رئيس الفريق الاشتراكي في مناقشة مشروع البرنامج الحكومي:”سنبقى الصوت الأصيل للدفاع عن الاختلاف والتنوع داخل المؤسسة البرلمانية”
أنوار التازي
الأربعاء 13 أكتوبر 2021 - 13:50 l عدد الزيارات : 22475
أنوار التازي
أكد رئيس الفريق الإشتراكي بمجلس النواب عبد الرحيم شهيد، أنه من غير المقبول في مشروع البرنامج الحكومي الذي ينبغي أن يتفرغ للاستجابة لتطلعات المواطنين أن يقحم رئيس الحكومة عناصر غير دقيقة للقيام بقراءة سياسة غير محايدة للنتائج الانتخابية.
و أوضح النائب البرلماني خلال الجلسة العمومية المخصصة لمناقشة البرنامج الحكومي اليوم الأربعاء 13 أكتوبر 2021، أنه بدل إلتقاط الرسائل التي بعثها المواطن في استحقاقات 8 شتنبر، لاحظنا على غير المتوقع كيف تم إستثمار مخرجات هذه اللحظة التاريخية، وكيف سعت أحزاب إلى فرض أمر الواقع وتكريس نوع من الهيمة القصرية على كل المؤسسات المنتخبة لتخضع بالقوة لتوافقات قبلية من الأجهزة المركزية لهذه الأحزاب، في تناقض تام مع تطوير تجربة الجهوية التي لا تزال في بدايتها.
و شدد عبد الرحيم شهيد، على أن هذا الأمر شكل تشويشا على الآمال التي عقدها المغاربة على التناوب الجديد الذي صنعوه وضدا على الرغبة في التوجه نحو ممارسة سياسية تعددية متوازنة، انتقلنا من مرحلة الاستقواء بالاعداد إلى مرحلة التغول على العباد، والهيمنة على الحياة السياسية بكل الطرق. يقول النائب الاتحادي.
و توجه رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، في تعقيبه على عرض رئيس الحكومة، قائلا: “إن كنت السيد الرئيس الحكومة قد فضلت بشكل خاص في عرضكم التوجه إلى فرق الأغلبية مستثنيا فرق المعارضة فإننا نتوجه إليك كفريق في المعارضة لنعلن أننا نرفض المهادنة مع التضييق على مساحات التعددية السياسية وأننا سنبقى الصوت الأصيل للدفاع عن الإختلاف و التعدد داخل المؤسسة البرلمانية.”
وأكد عبد الرحيم شهيد، أن جلالة الملك أكد في خطابه على دور المعارضة الدستوري، “سنكون معارضة مسؤولة ومبادرة ومتمسكة بالدفاع عن حقوقها الكامل وحريصة على القيام بالمهام الدستورية المنوطة بها من أجل الاسهام في إنجاح المرحلة المقبلة.”
و أضاف النائب الاتحادي، “أننا سنكون مسؤولون بمبادراتنا ورقابتنا الجادة و واعون بأن حقل الخصام واضح مع الفقر والتقهقر الاقتصادي و الاجتماعي مع طغيان المنطق المالي و الفكر التقليدي الأعمى و إنحراف السياسات العمومية، و الدفاع عن المكتسبات الاجتماعية ومواجهة أي قوانين تمس بالحقوق الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية والثقافية للمواطنين.”
سنمارس معارضة مسؤولة، واعية ويقظة لحماية التعددية السياسية والدفاع عن المكتسبات السياسية والحقوقية
و أشار المتحدث، أن القناعة التي تشكلت لنا مفادها “أن تشكيلة الحكومة وهندستها الحالية بإعتبارها آلية للتنفيذ لم تكن في مستوى رهانات المرحلة الراهنة و خاصة ما يتعلق بتفعيل النموذج التنموي.”
و خلص رئيس الفريق الاشتراكي في تعقيبه، أن الحكومة رجعت إلى التشتيت وفصل القطاعات الاستراتجية عن بعضها مما قد يؤثر على العمل العمومي ويضعف الحكامة المؤسساتية، بالاضافة إلى الرجوع إلى نمط الحكومة المتضخمة خاصة مع فسح المجال لإحداث كتاب الدولة، مع طغيان التمثيلية التقنية على التمثيلية السياسية في تحمل تدبير القطاعات الحكومية، وهو ما ينعكس سلبا على تشجيع الشباب على المشاركة في الحياة السياسية والحزبية.”
و ذكر المتحدث، أن هذا النوع من الهندسة الحكومية قد يلائم تحديات الظرفية الراهنية خاصة مع إطلاق الورش الكبير المتعلق بتفعيل النموذج التنموي الجديد كمنتوج مغربي مشترك وواعد.
و أشار النائب الاتحادي، إلى أن الأوليات العامة التي جاءت في البرنامج الحكومي، كلها أهداف كبرى لن تتحقق إلا بإجراءات عملية وواقعية لم نجد لها أثر في مشروع هذا البرنامج، ولعل الدولة الاجتماعية تتير أكثر من علامة استفهام، هل سنقوي الدولى الاجتماعية بمرجعيات طالما هددت التوازن الاجتماعي بفعل الليبرالية و الرأسمالية التي تجعل الاقتصاد محكوما بمنطق الربح والسوق؟
و أكد المتحدث، أن الفريق الاشتراكي مع الارساء القوي للدولة الاجتماعية للدولة التي لا ينبغي أن تكون محايدة و التي تقوم بدور تحفيزي للفئات الاجتماعية الاكثر تضررا من خلال توفير شروط العيش الكريم والحماية الاجتماعية و العدالة المنصفة.
و أضاف، إننا مع الدولة الداعمة للتخفيف من حدة آثار نظام العولمة المتمثلة في انتاج المزيد من الفقر و الهشاشة في ظل غياب تنافسية الاقتصاد الوطني القادرة على تحقيق التوازن الاجتماعي، ونحن كإشتراكيين مع الدولة العادلة العادلة والمجتمع الداثي و المتضامن اللذان من شأنهما توفير الشروط السياسية و الاجتماعية وفق مقاربة إستباقية من أجل مواكبة التحولات الوطنية و الدولية.
و لفت عبد الرحيم شهيد، أن هذه هو النموذج الذي برهنت عنه بلادنا من خلال العلاقة المتناغمة التي تمت بين الدولة والمجتمع في لحظة الأزمة الوبائية، بمختلف أجهزتها ومؤسساتها حرصا على سلامة و صحة المواطنين.
و خلص، إلى مشروع البرنامج الحكومي جاء بإجراءات تعد إستمرارا للمراحل السابقة دون القطع مع سياسات عمومية معتمدة في المجال الإجتماعي. مع تغليب التدبير المالي لقضايا إجتماعية وسياسية وحقوقية و ثقافية من قبيل النساء والشباب و الامازيغية، و الأجدر أن يكون تدبير هذه القضايا الاساسية شاملا ومنذمجا. مضيفا أن الحكومة لم تطرح تصورا للحلول المناسبة في مجال التربية و التكوين وتحسين التكوين و بعض المشاكل التي لازالت قائما و التي وعدت أطراف في الاغلبية الحكومية بحلها و على رأسها ملف الأساتذة المتعاقدين.
البرنامج الحكومي تعاقد مسؤول وليس وثيقة تسويقية و يجب الحذر من الأرقام الحالمة وهذا المشروع لم يستجب للانتظارات المأمولة و لم يرقى إلى مستوى التناوب الجديد
و أكد رئيس الفريق الإشتراكي على أهمية الاسراع بتفعيل المقتضيات الدستورية التي تعطلت طيلة عقد من الزمن في مجال حقوق الانسان و المجتمع المدني. و ضرورة إخراج هيئة المناصفة و محاربة كل أشكال التمييز و المجلس الاستشاري للشباب و العمل الجمعوي إلى حيز الوجود، و العمل على تقوية مهام المندوبية الوزارية لحقوق الانسان و تجديد السياسات العامة والعمومية المتعلقة بالمنظومة الحقوقية.
وبالمقابل، شدد المتحدث، على أن البرنامج الحكومي تعاقد مسؤول وليس وثيقة تسويقية، وبالتالي يجب الحذر من الأرقام الحالمة. معتبرا “أن مشروع البرنامج الحكومي لم يستجب للانتظارات المأمولة و لم يرقى إلى مستوى التناوب الجديد، وبالتالي فإن تصريح الحكومة و إن إهتم بالقضايا الاجتماعية و الاقتصادية لا يرقى إلى اللحظة التاريخية الموسومة بإطلاق النموذج التنموي. فهو تصريح نوايا لا يكشف عن المدة الزمنية للتنفيذ و آليات التنفيذ، و تصريح ملتبس يتحدث عن الابتكار لكنه يتحدث أيضا عن استراتيجيات مكملة في مجالات تتطلب القطع مع ريقة تدبيرها خلال العقد الاخير.”
كما أعلن الفريق الاشتراكي أنه سيصوت بالرفض على مشروع البرنامج الحكومي و سيحرص على القيام بالمهام الرقابية على الوجه الاكمل بما فيها تسهيل مهام الحكومة في كل ما يخدم المصالح العليا للبلاد.
وختم قائلا: “إن نجاح الأداء الاجتماعي رهين بتحسين تعبئة الموارد المالية الوطنية، و مشروط كذلك بضرورة عقلنة الانفاق العمومي و توجيه الاستثمار الاقتصادي بطريقة تجعل نتائجه حاسمة في تحسين شروط عيش المواطنين، فالاقلاع الاقتصاي الحقيقي يتطلب عدم التمادي في السياسة النقدية والمالية لأنها في النهاية تنعش عوامل الافلاس المقاولاتي و بالتالي فقدان مناصب الشغل و تقهقر المستوى المعيشي للأسر المغربية وتفاقم عجز صناديق الاحيتاط الاجتماعي بسبب تراجع نسبة التشغيل، كما أن التطور الاقتصادي لم يتم إلا بالحد من المضاربات و الاحتكارات و اقتصاد الريع، مما يستوجب الاقدام على تغيير شامل في مناخ الاستثمار وتسهيل عمل المقاولات الصغرى والمتوسطة و الادماج التدريجي للقطاع غير المهيكل. “
تعليقات
0