تلاميذ المدرسة العمومية ليسوا بصعاليك يا أهل الكاميرات الشاردة…

أحمد بيضي الجمعة 11 يونيو 2021 - 00:37 l عدد الزيارات : 34016
  • د. عبدالإله حبيبي (°)

لماذا تقصد بعض الكاميرات، حتى لا أقول بعض الصحافيين المترامين على هذه المهنة، نوعا معينا من التلاميذ لتستجوبوهم عن الامتحانات والحياة الدراسية، والدروس والبرامج وغيرها، من الأمور في قالب ساخر ومليء بالضحك الباهت والإيحاءات الخبيثة، وكأن النية المبيتة هي استغلال أي فرصة لإظهار تلاميذ المدرسة المغربية أشبه بجماعات المنحرفين والصعاليك وأبعد ما يكون عن مواصفات التلميذ المثالي

     هناك قصد سياسي واضح عندما نختار عينة من الفاشلين ونعطيهم فرصة للظهور، والتحدث بلغة الرصيف الساقط من كل اللغات، حتى نؤسس لصورة نمطية للتلميذ المغربي الذي يدرس بالمدرسة العمومية، أي أن الهدف الأخير هو الإجهاز على هذه المدرسة العمومية من خلال تسويغ كل النعوت القدحية المسلطة عليها منذ زمان حتى تستفيد منافساتها في القطاع الآخر من هكذا خدمات

    لماذا يتم بالضبط التركيز على أمثال هؤلاء التلاميذ الذين يتعمدون الحديث بلغة بعيدة كل البعد حتى عن لغة الشارع العادية، إذا لم يكن ذلك من أجل بيان أن لا خير يرجى من المدرسة العمومية وأنها لا تنتج إلا المنحرفين والشواذ والمرضى والصعاليك… أصحاب هذه الكاميرات الشاردة لا أحسبهم بصحافيين، لأن أغلبهم لا يتوفر على دبلوم إعلامي عالي يسمح له بإنتاج الخطاب، وتحليل المشكلات، والتعليق على الأحداث، والبحث عن أسباب الظواهر، وقراءة الوقائع برؤيا إعلامية مهنية وبعمق ثقافي سليم ، بل أغلبهم قدموا إلى هذه المهنة من آفاق بعيدة عنها جدا

    ليكن في علم هؤلاء أنه أخيرا بلغ عدد المقبولين في مدرسة البوليتيكنيك بفرنسا ما عدده 18 من خريجي المدرسة العمومية المغربية، حيث أن أغلب الناجحين كل سنة في مباريات الدخول إلى مثل هذه المؤسسات التعليمية العليا بالمغرب وبالخارج، التي تشترط معدلات مرتفعة في الرياضيات والفيزياء والمواد الأدبية إلى جانب مباراة للولوج، أقول أغلب الناجحين هم أبناء المدرسة العمومية المغربية، ولهم انتماءات اجتماعية متوسطة إن لم نقل ينحدرون من أوساط اجتماعية مغربية متواضعةوالأمثلة لتأكيد ذلك موجودة..

    لهذا بات من الواجب التصدي لكل من يرغب في تمييع أجواء امتحانات الباكلوريا من خلال إظهار المرشحين في صورة “شماكرية” والمدرسة العمومية في صورة مقاهي الشيشة والبيرة والدعارة ، لأن الناظر في هذه الصور سيحسب أن الخراب قد حل بالبلاد والعباد، لهذا وجب ترك الوطن وكل ما فيه طمعا في بديل جاهز في جنات الغرب المزيفة…فالرداءة لا تنتج سوى الرداءة ومن يكن رديئا يبحث دوما عن تعميم صورته على كل المجتمع حتى يبرر فشله ويلصق التهمة بالآخرين..

    اسألوا عن التلاميذ النجباء تجدونهم في المدرسة العمومية، وللتذكير فأخيرا نالت فتاة مغربية من مدينة أطلسية مهمشة درجة ملكة الرياضيات لأفريقيا ، إنها فتاة مدينة مريرت حيث لا توجد صناعة ولا مدارس خاصة ولا معامل ولا هم يحزنون، ولكن هناك عقول يقظة، وأسر تحرص على تربية أبنائها تربية سليمة، ومعلمون يقومون بواجبهم، وإدارة تربوية تنهض بمهامها كما يفترض فيها، وهكذا تتحقق النتائج الباهرة، أما التسويق الرديء للرداءة فهو عمل ضد المدرسة والناس والوطن..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(°) باحث في علوم التربية والفكر الفلسفي، من أعماله الأخيرة: “نحيب الأزقة”، “سيرة الجندي المجهول”، “حوار العقل والروح”، Les Paroles de Mon Village…

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 12:07

“ظاهرة كراء فضاءات التعليم الخصوصي للمخيمات الصيفية: استغلال مادي يهدد سلامة الأطفال ويستدعي تدخلاً عاجلاً”

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 11:15

عبد النباوي: الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي يستدعي تغييرات شاملة لتجويد الأداء القضائي

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 11:12

أساتذة يعلنون خوض إضراب وطني ليومين…

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 10:19

البرلمان العربي يؤكد على الدور الهام لجلالة الملك رئيس لجنة القدس في الدفاع عن القضية الفلسطينية

error: