة الثانية من الجيل الجديد، والمواكبة التربوية. 

لقد أناط المشرع  بمجالس الأقسام ـ في المادة 29  من المرسوم سالف الذكر، دون غيرها من مجالس المؤسسة، مهام : “النظر بصفة دورية في نتائج  التلاميذ واتخاذ قرارات التقدير الملائمة في حقهم؛ و تحليل واستغلال نتائج التحصيل الدراسي قصد تحديد وتنظيم عمليات الدعم والتقوية”؛ بالإضافة إلى:

  • اتخاذ قرارات انتقال التلاميذ إلى المستويات الموالية أو السماح لهم بالتكرار أو فصلهم في نهاية السنة الدراسية وذلك بناء على النتائج المحصل عليها؛

  • دراسة وتحليل طلبات التوجيه وإعادة التوجيه والبت فيها؛

  • اقتراح القرارات التأديبية في حق التلاميذ غير المنضبطين وفق مقتضيات النظام الداخلي للمؤسسة.”

ويتكون مجلس القسم ـ حسب الأسلاك التعليمية ـ من: الإدارة التربوية (بمكوناتها المتنوعة حسب الأسلاك التعليمية، والمهام)؛ ومدرسي القسم الواحد، والمستشار في التوجيه، وممثل عن جمعية الآباء؛ يضاف إليهم ممثل عن تلاميذ القسم المعني، عند انعقاد مجلس القسم لأسباب تأديبية(المادة نفسها). 

ويعتبر النص الحالي متقدما عن نص سابق في الموضوع نفسه (الفصل 16 من المرسوم رقم 113  ـ 72 ـ 2 بتاريخ 11 فبراير 1972 بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التعليم الثانوي)، فقد أضاف النص الحالي إلى أعضاء مجالس الأقسام “المغيبين سابقا”: ممثل جمعية الآباء، وممثل تلاميذ القسم؛ ونص على حضور المستشار في التوجيه جميع الاجتماعات بصفته عضوا كامل العضوية؛ بدلا من حضور اجتماعات مجالس الأقسام الخاصة بالتوجيه فقط؛ مع  إضافة مهمة “إعادة التوجيه” إلى اختصاص المجلس الحالي؛ و استبدال اصطلاح “التوقف عن مواصلة الدراسة” بالفصل عن الدراسة. ونقل اختصاص التأديب من “المجلس الداخلي” إلى مجلس القسم؛

وسكوت النص الحالي ـ في طريقة اتخاذ القرار ـ  عن تمتيع  مدير المؤسسة بإمكان ترجيح الجانب الذي ينتمي إليه ـ بصفته رئيس المجلس ـ  عند تعادل الأصوات.

وجدير بالذكر أن المذكرة الوزارية رقم 98 الصادرة بتاريخ 20 يونيو 2007، “في شأن تنظيم استشارة الأسر بخصوص الانتقال إلى السنة الختامية من سلك البكالوريا” أضافت إلى مجالس الأقسام مهمة اتخاذ قرار تكرار متعلمي السنة الأولى بكالوريا الناجحين نهاية السنة الدراسية بمعدل المراقبة المستمرة الذي يساوي 10 أو أكثر ، والحاصلين ـ في الوقت نفسه ـ على معدل أقل من 8 في الامتحان الجهوي الموحد؛ واعتبرته قرارا نهائيا.

 2 ـ القرارات الصادرة عن مجالس الأقسام:

لا تخرج قرارات مجالس الأقسام عن خمس (5)، هي:

الانتقال إلى مستويات دراسية عليا، وتكرار المستوى الحالي، والفصل عن الدراسة، والبث في طلبات التوجيه، أو إعادة التوجيه؛ والتأديب الذي يمكن أن يترتب عنه ـ داخل مجالس الأقسام المنعقدة لأسباب تأديبية ـ قرار التوقيف المؤقت عن الدراسة، والذي تم استبداله ب”عقوبات بديلة” (المذكرة الوزارية رقم  867 ـ 14  بتاريخ 17 أكتوبر 2014 في شأن القرارات التأديبية المتخذة من طرف مجالس الأقسام.).

 وتتميز قرارات مجالس الأقسام ـ من حيث هي قرارات إدارية ـ بصدورها عن جهة مؤسّسَة طبقا للقانون، وذات اختصاص؛ وبكونها نافذة، وغير “قابلة للمراجعة” مالم تخالف الضوابط القانونية، كأن تفتقر إلى التعليل، أو يشوبها عيب من عيوب الانحراف في استعمال السلطة، أو “في حالة تغيير التوجيه، أو وقوع أخطاء مادية متعلقة باحتساب المعدلات ونقل النقط…” (المادة 34 من قرار لوزير التربية الوطنية رقم 2071.01 صادر في 23 نوفمبر 2001 بشأن النظام المدرسي في التعليم الأولي والابتدائي والثانوي)؛ يضاف إلى ذلك أنه لا يمكن تفويضها إلى جهة أخرى. 

وهنا، وجب التمييز بين نوعين من القرارات يؤديان إلى إنهاء المسار الدراسي للمتعلم، وعلاقته بالمدرسة؛ هما: التشطيب على المتعلم من لوائح المؤسسة، والفصل عن الدراسة. فالتشطيب قرار انفرادي للإدارة التربوية مبني على نص تنظيمي سابق ما زال قائما في لاوعي الإدارة التربوية (المذكرة الوزارية رقم 19 بتاريخ 4 يناير 1969 في موضوع “توحيد قرارات مجالس الأقسام، وكذا مجالس التوجيه”، والمذكرة الوزارية رقم 166 بتاريخ 30 يوليوز 1983 في موضوع النظام الداخلي للمؤسسات الإعدادية والثانوية)؛ ويتأسس على واقعة غياب المتعلم غير المبرر عن الدراسة لمدة شهر بداية، أو خلال الموسم الدراسي؛ دون الرجوع فيه إلى مجلس القسم.

ولا يمكن للإدارة القيام بإرجاع المشطب عليه بطريقة انفرادية ـ وإن كان قد صدر عنها بطريقة انفرادية ـ لأن النصوص التنظيمية الحالية تفرض تداول القرار في مجلس القسم، وتأسيس قراري الإرجاع، أو الرفض على تعليل قانوني واضح. وجدير بالذكر أن التشطيب على المتعلم لأسباب تأديبية (الطرد النهائي) كان يؤدي (منذ نهاية الستينات) إلى الحرمان المطلق من الدراسة بعدم قبول المشطب عليه بسائر مؤسسات التعليم بجميع أنحاء المغرب،  ووقف إمكان التسجيل مرة ثانية، بمؤسسة أخرى على إرادة المدير (رئيس المؤسسة في التسمية السابقة)؛ دون إلزامه بالأمر، حسب المذكرة الوزارية رقم 19 بتاريخ 4 يناير 1969 في موضوع “توحيد قرارات مجالس الأقسام، وكذا مجالس التوجيه”.

بينما يمثل الفصل عن الدراسة قرارا جماعيا منظما، ومطابقا للنصوص المرجعية؛ ويستحضر ـ بالضرورة ـ عدد سنوات التمدرس، والتكرار المسموح بها للمتعلم، حسب السلك التعليمي الذي ينتسب إليه. إذ يحق للمتعلم قضاء تسع (9) سنوات في السلك الابتدائي، منها ست (6) سنوات للتمدرس العادي، تضاف إليها سنتان (2) في حالة التكرار، وسنة احتياطية واحدة؛ بينما يحق للمتعلم في الثانوي بسلكيه، قضاء أربع (4) سنوات، بتكرار سنة واحدة، مع إمكان تمتيعه ـ من لدن مجلس القسم ـ بسنة احتياطية واحدة غير قابلة للتجديد مرة أخرى، مع تعليل كل قرارات التمديد (المادتان 20 و 26 من قرار لوزير التربية الوطنية رقم 2071.01 صادر في 23 نوفمبر 2001 بشأن النظام المدرسي في التعليم الأولي والابتدائي والثانوي).

ويمكن لمجالس الأقسام اتخاذ قرار السماح باستفادة المتعلمات، والمتعلمين من سنة احتياطية في اجتماعات آخر السنة الدراسية (قرار نونبر 2001، والمذكرة الوزارية رقم137 بتاريخ 04 أكتوبر 2006 التي نصت على “السماح بالعودة للتلاميذ الذين لم يتجاوز عمرهم 18 سنة مع إعطاء الأولوية للذين لم يستوفوا بعد سن إلزامية التعليم”)، من غير الحاجة إلى عقد اجتماعات متتالية مطلع السنة الدراسية الموالية ترهق الإدارة التربوية، وأطر التدريس بالمؤسسة، وتسهم دون قصد ـ  في تأخير انطلاق الدراسة، وإرباك البنيات التربوية المصادق عليها؛ ودون انتظار ما درج الآباء والمتعلمون على تسميته ب”طلبات الاستعطاف”، في نقض واضح للمكتسبات الدستورية المتعلقة بترسيم الحق في التعلم (الفصلان 31 و 32 من دستور 2011)، ولمجهودات مكونات المنتظم الدولي ـ ومن بينها المغرب ـ في” ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع، وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع”، وهو الرابع من أهداف “التنمية المستدامة 2015 ـ 2030.

ومن شأن الحسم المبكر في وضعيات”الممكن فصلهم عن الدراسة” نهاية السنة الدراسية، استمرار تمدرس عدد هام من المتعلمين، وزيادة فرص انتفاعهم بالتعليم الإلزامي؛ وإدراجهم ضمن “البنيات التربوية” للسنة الموالية، وما يستلزمه إقرارها من موارد مالية، ومادية، وبشرية.

3 ـ مجالس الأقسام واستدامة التعلم ب”سلك التعليم الإلزامي”:

من الضروري التذكير بأن لمجالس الأقسام ـ وأعضائها من المدرسين بشكل خاص ـ دورا بالغ الأهمية في رصد حالات المتعلمين المهددين بالانقطاع، أو الفصل عن الدراسة، من خلال المهمتين الأوليَيْن اللتين أسندهما المشرع إليها في المرسوم رقم 376  ـ 02 ـ 2 بتاريخ 17 يوليوز 2002 بمثابة النظام الأساسي لمؤسسات التربية والتعليم العمومي ، خاصة ما تعلق منهما ب” تحليل واستغلال نتائج التحصيل الدراسي قصد تحديد وتنظيم عمليات الدعم والتقوية”. ويمكن اعتبار ذلك استباقا لما يمكن حدوثه من انقطاع لأسباب تتعلق بكفايات المتعلمين، ومدخلا تربويا إلى الوقاية من الهدر المدرسي ب”سلك التعليم الإلزامي” الذي يمتد من أربع سنوات إلى ستة عشر سنة، حسب المادة الثامنة من القانون الإطار 57 ـ 17؛ ليشمل بذلك، التعليم الأولي، والابتدائي تحت مسمى “سلك التعليم الابتدائي”،  وكذا التعليم الثانوي الإعدادي. 

ويستدعي ذلك ـ بالضرورة ـ مراجعة النصوص التشريعية، والتنظيمية المعمول بها حاليا، والتي صدرت قبل دستور 2011، والقانون الإطار57 ـ 17 ؛ ولا تستجيب للتحولات القائمة في المجتمع المغربي، والتعديلات التي همت المنظومة التشريعية بناء على الاتفاقيات الدولية التي التزم بها المغرب، من جهة، وأهداف التنمية المستدامة 2015 ـ 2030 التي يسعى إلى تحقيقها، من جهة أخرى؛ وعلى رأسها الهدف الرابع:” ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع، وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع”.

وتقتضي مراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية المشار إليها سابقا، وتكييفها مع المكتسبات الدستورية لفائدة الطفولة، استثمار كل العناصر الإيجابية التي تصب في “المصلحة الفضلى للطفل”، وصياغتها في “إطار مرجعي” موحد، وواضح حدّ تعذرِ تأويله بكيفية فردية، أو مزاجية.

فالفصل عن الدراسة، وتقييده بالشروط المحددة في القرار المشار إليه سابقا، لم يعد لهما مبرر، في سياق تأكيد المادة 22 من القانون الإطار على ” ضمان الدولة ـ بإمكاناتها الذاتية، أو في إطار شراكات “متابعة كل متعلم لمساره الدراسي سواء خلال فترة التعليم الإلزامي أو بعده”. كما أن تمديد سن الإلزامية بسنة واحدة، يستوجب إضافة تكرار آخر إلى عدد التكرارات المسموح بها للمتعلمين؛ وتُستحبّ إضافتُها إلى مرحلة الثانوي الإعدادي من “سلك التعليم الإلزامي”؛ ليرتفع عدد سنوات التمدرس إلى خمس باحتساب سنتي تكرار، بدلا من أربع سنوات باحتساب سنة تكرار واحدة، سابقا.

ويمكن التأكيد في السياق ذاته على أن التشطيب على المتعلمين من لوائح المؤسسة، وتقييد إمكان التثليث بأحد المستويات الدراسية، لم يعد لهما مبرر أيضا، قياسا على الرهان المرغوب في تحقيقه. ومن شأن إلغاء التشطيب، أو تقييده بما يضمن حق الأطفال المشمولين بإلزامية التعليم في استدامة تعلمهم خلال “سلك التعليم الإلزامي، أن يسهم في تحقيق رهان القانون الإطار، وتقوية تدخلات مجالس الأقسام في المعالجة التربوية لظاهرة الانقطاع المدرسي، وعدم الاقتصار على قرارات الانتقال، والتكرار، و إصدار المكافآت، والعقوبات، فقط.

وجدير بالذكر أن المشرع أقر سابقا إجراء “تسريع وتيرة الانتقال من السنة الأولى إلى السنة الثانية في السلك الأول من التعليم الابتدائي” لفائدة المتعلمين بناء على مكتسباتهم، و”اقتراح من مجلس المعلمين (التسمية السابقة) وموافقة السلطة التربوية الإقليمية والجهوية المعنية” (المادة 11 من قرار لوزير التربية الوطنية رقم 2071.01 صادر في 23 نوفمبر 2001 بشأن النظام المدرسي في التعليم الأولي والابتدائي والثانوي) ؛ وهو إجراء يساعد المتأخرين في الالتحاق بالمدرسة، على استدراك تأخرهم، واندماجهم بمرونة في المنظومة التربوية، بتدارك الفارق بينهم وبين المتعلمين الذين يصغرونهم سنا في المستوى الدراسي نفسه؛ كما ينصف المدمجين عبر “قافلة التعبئة الاجتماعية للإدماج المباشر”، والوافدين من أنظمة تعليمية أخرى (التعليم العتيق مثلا) بعد تشخيص مكتسباتهم السابقة ، وتقويمها.

ويمكن اعتبار ذلك مكسبا للأطفال المحرومين، والمقصيين من التعليم لأسباب متعددة؛ ينبغي لجميع الفاعلين التربويين تكريسه، وتعميم الانتفاع به في مستويات أعلى من سلك التعليم الابتدائي على الأقل.

ولا شك في أن الوعي بضرورة استدامة التعلم، ودورها في تحقيق التنمية المنشودة؛ وقيام مؤسسات الدولة ذات الصلة بالمجال، بتأمين شروطه المادية والتدبيرية؛ والحرص على تصريف المقتضيات الدستورية المتعلقة بالتعليم، والطفولة، والتزامات المغرب بالمواثيق الدولية المنصوص عليها في ديباجة دستور 2011، عبر نصوص مرجعية واضحة تتوكأ عليها مجالس الأقسام في تدبيرها لوضعيات المتعلمين الممكن انقطاعهم عن الدراسة؛ كلها مداخل رئيسة لتجنيب المنظومة التربوية، والمجتمع المغربي، تبعات الهدر المدرسي، وتكلفته باهظة الثمن.

(°) رئيس مصلحة بمديرية التعليم بخنيفرة
تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الأحد 27 أبريل 2025 - 23:55

جامعة بني ملال تستعد لاحتضان ندوة دولية حول قضايا الإعلام في ظل التحديات الراهنة والتطورات الرقمية

الأحد 27 أبريل 2025 - 23:28

الحسيمة تشهد محطة نضالية تنظيمية لتجديد العمل النقابي وتعزيز كرامة المعلمين

السبت 26 أبريل 2025 - 20:10

المجلس الأعلى للتربية والتكوين ينظم يوما خاصا لتلاميذ أربع أكاديميات جهوية

الجمعة 25 أبريل 2025 - 15:17

عقد اجتماع بين وزير التعليم العالي عز الدين ميداوي والمرصد الوطني لمنظومة التربية و التكوين

error: