الفريق الإشتراكي بمجلس المستشارين ينتقد تعاطي الحكومة مع القطاعات الإجتماعية
أنوار التازي
الأربعاء 17 نوفمبر 2021 - 20:10 l عدد الزيارات : 21835
التازي أنوار
أكد يوسف ايذي رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، أن المواطن المغربي يعاني من تبعات الأزمة الصحية والاقتصادية الخانقة، وفي حاجة لدعم قدرته الشرائية وفي دعم الاستهلاك والطلب الداخلي.
و أشار ايذي، إلى أن الحكومة قررت فرض رسوم جديدة من خلال مشروع قانون المالية المقبل، على عدد من المواد والسلع واسعة الاستهلاك من طرف الطبقتين المتوسطة و الفقيرة وخصوصا على تلك المفروضة على المنتجات والآلات والأجهزة التي تشتغل بالكهرباء؛ الآلات الإلكترونية؛ والبطاريات المخصصة للمركبات، مما ستثقل ميزانية المواطن البسيط وستخلف صدى سيئا لديه “أن هذه الحكومة لا تبحث عن تخفيف أثار الجائحة عليه بقدر ما تبحث عن حسابات مالية لا تضع هم خدمة المواطن في صلب اهتماماتها.”
و أضاف، رئيس الفريق الإشتراكي، “كما يعاني المستهلكون، فإن المواطن الذي يفكر في خلق مقاولته الخاصة تعترضه عراقيل كثيرة، لعل أكبر تلك المرتبطة بالحصول على العقارات أو تعقد بعض المساطر الإدارية، وتبقى مشاكل التمويل من بين أكبر المشاكل التي تواجه المقاولين الشباب المغاربة.”
و شدد المستشار الإتحادي، خلال المناقشة العامة لمشروع قانون المالية برسم سنة 2022، بلجنة المالية و التخطيط و التنمية الإقتصادية، اليوم الأربعاء 17 نونبر، أن برنامج فرصة، وهي مبادرة جيدة، لكنها تحتاج الى التجويد لتحقق غاياتها في خلق فرص حقيقية للشغل فمبلغ 1,25 مليار درهم ل50000 قرض/مشروع أي ما يعادل 25000 درهم لكل مشروع في المعدل، وهو مبلغ هزيل بكل المقاييس ولا يستجيب للحاجيات التمويلية لمشاريع الشباب. مؤكدا أن هذا الغلاف المالي يحكم على هذا المشروع بالفشل منذ البداية. فبالنظر إلى كلفة العقارات والمنقولات وكل المصاريف التي تنتظر أي مقاول في بداياته نرى أن هذه القروض أقرب لمنطق القروض الصغرى التي عادة ما ينتهي المطاف بأصحابها باستهلاك القرض قبل أن يبدأ المشروع، ونحن نعرف مآل المشاريع السابقة في هذا الاطار. يقول يوسف أيذي.
و قال رئيس الفريق الإشتراكي في مداخلته، “كنا ننتظر أن تقوم هذه الحكومة بدعم قوي لقطاع الصناعة الوطني، لكن لما رأينا أن الحكومة تقترح تخفيف العبء الضريبي من 28 إلى 27 في المائة بالنسبة للشركات الصناعية التي يقل ربحها عن 100 مليون درهم، استنتجنا أن الحكومة تعوزها الجدية والرؤية القوية فيما يخص دعم القطاع الصناعي المغربي، الذي وضعه النموذج التنموي في صلب الدينامية الاقتصادية التي ستحقق أهداف النموذج في أفق 2035.
و أشار، إلى أن تطوير ودعم قطاع صناعي وطني رائد ومبدع وقادر على التنافسية من بين الأهداف الكبرى لبلادنا، داعيا الحكومة الحالية للذهاب بعيدا في هذا الباب، لأنه من دون صناعة لن يتحقق نمو اقتصادي ولن تتطور صادرات المغرب الخارجية ولن تعالج الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الميزان التجاري المغربي على مستوى العجز الذي يسجله منذ سنوات والذي ما فتئ يزداد سنة بعد أخرى.
و علاقة بموضوع التشغيل، أوضح ايذي، أنه إذا كان نظام المقاول الذاتي وسيلة لدى الكثيرين، فإنه ليس جذابا بما يكفي لكي يشجع المبادرة الحرة والمقاولاتية في بلادنا. فالحكومة متشبثة بأن يبقى في ظل شروط غير منصفة، إذ تقول أن رقم معاملاته لا يجب أن يتجاوز سنويا 500000 درهم فيما يتعلق بالأنشطة الصناعية والتجارية والأنشطة الحرفية و200000 درهم فيما يتعلق بمتعهدي الخدمات. و أضاف “نحن في الفريق الاشتراكي نرى أن هذه الشروط لن تجعل هذا النظام يتطور ليتحول إلى مقاولات رائدة في مجالاتها ولن يجذب مزيدا من الكفاءات لسوق الاستثمار.”
وذكر المتحدث في مداخلته بحضور وزيرة المالية و الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، أن مشروع قانون المالية، ومن خلال ما رصده من موارد لقطاع الصحة الذي يعاني الكثير خلال الأزمة الصحية، غير قادر على تحقيق مجموعة من الغايات، وهو ما سيعمق مشاكل المواطنين المغاربة في مواجهة قطاع صحي غير مؤهل للإستجابة لطموحاتهم. مضيفا أن هذا الأمر ينطبق أيضا على قطاع التعليم، الذي تنوي الحكومة الاستمرار في التوظيف فيه من خلال إغراقه بالمتعاقدين من موظفي الأكاديميات، و ونحن نرى الآن الآثار السلبية لهذه السياسة سواء على الاستقرار الدراسي أو على جودة خدمات التعليم في بلادنا. وهذا يتنافى والأهداف التي جاءت بها الرؤية الاستراتيجية للتعليم 2015-2030 التي مر الآن ثلث الوقت المخصص لتنزيلها من دون أن تتحقق أهدافها الكبرى.
و عبر الفريق الإشتراكي بمجلس المستشارين، عن استغرابه من ضعف عدد المناصب المالية المخصصة وزارة التعليم العالي والابتكار، التي حددها القانون في 800 منصب جديد و700 منصب تحويلي من الوظيفة العمومية. وهو ما يؤكد أن هذه الحكومة ليست جدية فيما يخص تطوير البحث العلمي في بلادنا، ولم تضعه في صلب اهتمامتها. كما أنها لم تقرأ بما يكفي من العمق ما ورد من مقتضيات في النموذج التنموي الجديد الذي يعول على البحث العلمي وتأهيل الرأسمال البشري خدمة لقضية التنمية في بلادنا.
و أكد المصدر ذاته، أن ما يبرز غياب الجدية في دعم البحث العلمي أيضا فيما خصصه هذا المشروع للصندوق الوطني لدعم البحث العلمي والتنمية التكنولوجية الذي حدد في 22.500.000 درهم، دون رفع ميزانية دعم البحث العلمي إلى ما يفوق 2 في المائة من الناتج الداخلي الخام للبلاد.
و تساءل، عن ماذا فعلت الحكومة لحل الإشكالات المرتبطة بالسكن ، وتخفيف الضغط على القدرة الشرائية للطبقة الوسطى؟ هل هناك برنامج جدي وطموح للسكن، أمام غلاء الكراء والشراء ما يهدد القدرة الشرائية للطبقة الوسطى أساسا والطبقات الدنيا؟ هل فكرت الحكومة في معالجة الاختلالات التي تعرفها برامج السكن ببلادنا؟
وسجل الفريق الإشتراكي، أن ما يقدمه مشروع القانون للقطاع السياحي الذي تضرر بفعل كورونا، لا يشكل وسيلة لإنقاذ هذا القطاع المهم مغربيا، سواء على مستوى دعم قطاعات أخرى مثل قطاع النقل البري والسككي والجوي أو قطاع الصناعةالتقليدية أو على مستوى خلق وظائف مباشرة في قطاعات الفندقة والمطعمة وغيرها، مؤكدا أن هذه الحكومة لم تتخذ حلولا هيكلية لانقاد القطاع من مشاكله الحالية خصوصا بعد التقدم الهائل في حملة التلقيح التي أعطى انطلاقتها وأشرف عليها صاحب الجلالة، مما جنب بلادنا مخاطر الاغلاق الاقتصادي وكذا خسائر أرواح المواطنين والمواطنات المغاربة.
و بخصوص الميزانيات المرصودة لقطاع الثقافة في مشروع المالية الحالي، لاحظ ايذي، أنها غير قادرة على تثمين المنتج الثقافي ببلادنا، والذي يجب أن يوظف أحسن توظيف تماشيا مع رؤية جلالة الملك في تطوير رأسمالنا اللامادي الذي سيكون في خدمة السياحة وإشعاع المغرب الخارجي.
و لفت إلى أن الحكومة تجاهلت دعم وتقوية مؤسسات الحكامة، رغم أن أهميتها الكبيرة جدا للتنمية الاقتصادية وللاستقرار الاجتماعي.
و خلص قائلا: كانت حكومة التناوب برئاسة حزبنا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سباقة في وضع أسس مؤسسات حكامة في بلادنا، وجاء دستور 2011 بصلاحيات أقوى لها، لكن للأسف لم يتم تقويتها لتؤدي أدوارها في الواقع، ولا نرى أن ذلك سيتحقق في ظل هذه الحكومة التي تتجنب الحديث عن أدوار هذه المؤسسات المهمة للديمقراطية والتنمية والاستقرار واسترجاع ثقة المواطنين في المؤسسات ببلادنا.”
تعليقات
0