مفتشو التعليم يحملون الشارة الحمراء تمهيداً لوقفة احتجاجية، ويحذرون من احتقان في الأفق
أحمد بيضي
الثلاثاء 7 يونيو 2022 - 06:41 l عدد الزيارات : 9900
أحمد بيضي
قررت “نقابة مفتشي التعليم”، في شخص مجلسها الوطني، دعوة مناضلاتها ومناضليها، وعموم المفتشات والمفتشين بالقطاع، إلى وضع الشارة الحمراء في الفترة الممتدة من 13 إلى 25 يونيو 2022″، فيما أعلنت عن تسطيرها لبرنامج نضالي نوعي وتصعيدي، وتفويضه للمكتب الوطني لتنزيل شطره الأول في الزمان والمكان المناسبين، والذي أكدت النقابة أنه “سينطلق بتنظيم وقفة احتجاجية وطنية ممركزة سيعلن عن مكانها وتاريخها، وفق مستجدات الحوار مع الوزارة”، مقابل تأكيد النقابة عن انفتاحها المستمر على الحوار المسؤول مع وزارة التربية الوطنية، واستعدادها للتنسيق مع مختلف الهيئات والمنظمات الغيورة على المنظومة التربوية والمدرسة المغربية.
ومن خلال بيان جرى تعميمه، شددت “نقابة مفتشي التعليم” على مطالبتها ب “إحداث التوازن الضروري والمطلوب بين جهاز التدبير من جهة، وجهاز الرقابة من جهة أخرى، والمتمثل في المفتشية العامة للوزارة عبر توحيد المفتشيتين في مفتشية عامة واحدة قوية ومهيكلة بشكل يضمن لها أداء أدوارها الخاصة بالمراقبة والتفتيش والافتحاص والتقييم في استقلالية تامة تحت المسؤولية المباشرة للسيد الوزير”، كما تطالب ب “الانتساب الإداري لهيئة التفتيش للمفتشية العامة عبر بنيات جهوية وإقليمية تابعة لها تحدث في الجهات والأقاليم، وتؤمن الاستثمار المستمر لعمل المفتشين بمختلف مجالاتهم، وتوفر الظروف المناسبة لعملهم التخصصي والمشترك”.
ولم يفت النقابة التعبير عن “استغرابها من استمرار شغور منصب المفتش العام للشؤون التربوية، وشغله من قبل مسؤول مركزي يقوم بمهام تدبيرية مما يؤدي إلى تضارب واضح للمصالح”، مع اعلان النقابة عن “تمسكها بكون هيئة التفتيش بكل مجالاتها جزءً لا يتجزأ من مكونات المنظومة التربوية، وتشتغل في تكامل تام على مستوى المهام والاختصاصات مع باقي المكونات، وكل مساس بها وبتنظيمها واختصاصاتها هو مغامرة غير محسوبة العواقب، كما أن أي تفكيك لمكونات المنظومة المتكاملة هو تدمير لتراكمات المدرسة المغربية على مستوى البنية والتشريع والخبرة التي تحتاج لترصيد المكتسبات وتجويد الأداء وليس لتقويض البناء”.
وارتباطا بالموضوع، أعلنت “نقابة مفتشي التعليم”، من خلال بيان مجلسها الوطني دائما، أن هيئة التفتيش في المغرب “تنتظم إقليميا وجهويا ومركزيا في علاقات أفقية وعمودية، وباختصاصات تخصصية ومشتركة، وتقع المسؤولية تاريخيا على جهاز التدبير في التهميش المقصود للهيئة وحرمانها من وسائل العمل، والإغلاق المتكرر لمركزي تكوين مفتشي التعليم والتقليص من أعداد المفتشين التي تناقصت خلال السنوات الأخيرة بثلاث مرات رغم التزايد المطرد لعدد الأطر والمؤسسات بأضعاف مضاعفة، تمهيدا للحكم بضعف الأداء والأثر، رغم الحضور النوعي للهيئة في كثير من الاستحقاقات الوطنية والجهوية والإقليمية”، وفق نص البيان.
ومن جهة أخرى، حرصت ذات النقابة على التذكير، ضمن البيان، بما يفيد “أن التقزيم المتكرر والمقصود لمهام واختصاصات هيئة التفتيش، والتصرف في صيغ انتسابها الإداري بداية من النظام الأساسي 1967، مرورا بالنظام الأساسي 1985، ووصولا إلى النظام الأساسي 2003، وبعده ما يراد إقراره في النظام الأساسي الجديد من جحود لمجهودات الهيئة وسعي إلى تصفيتها، يشكل مجازفة قد تعصف بالمنظومة وترمي بها في دوامة من الفوضى التدبيرية التي ستتضرر منها لا محالة كل مكونات المنظومة”، فيما شددت النقابة بالتالي على تمسكها بضرورة إشراكها في إعداد النظام الأساسي لأن إقصاءها يخالف بشكل صريح المادة 37 من القانون الإطار.
وصلة بذات السياق، أعربت النقابة عن “استيائها الكبير واحتجاجها الشديد على المنهجية التي تدبر بها الوزارة ملف النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية، القائمة على الشخصنة وازدواجية المعايير ومنطق الترضيات، بعيدا عن المنهج العملي المبني على مبادئ واضحة ودقيقة الأمر الذي لن يُنتج إلا نظاما أساسيا مشوها تتشتت فيه الهيئات في جزر متباعدة ومتنافرة، وتضيع فيه الحقوق والمكتسبات، وهو ما سيرفع منسوب الاحتقان ويضر بالشغيلة التعليمية وبالمنظومة ككل”، مع مطالبة الوزارة ب “الخروج بتوضيحات لنساء ورجال التعليم بخصوص التسريبات المتداولة”، على حد محتوى البيان.
وجاء البيان على هامش الاجتماع الختامي للدورة الأولى للمجلس الوطني المنعقد يوم 4 يونيو 2022 بالمقر المركزي للنقابة بسلا، وهي الدورة التي اختير لها أن تظل مفتوحة منذ 7 ماي 2022، في “سياق ظرفية دقيقة تعرف مناقشة مسودة النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية مع ما يرافق ذلك من إصرار على تكريس أزمة تدبير المنظومة التربوية البعيد كل البعد عن مبادئ الحكامة والجودة والارتقاء والإنصاف، الشيء الذي ينذر باحتقان غير مسبوق في صفوف مكونات المنظومة وفي مقدمتها هيئة التفتيش، واستمرارا لجو التعبئة الشاملة التي أعلنتها نقابة مفتشي التعليم والتي استجابت لها مختلف الفروع الجهوية والإقليمية للنقابة”، وفق مستهل البيان.
وقد افتتحت النقابة بيانها بتأكيد وقوفها على عدة نقاط، منها أساسا:
استحالة تحقيق إصلاح عميق للمنظومة على يد من راكموا تجارب متتالية في الفشل الذريع، جراء التدبير بنفس الأشخاص والأدوات والعقليات، في غياب أية مساءلة أو ربط للمسؤولية بالمحاسبة ضدا على المبادئ الدستورية وتقارير المؤسسات الوطنية، وفي مقدمتها المجلس الأعلى للحسابات والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي.
استمرار غياب خيط ناظم لاستراتيجيات الوزارة في تدبير القطاع على مختلف المستويات: الموارد البشرية، التكوين الأساس، التقويم والامتحانات، والبرامج والمناهج، الدعم التربوي، التعليم الأولي، التربية الدامجة، والتكوين المستمر الذي عجزت الأكاديميات عن تنزيل مقتضيات استراتيجيته الوطنية بسبب استنساخ تجربة ثانوية التحدي في مجال التكوين دون تقييم علمي دقيق لنتائجها، مما ينعكس سلبا على حكامة المنظومة ويحاصرها بإخفاقات تلو الأخرى.
الفشل في تحقيق الالتقائية بين المشاريع الإصلاحية، والتي كان آخرَها مقاومة ُ مسؤولين داخل الوزارة لاستدماج مضامين النموذج التنموي الجديد في قطاع التربية والتكوين ضدا على تطلعات تسريع زمن الإصلاح، بمناسبة إطلاق مشاورات موسعة تهم خارطة طريق جديدة تستهدف تحقيق الإشراك النوعي والانخراط الجماعي الفعال لمختلف الفاعلين والمتدخلين.
السعي إلى إخفاء الواقع الحقيقي المأزوم للمنظومة بانتهاج سياسة إعلامية تقوم على التضخيم والاستعراض وخلق تسابق غير ذي جدوى على مستوى المديريات الإقليمية والأكاديميات الجهوية والمصالح المركزية للوزارة.
تسجيل اختلالات عميقة وتجاوزات خطيرة في تنزيل مشاريع القانون الإطار على مستويات عدة: بيداغوجية وإدارية ومالية…، واستمرار البنيات الإدارية للوزارة مركزيا وجهويا وإقليميا في تضليل المسؤول عن القطاع والرأي العام عن طريق تضخيم المؤشرات والأرقام في غياب قياس الأثر الفعلي لهذه المشاريع.
غياب الشفافية وتكافؤ الفرص في العمليات المرتبطة بإسناد المسؤوليات داخل قطاع التربية والتكوين، سواء على مستوى البنيات الإدارية للوزارة مركزيا وجهويا وإقليميا ومحليا، أو على مستوى مؤسسات التكوين، بعيدا عن معايير الكفاءة والمردودية والخبرة. وهو الشيء الذي أغرق هذه البينات بمسؤولين بجانبيات عاجزة عن مواكبة تحديات الإصلاح وتطوير أداء المؤسسات، وفوّت على المنظومة التربوية فرصة تعزيز جهازها التدبيري بكفاءات حقيقية.
تسجيل تعثر كبير في استكمال إصلاح البرامج والمناهج باعتباره ورشا هاما ومفصليا، وضمانة أساسية لولوج الإصلاح إلى الفصول الدراسية، واستمرار تسجيل ملاحظات بالجملة على الكتب المدرسية المصادق عليها، والتي تتحكم فيها نزعات بعيدة عما هو تربوي وبيداغوجي وديداكتيكي في ظل عدم تحيين دفاتر التحملات.
تأثر الخدمات المقدمة سلبا بسبب عرقلة تفعيل مراقبة جودة البناءات والتجهيزات وصفقات الإطعام والداخليات وفواتير الماء والكهرباء، والتهاون في تتبع وضعية السكنيات الوظيفية والإدارية، وتسجيل انتقائية في منهجية التعامل مع السكنيات المحتلة.
تسجيل اختلالات متكررة في المحطات والعمليات المرتبطة بالتقويم والامتحانات، وكذا تواتر التناقضات والأخطاء الفادحة في الوثائق الرسمية (الدلائل والمذكرات والأطر المرجعية) الخاصة باستحقاقات الامتحانات المدرسية والمهنية ومباريات التوظيف الصادرة عن البنية المركزية المكلفة بتدبير هذا المجال على مستوى الوزارة.
توسيع الهوة بين التعليم العمومي والتعليم الخصوصي وما يرافق ذلك من تعامل تمييزي لصالح المدرسة الخصوصية، ومن إمعان في معاقبة مرتفقي المدرسة العمومية المغربية التي تحتاج للكثير على مستوى الفضاءات والعتاد الديداكتيكي والوسائل والموارد البشرية الكافية، وتوحيد البرامج والمناهج… تحقيقا للإنصاف وتكافؤ الفرص بين كل أبناء وبنات الوطن بغض النظر عن إمكاناتهم المادية.
التوسيع المستمر لصلاحيات الأكاديميات الجهوية دون استحضار لضرورة تأهيل العنصر البشري القادر على تدبير شؤون المنظومة جهويا وإقليميا ومحليا، ودون اهتمام بمراقبة العمليات المرتبطة بالتباري على إسناد المسؤوليات بما يضمن تكافؤ الفرص بين الجميع، بغرض انتقاء مسؤولين أكفاء ونزهاء يمتلكون الخبرة وروح المبادرة الكافيتين لتدبير شؤون المنظومة بالحكامة المطلوبة على المستويات التربوية والمالية والإدارية، دون تحكّم أو إملاءات أو تعليمات فوقية.
إعداد النظام الأساسي دون دلائل مرجعية للوظائف والكفاءات التي يجب عرضها لزوما على المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي لإبداء الرأي قبل المصادقة عليها بمرسوم، وهو الأمر الذي يخالف بشكل صارخ المادة 37 من القانون الإطار التي تلزم السلطات الحكومية المعنية بملاءمة الأنظمة الأساسية الخاصة بمختلف الفئات المهنية مع المبادئ والقواعد والمعايير المنصوص عليها في الدلائل المرجعية المذكورة.
تعليقات
0