فاجعة طنجة: المجلس الإقتصادي و الإجتماعي سبق أن حذر من حوادث مفجعة بسبب ضعف ثقافة الصحة والسلامة المهنية بأماكن العمل
أنوار التازي
الإثنين 15 فبراير 2021 - 11:06 l عدد الزيارات : 24796
التازي أنوار
مر أسبوع على فاجعة طنجة التي راح ضحيتها 28 عاملة وعاملا، مخلفة أسى وحزن عميقين في نفوس المغاربة قاطبة الذين طالبوا بمحاسبة المسؤولين المتورطين في هذه الواقعة الأليمة.
و كان جلالة الملك محمد السادس قد إستفسر وزير الداخلية عن فاجعة مصنع الموت خلال إجتماع المجلس الوزاري.
ودعت فعاليات سياسية ونقابية وجمعوية، بفتح تحقيق شامل يحدد المسؤوليات و ينتج المحاسبة عن فاجعة طنجة، تفاديا لاشتغال العمال والعاملات في ظروف غير قانونية وإنسانية، وبعيدة كل البعد عن مقتضيات مدونة الشغل.
وفي هذا السياق، كان المجلس الإقتصادي و الإجتماعي و البيئي، قد كشف في وقت سابق، أن تطبيق مدونة الشغل التي دخلت حيز التنفيذ في 8 يونيو 2004، سجل العديد من النواقص على أرض الواقع.
وتتجلى هذه النواقص، حسب رأي المجلس حول الصحة والسلامة في مجال العمل، وفي ضعف ثقافة الصحة والسلامة المهنية، فبغض النظر عن الشركات الكبرى والمنظمة التي تعتبر أن العناية بالصحة والسلامة المهنية بمثابة استثمار يثمن رأسمالها البشري ويعزز موقعها وقدراتها التنافسية، فإن أغلب المقاولات المتوسطة والصغرى لا تولي العناية لتحسين شروط العمل ووسائل الوقاية، بل غالبا ما ترى في الأمر كلفة إضافية لا داعي لها.
و لاحظ المجلس، أن العديد من القطاعات لا تنضبط في الغالب حتى لبعض الإجراءات الوقائية البسيطة في مجال الصحة والسلامة المهنية. كما أن التدابير المعتمدة في الوحدات الصناعية تظل في الغالب دون مستوى المخاطر المهنية، ما يؤدي أحيانا إلى حوادث خطيرة كحريق روزامور بالدار البيضاء الذي أودى سنة 2008 بحياة 55 عاملا.
وسجل المغرب، رقما مرتفعا في حوادث الشغل يبلغ 43000 حادثا سنويا وفق إحصائيات شركات التأمين، مع العلم أن هذا المعطى يعتمد على ما تم التصريح به لدى شركات التأمين، و أن التأمين ضد حوادث الشغل يظل محدودا في القطاع الخاص. ما جعل المغرب، يسجل بحسب مكتب العمل الدولي، 47.8 حادثة شغل مميتة لكل مائة ألف عامل، ومعدل مخاطر في مجال حوادث الشغل أكبر 2.5 مرة من معدل المخاطر في دول المينا.
و بما أن فاجعة طنجة وقعت في معمل سري للنسيج، حسب بلاغ السلطات، فإن الأمر يتعلق بغياب تطبيق مقتضيات مدونة الشغل، حيث يتجلى هذا الضعف في عدة مستويات، و هي متعددة يتظافر تأثيرها لمفاقمة كلفة اقتصادية واجتماعية مرتفعة، ومن بينها ضعف التأمين في مجال حوادث الشغل حيث لا يتجاوز عدد الأجراء الذين يشملهم التأمين 2.6 مليون أجير، بالإضافة إلى مصلحة طب الشغل التي لا تكاد تنحصر في بعض المقاولات الكبرى والمقاولات المنظمة.
و سلط تقرير المجلس الضوء على محدودية جهاز المراقبة، حيث يمارس جهاز مفتشية الشغل صلاحياته في مراقبة تطبيق القانون في القطاع الخاص، وينظم لهذا الغرض عمليات تفتيش و أحيانا حملات تفتيش تستهدف قطاعات محددة. فبحسب إفادة وزارة الشغل والإدماج المهني، أنجز جهاز التفتيش في سنة 2019 ما مجموعه 36648 زيارة مراقبة، تم خلالها توجيه 636468 ملاحظة للمشغلين، منها 31824 ملاحظة تتعلق بالصحة والسلامة في العمل. وبالرغم من جهود جهاز مفتشية الشغل، فإن محدودية إمكانياته البشرية والمادية لا تسعفه في إنجاز مهامه على الوجه الأكمل.
تعليقات
0