عقل التلفزيون الرسمي المعطل: “فتح الأندلس” الذي يمس بتمغربيت
محمد اليزناسني
الثلاثاء 12 أبريل 2022 - 09:10 l عدد الزيارات : 10976
بقلم سعيد جعفر
يستثمر المغرب كثيرا في الهوية الوطنية الجامعة. إذ يمكن القول أن هذا الورش يشكل فلسفة وعقيدة لنظام الحكم ولا يمضي يوم واحد لا يقوم فيه بجهود من أجل تأمين الهوية المغربية. وفي كل قرارات المملكة هناك رهانان متوازيان السيادة والهوية ولا يتم التقرير إلا من داخلهما.
السيد فيصل العرايشي مدير عام القطب العمومي هو واحد من ثقاة الملك، وهو المؤتمن على حماية الهوية الوطنية بكل روافدها، وهو متمكن جدا من دفتر تحملات شركة صورياد التي يرأس مجلسها الإداري بصفته مديرا عاما للقطب العمومي ككل..
ما الذي حدث حتى يتم المساس بالهوية الوطنية ويقع تحريف كبير لوقائعها فيتم المساس ببنية الهوية الوطنية وتحريف لأمجادها؟ لماذا تعطلت كل ملكات حماية الهوية الوطنية الجامعة لصالح تأويل قومي مشرقي مغرق في تعاليه ووصايته يمتح من مصادر كولونيالية ثبت عدم وثوقيتها؟
مسلسل “فتح الأندلس” يسائل العقل الإعلامي للمملكة،
إذ كيف سيقبل واحد ممن يفترض فيهم ضبط دفاتر تحملات التلفزيون ومن خلاله الهوية الوطنية، أن يجعل من تاريخ وطني أصيل هو استرداد شماله (طنجة وسبتة)، والزحف على طليطلة، وعلى يد أبنائه الأمازيغ بقيادة واحد منهم سيشتهر في التاريخ المغربي باسم “طارق بن زياد” مجرد عبور شامي إلى بلاد القوط؟
كيف يقبل العقل الإعلامي للمملكة المغربية وجهة نظر مشرقية ترسمل جزءا من الكفاح الوطني لتحرير المغرب من الاحتلال القوطي (الاسباني)، وكل الفخر والرصيد التاريخي الذي يوفره الوجود المغربي بطليطلة وبلاد الأندلس؟
لا أفهم شخصيا كباحث مهتم بالتاريخ الوطني، ولا سيما ما يتعلق منه بالتراث اللامادي، كيف يجعل العقل الإعلامي للمملكة من كل التاريخ والفخر المغربي (الموري) المرتبط بالزحف على الأندلس القوطية مجرد محطة عبور شامية!!
ولا أفهم كذلك كيف أن هذا العقل لم ينتبه لحالة الكفاح المستمرة من أجل السيادة الوطنية والتي تشتغل اليوم دون توقف سواء تجاه الإسبان(القوط)، وتجاه المشرق(دولة الخلافة في الشام)، وكيف أن قبول مسلسل بهاته التشويهات لتاريخ المملكة هو إسهام لا مسؤول في إضعاف هذه التعبئة الوطنية من أجل السيادة وتلحيم الهوية الوطنية.
ولا أفهم كذلك كيف سيغفل هذا العقل أن هذه الأحداث تمت بشمال المغرب(طنجة وسبتة)، وعلى يد أبناء المغرب الأمازيغ وخطط عسكرية مغربية وبثقافة وطقوس ولباس وإيمان مغربي وينسب كل شيء لأناس بعيدين جدا عنا جغرافيا وثقافيا وفلسفيا في شبه تنقيص من استقلالية الشخصية المغربية والهوية الوطنية.
لن نقف مطولا عند الأخطاء التاريخية التي يحبل بها الفيلم ويمكن الرجوع لأي من المصادر التاريخية كالطبري والسيوطي عبد الرازق وجوليان وغيرها للوقوف عند عبقرية شخصية الجنود الأمازيغ عند استرداد طنجة والزحف على سبتة ثم طليطلة والأندلس بقيادة المغربي(الموري) طارق بن زياد.
كما لن نقف مطولا عند فوضى التأريخ للطعام واللباس في هاته الفترة وما يصاحب ذلك من عادات وطقوس الأكل واللباس وهو ما تكشفه كل النمنمات والمونوغرافيات التي تؤرخ للمرحلة، لكن ما سنحرص على الوقوف عليه هو هذا التخلف من العقل الإعلامي للمملكة عن ضبط تاريخ وفخر المملكة لصالح وصاية مشرقية شامية تمتح من أدب كولونيالي يجعل المملكة مجرد امتداد لخلافة إسلامية مزعومة أقصى ما طلبه الحكام الأمويون من موسى بن نصير هو بعث النساء والجواري البيض الحسان.
تعليقات
0