بعد مرور سنة على تسجيل أول حالة إصابة بكورونا، كيف واجه المغرب تحديات الجائحة ؟
أنوار بريس
الثلاثاء 2 مارس 2021 - 14:58 l عدد الزيارات : 25744
أنس معطى الله
أعلنت وزارة الصحة المغربية يوم 2 مارس من السنة الماضية، عن تسجيل أول حالة بفيروس كورونا المستجد “كوفيد19″، لمواطن مغربي مقيم بالديار الإيطالية، حيث تم وضعه آنذاك بوحدة العزل المخصصة بمستشفى مولاي يوسف بالدار البيضاء.
وبعد مرور سنة على هذه تسجيل أول حالة، وصل عدد الحالات التي تم تسجيلها إلى حدود مساء يوم أمس الإثنين 1 مارس الجاري، 483 ألف و766 حالة إصابة بـ”كورونا”، وبلغ عدد حالات الشفاء 469 ألف و345 حالة، كما أودى الوباء بـ8637 شخصا، في حين بلغ عدد التحاليل التي أجريت 5 ملايين و177 ألف و88 حالة.
الجانب الصحي
بعد شهر فقط من إطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد فيروس كوفيد19، وصل عدد الأشخاص الذين تلقوا الجرعة الأولى من التلقيح، إلى حدود مساء يوم أمس الإثنين 1 مارس الجاري، 3 ملايين و568 ألف و670 شخص، فيما بلغ عدد الذين تلقوا الجرعة الثانية منه 232 ألف و980 شخص.
الحملة التي أشرف جلالة الملك محمد السادس، يوم الخميس 28 يناير الماضي، بالقصر الملكي بفاس على إطلاقها، مجانية و عامة و سيستفيد منها جميع المواطنين وتهدف إلى تحقيق المناعة الجماعية للشعب المغربي (30 مليون نسمة، على أن يتم تلقيح حوالي 80 في المائة من السكان)، من أجل تقليص ثم القضاء على حالات الإصابة والوفيات الناتجة عن الوباء، واحتواء تفشي الفيروس، في أفق عودة تدريجية لحياة عادية.
وحول هذه العلمية، قال الدكتور محمد بنعزوز، المسؤول عن البرنامج الوطني للتمنييع بوزارة الصحة، إن عملية التلقيح ضد فيروس كورونا “كوفيد 19″، تسير بوتيرة متزايدة في عدد الأشخاص الذين يتلقون التلقيح من أسبوع لآخر، مبرزا أنه في بداية الحملة كان يتم تلقيح 120 ألف شخص في اليوم، لينتقل بعدها إلى 135 ألف، ثم إلى 153 ألف شخص، ليتجاوز مع الأسبوع الماضي 185 ألف شخص.
وأضاف بنعزوز، في تصريح لجريدة “أنوربريس” الالكترونية، أنه بعد إنطلاق عملية التلقيح في مراكز حضرية ومحدودة في بعض المناطق، تمت توسعة هذه المراكز، بالإضافة إلى إدماج فئات عمرية أخرى، مضيفا أنه في بداية عملية التلقيح، كان اللقاح موجها إلى العاملين في الخطوط الأمامية بدرجة أولى، ثم الأشخاص الذين يتجاوز سنهم 75 سنة، مؤكدا في الآن ذاته، توسيع قاعدة المستفدين لتسمح بتلقيح الأشخاص الذين يفوق سنهم 60 سنة، وكذلك الأشخاص الذين يفوق سنهم 17 سنة ودون تحديد العمر بالنسبة للذين يعانون من أمراض مزمنة، وذلك “لتمكين المغاربة من الحماية الجماعية ضد فيروس كورونا في أقرب وقت ممكن”.
وحول الخلاصة المستنتجة بعد مرور سنة على تسجيل أول حالة إصابة بهذا الفيروس بالمغرب، أكد المتحدث ذاته، أن “المغاربة في حالة وضعوا أي هدف فبإمكانهم الوصول إليه، تحت قيادة الملك محمد السادس، كما استطاع المغرب بطريقة استباقية من تجاوز العديد من الاكرهات، والتي من بينها حصول المغرب على التلقيح، ووضع استراتجية وتنفيذها حيث وصل عدد الملقحين إلى ما يقارب 4 ملايين شخص وبطريقة مجانية”.
الجانب الإجتماعي
أما على المستوى الإجتماعي، فقد أبرز علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، أن المغرب عمل على مجموعة من الإجراءات، منها الحجر الصحي وكذا حالة الطوارئ التي لازالت مستمرة، مشيرا إلى أن النتائج يمكن تقييمها في عدد المصابين من جراء الجائحة وكذا حالات الشفاء ثم الأشخاص الذين فارقوا الحياة جراء هذا الفيروس.
وأضاف لطفي في تصريح لجريدة “أنوربريس” أن التقييم الأولي لتعامل المغرب مع الجائحة يمكن اعتباره متقدما جدا، خصوصا بعد تدخل الملك محمد السادس، ومتابعته لكيفية تدبير الجائحة منذ ظهور أول حالة إصابة، مضيفا أن نتائج الحجر الصحي والذي دام ثلاث أشهر كانت إيجابية جدا، رغم تداعياتها الإقتصادية والاجتماعية، ثم القيام بالمجموعة من الاجراءات على المستوى الاجتماعي.
من جهة أخرى، أبرز المتحدث ذاته، أن عملية تدبير الجائحة من قبل الحكومة عرفت مجموعة من الاختلالات والاخطاء، منها الافتقاد إلى رؤية لتدبير الجائحة بشكل أفضل، مبرزا وجود اختلالات كذلك لدى وزارة الصحة منذ البداية، سواء على مستوى البروتكول العلاجي أو على مستوى توفير الامكانيات اللوجستيكية وخاصة الموارد البشرية والتي تعاني من القلة في العديد من المستشفيات والمراكز الصحية.
ووجه رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، رسالة إلى الحكومة قصد التخفيف من قيود حالة الطوارئ الصحية، مشيرا إلى أن المواطن المغربي وخاصة الفقير وحتى الطبقة المتوسطة يعانون أكثر من جراء التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية، وكذا ارتفاع معدلات البطالة بشكل أكبر، ثم اتساع دائرة الفقر، حيث أن 4ملايين ونصف مليون أسرة تعيش من خلال الاقتصاد الغير المهيكل “اقتصاد الفراشة”، ومن شأن منعهم من مزاولة تجارتهم أن يؤدي إلى مزيد من المشاكل الاجتماعية، منبها في الآن ذاته إلى ضرورة الالتزام بالاجراءات الوقائية والمنصوص عليها من قبل السلطات الصحية.
الجانب الاقتصادي
يرى نجيب الصومعي، المحلل الإقتصادي والمالي، أن المغرب تعامل بمنطق استباقي مهم في تدبير جائحة كورونا وانعكاساتها، حيث أنه “المغرب” قرر إغلاق الحدود ووقف عدد كبير من الأنشطة الاقتصادية خلال هذه المرحلة التي كانت حساسة جدا، مبرزا أنه من بين أولى المبادرات الاقتصادية، هو وضع صندوق خاص بجائحة كورونا، والذي كان هدفه جمع 10 ملايير درهم، وتخطى هدفه في خمسة أيام بأضعاف، وهو ما جعل المغرب يتوفر على أهم منظومة للحماية الاجتماعية خاصة بملف تدبير الجائحة في المنطقة، والمتمثل في دعم الأسر، ثم المواكبة والمصاحبة من أجل المحافظة على القدرة الشرائية في المنظومة الاقتصادية الوطنية وكذا على صلابة المنظومة الوطنية لصناعة الاستقرار.
وأضاف الصومعي في تصريح لجريدة “أنوربريس” الالكترونية، أن المغرب كان من بين أولى الدول في المنطقة التي وضعت خارطة طريق واضحة للتعافي الاقتصادي، حيث رصد 12.3 مليار دولار، ووضع آلية مؤسساتية تتمثل في صندوق محمد السادس للاستثمار، وتدبير مؤسسات الدولة لها، مضيفا أن هذه الاجراءات جعل تدبير الملف الاقتصادي في خضم جائحة “كورونا” يمكن ناجحا، على حد وصفه.
وأشار المحلل الاقتصادي، إلى أنه من بين المؤشرات كذلك، بروز المغرب كقوة صناعية قادرة على انتاج العديد من المستلزمات، كانتاج الكمامات التي كانت انذاك عملة نادرة، بالإضافة إلى الأجهزة والمستلزمات الطبية، وخصوصا منها أجهزت التنفس الاصطناعي، مشيرا إلى أن هذه الاجراءات جاءت في ظرفية صعبة وصلت حد قرصنة الطائرات من قبل بعض الدول، ومؤكدا أن المغرب في طريق المرور للسرعة القصوى في الانتاج الصناعي.
وأبرز المتحدث ذاته، أن المغرب وفي إطار استخلاص الدروس من الجائحة، قرر البدء في تصنيع كل ما يمكن له أن يكون منافسا فيه، وهو أمر مهم يُضيف الصومعي، حيث سيقوي صلابة المنظومة التجاري الداخلية والخارجية للمغرب، وسيعزز موقع المغرب في سلاسل القيمة التجارية الجديدة، في إطار منطقة التبادل الحر الإفريقية والتي تتوفر على حوالي مليار ونصف مستهلك.
تعليقات
0