المجلس الإقتصادي والإجتماعي يكشف إزدواجية العثماني و أمكراز حول مشروع قانون المنظمات النقابية

أنوار التازي الخميس 3 يونيو 2021 - 12:31 l عدد الزيارات : 25744

التازي أنوار

كشف المجلس الإقتصادي و الإجتماعي و البيئي، أنه إذا كان مشروع القانون رقم 24.19 المتعلق بالمنظمات النقابية، يسعى إلى تجاوز الإزدواجية بين القطاع العام والقطاع الخاص، فإنه لم يعالج ازدواجية أخرى تعاني منها النصوص التشريعية الجاري بها العمل. و يتعلق الأمر بالإطار القانوني المنظم لعمل المنظمات المهنية للمشغلين.

وأوضح المجلس في رأيه حول مشروع القانون المذكور، أن ديباجة المشروع أغفلت المرتكزات الموضوعية التي يمكن أن تبرر مثل هذه المبادرة التشريعية، ويتعلق الأمر بالإجابة عن التحديات الجدية التي يعرفها الواقع المغربي، ومنها الحاجة إلى إصلاح الحقل النقابي الذي يعاني من صعوبات و أوضاع تهم ممارسة الحرية النقابية، و ضعف التقيد بالقانون، وإشكالات التمثيلية، و ضعف الإنتماء النقابي والمهني، والتشتت النقابي و المهني، وضعف الحوار الإجتماعي والمفاوضة الجماعية.

أما المرتكز الثاني الذي أغفلته الحكومة في إعداد هذا المشروع، يتجلى في التأكيد على أدوار المنظمات النقابية والمهنية الإقتصادية والإجتماعية باعتبارها وسائط إجتماعية تسهم في تكريس السلم الإجتماعي و تحقيق التنمية.

و ذكر المجلس في هذا السياق، أن النهوض بالعمل النقابي وتطوير الممارسة النقابية عن طريق تنظيم وضبط الإطار الذي تمارس من خلالها، يجب أن تحكمه غاية تقوية النقابات وتمثيليتها كآليات للحوار والتفاوض، ومد الجسور بين أطراف الإنتاج، وتيسير الإتفاقات لتطوير المردودية، وخلق الثروة وتقليص الفوارق الإجتماعية لتحقيق التوازن الإجتماعي بغية إقرار السلم، والإنسجام المجتمعيين.

كما أكد رأي المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي، على ضرورة الوقوف على تنزيل أحكام الدستور التي من شأنها تعزيز الحرية النقابية، خصوصا ما يتعلق بمساهمة المنظمات النقابية للأجراء والمنظمات المهنية للمشغلين في تفعيل الديمقراطية التشاركية، وفي إعداد وتفعيل وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية.

و شدد المصدر ذاته، على أن المرتكز الثالث الذي لا يجب إغفاله، هو ضرورة تأسيس المقاربة على مرجعين أساسيين هما الحق في التنظيم، والحق في الممارسة النقابية، مع تحديد موقعهما داخل منظومة الحقوق الأساسية، وكذا الإعتماد على مرجعية المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، كمرتكز رابع.

ووجه المجلس الإجتماعي والإقتصادي والبيئي، ملاحظات هامة وأساسية حول مجال تطبيق مشروع القانون، مؤكدا على هذا المشروع خاصة المادتان 10 و 11 اللتان تكرسان حرمان الإنتماء النقابي على بعض فئات الموظفين العاملين في خدمة الدولة، والخاضعين لأنظمة خاصة تمنعهم من العمل النقابي. وهو ما يخالف أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية، والسياسية، واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 الخاصة
بالحرية النقابية، وحماية حق التنظيم النقابي، التي لا تجيز وضع قيود على الإنتماء النقابي إلا بالنسبة لأفراد القوات المسلحة والشرطة.

وأوضح المصدر ذاته، أن مشروع القانون 19.24  إستعمل عددا من المصطلحات والمفاهيم دون تحديد مدلولها بشكل دقيق، الأمر الذي أثر على الإنسجام بين المقتضيات الواردة فيه وعلى مقروئية النص التشريعي. 

ولاحظ المجلس، أن مشروع القانون يكرس منع تأسيس النقابات على أساس جهوي، موضحا أن هذا المنع يبدو غير مبرر بالنسبة للنقابات، لأنه أولا، المنظمات النقابية تتمثل مهمتها في الدفاع عن مصالح فئات، وثانيا، هذه الفئات يمكن أن تتواجد في جهات دون غيرها، وثالثا، لأن التجارب الدولية تعرف نماذج لنقابات تؤسس على أساس
جهوي “فرنسا وألمانيا وكندا”، و رابعا، لأن هذا المنع لا ينسجم مع مبادئ الحرية النقابية و مع الحق في التنظيم، كما لا يتماشى مع انخراط المغرب في مسلسل الجهوية المتقدمة.

و جاء في رأي المجلس الإقتصادي و الإجتماعي، أن مشروع القانون 19.24 يحمل عددا من المقتضيات التي تكرس بعض القيود على الحرية النقابية والحق في التنظيم، وبشكل خاص على حرية تأسيس النقابات.

وبخصوص التمثيلية النقابية، سجل المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي العديد من الملاحظات تتمثل أساسا في استمرار الإختلاف في معايير التمثيلية، حيث يكرس المشروع التفاوت في المعايير التي تطبع انتخابات ممثلي الموظفين في اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء،  وانتخابات مندوبي الأجراء، كما يكرس التفاوت الواسع في المعايير بين الوظيفة العمومية والجماعات المحلية، وكذا استمرار شروط التمثيلية الوطنية لنقابات العمال وما يطرحه الإحتفاظ بعتبة 6 % من إشكالية أساسية تتعلق بتشظي المشهد النقابي.

وكذلك إشكاليات في تمثيلية نقابات العمال في القطاع العام، حيث يحدد مشروع القانون 19.24 معايير المنظمة النقابية الأكثر تمثيلا للعمال قطاعيا في مكونات القطاع العام بشكل يثير الإتباس، ولاينسجم دائما مع الحرص على تنظيم الحقل النقابي.

ويرى المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي، أن الحوار الإجتماعي هو بالدرجة الأولى ممارسة ميدانية في المقاولات والمؤسسات، وفي القطاعات الإقتصادية، وفي الإدارات و القطاعات العمومية، وفي الجهات والأقاليم. و هو ما لم يفرد له مشروع القانون المذكور مقتضيات خاصة، و اكتفى بالإشارة إليه عرضا ضمن مستويات الحوار الإجتماعي.

و خلص التقرير، إلى أن مشروع القانون 24.19 لا يعتمد دائما قواعد الصياغة القانونية الصارمة التي تتوخى الدقة و التناسق و الإنسجام. وسجل أن مواد مشروع القانون تفتقد خطا ناظما، وهو الحرص على التوافق مع مرجعين أساسيين هما الحق في التنظيم وحرية الممارسة النقابية وفق المعايير الدولية.

ولفت المجلس، إلى أن الدستور حدد أدوار النقابات و التنظيمات المهنية وجمعيات المجتمع المدني، لذلك فإن نجاح أي مبادرة تهدف إلى إصلاح الحقل النقابي و المجال المهني، يظل مشروطا بمشاركة الفاعلين والشركاء الإجتماعيين فيه، وعلى تحقيق التوافق بشأنه.

و أوصى التقرير، بضرورة إدراج الإتفاقيات الدولية في ديباجة مشروع القانون لتبيان الإطار الذي يشتغل المشرع وفق حدوده و فلسفته، خاصة أنها تنص على أن للعمال و لإصحاب العمل، دون أي تمييز، الحق، دون ترخيص سابق، في تكوين منظمات يختارونها، و كذلك الحق في الإنضمام إليها، بشرط التقيد بلوائح هذه المنظمات. 

و دعا التقرير، إلى بالتنصيص على الحق في المفاوضة الجماعية، و التي تعتبر مبدأ أساسيا إلى جانب الحرية النقابية في إعلان منظمة العمل الدولية بخصوص المبادئ و الحقوق الأساسية في العمل لسنة 1998.

كما أوصى المجلس بعدم الإقتصار على تحديد أهداف نقابات العمال و نقابات المشغلين في الدفاع فقط عن الحقوق و المصالح الإجتماعية والإقتصادية و المهنية الفردية و الجماعية منها، للأشخاص الذين تمثلهم والنهوض بها، وذلك لكون مقتضيات المادة السالفة الذكر تبدو دون مقتضيات وأحكام المادة 396 من مدونة الشغل، والتي تضيف إلى أهداف النقابات المهنية الدفاع عن المصالح المعنوية و دراسة وتنمية هذه المصالح، و تطوير المستوى الثقافي للمنخرطين بها.

و أكد المجلس، على ضرورة الإبقاء على إمكانية التعاون الدولي و الدعم المالي فيما بين المنظمات، نظرا لأن التعاون الدولي بين المنظمات النقابية يقوي القدرة التنظيمية و الإقتراحية و التفاوضية و التعاقدية،و نظرا لما يحققه من إشعاع دولي للمغرب في هذا المجال، علما أن المراقبة المالية تشرف عليها السلطات الحكومية المعنية.

و أوصى المجلس الحكومة، بعدم جعل إدارة النقابات و تسييرها حكرا على المغاربة دون سواهم من جنسيات أخرى، لأن إعتماد نص قانوني صريح يقصي الأجانب من مواقع المسؤولية النقابية و حرمانهم من تقلد المهام يتنافى مع المعايير الدولية بهذا الخصوص.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الإثنين 21 أبريل 2025 - 22:51

و أخيرا الإفراج عن اللجنة الموضوعاتية لتقييم “كارثة”مخطط المغرب الأخضر 

الإثنين 21 أبريل 2025 - 22:14

لقاء أدبي بالرباط حول فكر الراحل إدمون عمران المالح

الإثنين 21 أبريل 2025 - 21:59

مثقفون ومفكرون وشعراء وأبناء أصيلة يشاركون في تكريم الراحل محمد بنعيسى

الإثنين 21 أبريل 2025 - 20:56

عدم الالتزام بآجال الأداء يهدد الشركات الصغيرة.. الفريق الاشتراكي يطالب الحكومة بالوفاء بالتزاماتها

error: