محمد اليزناسني
الخميس 6 يناير 2022 - 06:54 l عدد الزيارات : 22253
أظهرت جائحة كوفيد-19 مدى تأثير المعلومات المضللة على المجتمع، كما شرح لوكالة فرانس برس سيباستيان دييغيز، الباحث في علم الأعصاب في جامعة فريبورغ (سويسرا) والمؤلف المشارك لكتاب “لو كومبلوتيسم”.
Ξ ما هو تقييمك لهاتين السنتين من التضليل الهائل؟
↵ للمرة الأولى، نواجه فعليا فشل النموذج الإعلامي بالمعنى الضيق. هذا أمر عرفناه بالنسبة إلى المناخ: لا يكفي إعطاء الحقائق أو نشر العلم لخلق الدعم أو حتى جعل الناس يفهمون ما يجري.
مع كوفيد، أصبح الأمر واضحا . في البداية، لم يكن أحد يعرف شيئا ، وبالتالي تشكل العلم (حول الفيروس) تدريجيا وبسرعة، مع أوجه عدم يقين وتردد.
في غضون ذلك، كان الناس يؤلفون سجل معرفة خاصا بهم، أحيانا من خلال المعلومات المضللة المنتشرة على الانترنت، أو من خلال ما يتناقله الناس، وأحيانا أخرى من نسج الخيال، أفكار تدور في أذهانهم حول ماهية المرض.
ما أظهرته لنا هذه الجائحة هو أن المعلومات المضللة هي موضوع قائم بذاته: إنها ليست مجرد عقبة، مجرد أخبار مزعجة تتعارض مع المعلومات. المعلومات المضللة تنتج يوما بعد يوم، وهي سريعة وانتهازية، وهي أيديولوجية أكثر مما هي ساذجة.
إنها أمر ديناميكي ونشط ينخرط فيه الناس. كنا نعرف ذلك إلى حد ما، لكننا لم نتلقها أبدا بهذه الطريقة، في وجهنا مباشرة.
هذه نقطة مهمة جدا يجب أن توجه خطى العلماء والباحثين والسلطات والصحافيين: يجب عدم اعتبار الأخبار المضللة مجرد هراء بل اعتبارها مشاريع حقيقية ذات طبيعة سياسية.
يجب بالطبع تصحيح المعلومات الخاطئة لكن يجب أن نفهم أن هناك مجموعة من محبي المعلومات المضللة الذين يدعمونها ليس لأنها خاطئة، بل تحديدا لأنها خاطئة وتنفيها السلطات ومرفوضة. ذلك يجعلها جذابة.
لذلك، هم ليسوا أشخاصا نستطيع أن نوعيهم من خلال نقل المعلومات الصحيحة إليهم. هم يتوقعون أن يتم وصفهم بالسذج أو بأنهم من محبي نظريات المؤامرة.
درس آخر تعلمناه من الوباء: هم ليسوا أشخاصا معزولين تماما أو مجموعة صغيرة من الأشخاص الحمقى.
Ξ ما هو تأثير ذلك على المجتمع؟
↵ الأشخاص الذين يدعمونها بقوة لديهم مهمة في العالم الواقعي. يمكنهم التأثير على القرارات: ستحاول السلطات عدم إغضابهم، خوفا من ردود الفعل والتظاهرات وما إلى ذلك وهذا سيجعل صانعي القرار السياسي حذرين جدا .
للمعلومات المضللة آثار عدة: فهي مضللة لكنها ستغير أيضا بيئة فكرية عامة وسيكون لها تأثير على ما سيقال، بسبب ضغط مجموعة تشكل أقلية صغيرة لكنها صاخبة جدا .
هناك انطباع، حتى لو كان من الصعب إثباته، أنه تم تكييف مكافحة الفيروس مع تشكيك البعض، على سبيل المثال بحملات التحصين، الأمر الذي أثار استياء العديد من الباحثين.
وهذا الأمر صحيح أيضا في المحادثات اليومية: لم يعد الناس يريدون التحدث عن الفيروس لأنهم يعلمون أن هذا الشخص أو ذاك لا يتفق معهم في آرائهم وسيتشاجرون،”.
يجد الناس أنفسهم مجبرين على اختيار طرف، لقد دخل مفهوم التضليل والتآمر إلى قلب العائلات، وهو يمزق الصداقات والفئات الاجتماعية، هناك استقطاب وتطرف.
“كيف أقنع أفراد عائلتي بالتوقف عن مشاهدة مقاطع الفيديو هذه؟” أو “لقد فقد معارفي الاتصال بالواقع تماما “… إن ذلك يشكل أيضا مصدر قلق للناس.
إنهم يخافون مما أصبحت عليه بيئتهم الاجتماعية أكثر مما يخافون من الفيروس، هناك حاجة إلى إصلاح الدمار الذي تسببت به المعلومات المضللة.
Ξ هل نحن اليوم مجهزون بشكل أفضل لمحاربة المعلومات المضللة؟
↵ للأسف لا. لكن قد يكون لدينا درس أول: إذا أردنا نشر العلم، يجب ألا ننسى العلوم الإنسانية (مثل علم النفس الاجتماعي).
يجب معرفة كيف يتصرف الناس، وكيف تعمل هذه المعلومات المضللة، وكيف يتم تداولها. وذلك يجب أن يحصل بالتعاون مع علماء الأوبئة وعلماء المناخ الذين لا يستطيعون إيصال رسالتهم.
تستغل المعلومات المضللة كل وسائل الاتصال الجديدة والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي… لكنها وسائل يمكننا إعادة السيطرة عليها للحصول على معلومات.
وهناك أيضا تقصي الحقائق والصحافة عموما، لكن هناك أيضا القوانين التي يجب أن تتكيف مع الواقع: هل نفرض رقابة أم لا؟ (على المعلومات المضللة التي يتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي) وعدم الاكتفاء بلجان أو تقارير من هنا وهناك.
تعليقات
0