في 24 من شتنبر الماضي، أعلنت الصين عدم مشروعية جميع المعاملات المرتبطة بالعملات المشفرة. وكان لهذا القرار الذي اتخذه البنك المركزي الصيني أثر مفاجئ في الأوساط المالية الدولية، مما أدى إلى انخفاض سعر العملة الافتراضية، بما في ذلك (بيتكوين) التي تراجعت قيمتها بنسبة 6,2 في المائة، إلى 41.941 دولار.
وبعد أقل من شهر فقط من حظر الصين للمعاملات بأصول مشفرة، عاد سعر بيتكوين، التي تسيطر على ما يقرب من 44 في المائة من رسملة سوق الأسهم، ليرتفع من جديد. وعلى إثر هذه الأحداث، وعلى غير هوى الحكومة الصينية، تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية من احتكار إنتاج بيتكوين على مستوى العالم.
وعلى إثر قرار التخلي عن العملات المشفرة، وجدت الصين، التي لطالما كانت الدولة الرائدة عالميا في مجال العملة الافتراضية، نفسها وقد أفسحت المجال للولايات المتحدة الأمريكية في حيث سجلت أنشطة خلق وحدات رقمية جديدة للعملات الافتراضية لديها ارتفاعا بنسبة 428 في المائة، منذ أن بلغت “الحملة المناهضة” للعملات المشفرة التي اطلقتها بيكين، ذروتها.
وبما أن مصائب قوم عند قوم فوائد، فإن الصين، التي كان هدفها من حظر صفقات العملة الافتراضية هو وقف تضخم الاستثمارات وجمع الأصول بطرق غير مشروعة، تقدم الآن هدية غير متوقعة لمنافستها الأبدية، الولايات المتحدة الأمريكية التي سارعت إلى الترخيص لها.
هذا القرار الصادر عن هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC)، وهي الهيئة المنظمة للسوق المالية في الولايات المتحدة الأمريكية، التي رخصت التداولات على عملات مشفرة، سيسمح للمستثمرين بالتداول على أسعار العملات المشفرة، وبالتالي يمهد الطريق لإضفاء الطابع الديمقراطي على العملة الافتراضية.
ولقد أدت مأسسة بيتكوين بالولايات المتحدة، على الفور، إلى تعزيز أسعار أكبر عملة رقمية في العالم، والتي ارتفعت من 41 ألف دولار في 28 شتنبر الماضي إلى 62 ألف دولار في 18 من أكتوبر الجاري. وتسير بيتكوين الآن في طريقها إلى بلوغ قيمتها القياسية البالغة 64 ألف و800 دولار، التي بلغتها في منتصف أبريل الماضي.
وهذا المنحى التصاعدي الذي سجلته بيتكوين من الممكن أيضا أن يكون له تأثير إيجابي على باقي العملات المشفرة (بدائل بيتكوين)، بما في ذلك الايثيريوم، العملة الرقمية الثانية في العالم التي شهدت صعود أسعارها، حيث بلغت 3 آلاف و830 دولارا للإثير الواحد، بعد أن انخفضت إلى 3 آلاف و 416 دولارا في الأسبوع الماضي.
وفي ظل بروز نظام نقدي عالمي جديد، تبقى الدوافع الحقيقية التي حدت بالصين إلى حظر العملات المشفرة محط تساؤل، إذ من المحتمل أن يشكل هذا القرار هدية “مسمومة”، نظرا للتقلبات والمضاربات الشديدة التي تهيمن على عالم الأصول المشفرة، والتي يثير استخراجها أيضا مشكلة الاستهلاك المفرط للكهرباء.
ومن المعلوم أن سوق العملات المشفرة متعود على التقلبات القوية للأسعار. ففي غضون اثني عشر شهرا، ارتفع سعر بيتكوين من نحو 10 آلاف دولار في شتنبر من عام 2020، إلى مستوى تاريخي، بلغ نحو 65 ألف دولار في شهر أبريل الماضي، قبل إجراء تصحيح مفاجئ أدى إلى سعر يقل عن 30 ألف دولار في شهر يونيو الماضي.
تعليقات
0