رئيس النيابة العامة يكشف بالأرقام معضلة زواج القاصر بالمغرب

أنوار التازي الإثنين 29 نوفمبر 2021 - 12:08 l عدد الزيارات : 23700

أنوار بريس

قدم الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، نتائج “دراسة تشخيصية حول زواج القاصر بالمغرب.”

وأوضح الحسن الداكي، اليوم الإثنين 29 نونبر في لقاء بمراكش، أنه إذا كانت الضمانات المسطرية المحيطة بزواج القاصر في مدونة الأسرة تعكس رغبة المشرع في تكريس الطابع الاستثنائي لهذا الزواج، وجعله في حدوده الدنيا، فإن الإحصائيات المسجلة في هذا الصدد، تعكس واقعا لا ينسجم مع رغبة المشرع، وتبرز ارتفاع الأرقام المسجلة سنويا بالرغم من المجهودات المبذولة من طرف جميع الفاعلين في الحد من هذا الزواج، علما أن جانبا من حالات زواج القاصر يبقى غير ظاهر في الإحصائيات المعلن عنها كزواج الفاتحة وغيره، مما يجعلنا أمام معضلة تستوجب المزيد من اليقظة وتظافر الجهود.

وكشف رئيس النيابة خلال هذا اللقاء، أن نسبة الملتمسات الرامية لرفض تزويج القاصر برسم سنة 2019، بلغت ما نسبته 58,4 في المائة من مجموع الملتمسات المقدمة في الموضوع. في حين شكلت هذه النسبة 36 في المائة سنة 2018، كما ارتفعت هذه النسبة سنة 2020 إلى 65 بالمئة من مجموع الملتمسات، وقد انعكس هذا المنحى الإيجابي كذلك على مستوى الإحصاء العام لأذونات زواج القاصر، والذي عرف انخفاضا مضطردا برسم السنوات 2018 و2019 و2020 مقارنة بسنة 2017.

و أكد الداكي في تقديمه لهذه الدراسة، أن هذه الأخيرة تجسد أرضية بالغة الأهمية مبنية على معطيات علمية دقيقة مستقاة من واقع الممارسة العملية بالمحاكم في قضايا زواج القاصر التي تناولتها بالتحليل في محور أول، لتعمل في محور ثان على البحث في المعطيات الميدانية ذات الصلة بالقاصرات موضوع هذا الزواج، حيث استقرأت خصوصية محيطهن الاجتماعي والثقافي والاقتصادي.

ومن نقط القصور التي وقفت عليها دراسة المعطيات القضائية ضعف اللجوء للمساعدات الاجتماعيات بالمحاكم لإجراء الأبحاث الاجتماعية في ملفات زواج القاصر بنسبة لا تتجاوز 12 بالمئة ، كما أن نسبة كبيرة من الأذونات بزواج القاصر لا يتم اللجوء فيها إلى الخبرة الطبية بنسبة تتجاوز 43 بالمئة ، علما أن كلا من الخبرة الطبية والبحث الاجتماعي عندما يُنجزان على الوجه المطلوب يُعينان القاضي على تقدير مصلحة القاصر من الزواج من عدمها. بينما اتضح من الدراسة الميدانية أن الأوساط الاجتماعية التي تُعاني من الهشاشة هي الأكثر إنتاجا لزواج القاصر، فضلا عن وطأة الأعراف والتقاليد والتأويل الخاطئ للدين التي تعد من الأسباب الأساسية الدافعة لخيار الزواج المبكر.

و أشار الداكي، إلى أن هذه المعطيات خلصت في المحور الأخير للدراسة إلى استنتاجات، تلقي الضوء على الأسباب المختلفة التي تقف وراء ارتفاع أرقام زواج القاصر في المجتمع. وقد مكنت هذه الاستنتاجات من اقتراح خطة طريق تهيئ لمستقبل العمل القضائي من جهة، والعمل التشاركي المتعدد التدخلات من جهة أخرى، وذلك من خلال توصيات تأمل رئاسة النيابة العامة أن تساعد وترشد المتدخل والممارس والمهتم بالموضوع.

وخلص المصدر ذاته، إلى أن هذه الدراسة قد تشكل وثيقة مرجعية من شأنها الإسهام في رسم ملامح التدخل التشريعي المرتقب، بما يكرس احترام بلادنا لحقوق الطفل، وانخراطها كشريك دولي في ذلك. مشيرا إلى أن فريق العمل، الذي أشرف على إعداد هذه الدراسة يتكون من قضاة وأطر قطب النيابة العامة المتخصصة والتعاون القضائي برئاسة النيابة العامة وقضاة النيابة العامة بالمحاكم.

وذكر أن موضوع زواج القاصر يستدعي “منا جميعا وقفة للتأمل والمراجعة، كونه يسائل الجهود المرصودة لحماية الطفولة ببلادنا،” كما أنه ولاشك مؤشر من بين مؤشرات قياس التنمية ببلادنا، يجب استحضاره في مخططاتنا من أجل تنفيذ الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس في قيادته للنموذج التنموي الجديد للمملكة.

وشدد الحسن الداكي، أن رئاسة النيابة العامة، جعلت موضوع زواج القاصر ضمن أحد أهم انشغالاتها لتعزيز حماية الطفل، وعبرت عن ذلك من خلال سعيها لتطوير دور قضاة النيابة العامة والرفع من قدراتهم المعرفية في هذا المجال، وسعت إلى طرح الموضوع واسعا للنقاش مع باقي المتدخلين الذين يُعنون به في عدد من اللقاءات الدراسية التي نظمتها، كما أصدرت ثلاث دوريات في الموضوع ضمنتها توجيهاتها للنيابة العامة، والتي تهدف بالأساس إلى تفاعلها بإيجابية مع جميع قضايا الأسرة، وإلى استحضار المصالح الفضلى للأطفال وحقوقهم في المقام الأول، ودعتهم إلى تفعيل ذلك من خلال الحضور في جلسات الإذن بتزويج القاصر، وتقديم الملتمسات الضرورية في الموضوع، مع جعل زواج القاصر ضمن أولويات خطة عمل خلايا التكفل بالنساء والأطفال، وإشراك جميع الفاعلين في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالمحافظة على المصلحة الفضلى للقاصر.

و أضاف “هي جهود تأكدت نجاعتها وفعاليتها عند التقييم، حيث أسفرت عن استرجاع ما يقارب 2000 فتاة انقطعن فعلا عن الدراسة بجهة مراكش آسفي لوحدها، وتمت إعادتهن إلى مقاعد الدراسة.”

و حددت مدونة الأسرة ســن الــزواج بالنسبة للفتى والفتاة في 18 ســنة شمســية، ولم تسمح بإبـرام زواج من لم يبلغ هذه السن إلا استثناء ووفق ضوابط خاصة، تتمثل في إسناد اختصاص الإذن بإبرامه لقاضي الأسرة المكلف بالزواج، و ضرورة الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي، وضرورة موافقة النائب الشرعي على هذا الزواج، و الاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي، و كذا تعليل مقرر الإذن بالتزويج تعليلا يبين المصلحة والأسباب المبررة له.

وحضر هذا اللقاء بمناسبة تقديم هذه الدراسة وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، و وزير الصحة والحماية الاجتماعية، و وزيرة التضامن والادماج الاجتماعي والأسرة، وممثلة منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونسيف بالمغرب، والرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بمراكش، والوكيل العام للملك لديها، والمسؤولون القضائيون.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 10:57

وضعية تحملات وموارد الخزينة تفرز حاجيات تمويل بقيمة 15,5 مليار درهم

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 10:51

المجلس الأعلى للسلطة القضائية يناقش مستقبل التكنولوجيا الحديثة في المجال ‏القضائي

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 10:50

مندوبية التخطيط تقف عند ارتفاع الأسعار…

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 10:44

جماعة سيدي قاسم تبرمج فائض ميزانية 2024 في مشاريع لإعادة الهيكلة والبنية الكهربائية والحماية من الفيضانات

error: