المجلس العلمي بخنيفرة يدعو إلى تحديد مفهوم الإيمان والاعتماد على الأحاديث الصحيحة وربط الدين بالعلوم وحسن التواصل
أحمد بيضي
الإثنين 31 أكتوبر 2022 - 20:00 l عدد الزيارات : 26628
أحمد بيضي
نظم المجلس العلمي المحلي لخنيفرة، يوم الأحد 30 أكتوبر 2022، بالقاعة الكبرى لمقر غرفة التجارة والصناعة والخدمات، دورة تكوينية لفائدة خطباء الجمعة والأئمة، والمرشدين والمرشدات والوعاظ والواعظات، على مستوى الإقليم في موضوع “العلوم الشرعية والتواصلية وأهميتها في الارتقاء بعمل القَيِّم الديني”، وذلك بتأطير من رئيس المجلس العلمي المحلي لخنيفرة، د. المصطفى زمهنى، والمشرف على مدرسة الحسن اليوسي للتعليم العتيق بصفرو، ذ. عبدالله بلوش،ثم العضو بالمجلس العلمي المحلي لميدلت، ذ. عبدالوحيد بن الطالب والعضو بالمجلس العلمي المحلي لخنيفرة، ذ. عباس أدعوش، قبل اختتام أشغال اللقاء بمناقشة المداخلات.
وقد رفع الستار على أشغال الدورة التكوينية بجلسة افتتاحية من تسيير ذ. محمد بوربيع وتقرير ذة. لطيفة زهير، وافتتحت بكلمة المجلس العلمي المحلي لخنيفرة، تقدم بها د. المصطفى زمهنى، الذي وضع الحضور في دلالة اللقاء الذي يأتي في “سياق اللقاءات التكوينية التأطيرية التي تروم الجودة المطلوبة في الخطاب الديني، أداء وتعبيرا،ليكون صحيحا سليما متناغما مع السياسة العامة وتحقيق فعلية التنمية والعمران باتجاه الصلاح والإصلاح وتجسيد القيم والأخلاق وإنسانية الإنسان ضدا على المصلحة الشخصية والأنانية والتيه”، إذ بالنظر لأهمية الخطاب الديني في البناء والتنمية المنشودة، يؤكد د. زمهنى، “يتطلبالترشيد وامتلاك القيم وحسن التنزيل”.
ومن جهته انطلق المندوب الإقليمي للشؤون الإسلامية، ذ. الحبيب الكردودي، في كلمته باسم المندوبية، من “دور العلوم الشرعية في حياتنا اليومية، ومكانتها ومنافعها في حياة الفرد والمجتمع”، قبل ابرازه ل “تقسيمات هذه العلوم من حيث مفسريها من عصر الانحطاط إلى عصر الازدهار”، ذلك قبل كلمة المستفيدين من الدورة التكوينية التي تقدمت بها ذ. رقية اليونسي، التي نوهت فيها بمبادرة الدورة المنظمة، باعتبارها من “اللبنات الأساسية في مجال الدعوة والتوجيه والإصلاح والرفع من مردودية القيمين الدينيين، وتعبئة الطاقات الحية على القيم الفردية والجماعية، وصيانة الثوابت وحماية العقيدة والحفاظ على الهوية”.
وبعدها تم الانتقال للجلسة العلمية التي اختير ذ. قاسم عاشور مسيرا لها وذة. اسمهان شوقي مقررا، افتتحت بمداخلة ذ. عبدالله بلوش حول “قضايا منتخبة من مباحث العقيدة الأشعرية”، انطلق فيها من مفهوم الإيمان في أصول الدين؟ وهل هو قديم أم مخلوق؟، مفككا إياه ك “مصطلح لن يؤدي سوء فهمه إلا للانحراف والغلو والتشدد، وللتطرف المضر بالمجتمع، بل ولمظاهر تفسيق أو تكفير المخالفين للرأي”، داعيا لتحديد مفهوم الإيمان من أجل “استقرار المجتمع والسلام الاجتماعي”، دون أن تفوته الإشارة إلى “وجود بعض طلبة العلم الشرعي أنفسهم يروجون لأفكار معينة على أنها من العقيدة الأشعرية ويجهلون أنهم بذلك يضرون بالمجتمع والإنسان”.
وفي ذات السياق، تطرق ذ. عبدالله بلوش، ضمن مداخلته، إلى تعدد الآراء والمذاهب فيما يخص مفهوم الإيمان، داعيا طالب العلم الشرعي إلى الوعي بها، كما توقف عند “الإيمان القلبي انطلاقا من دعاء الرسول عليه السلام “اللهم تبث قلبي على دينك”، وعلاقة ذلك بجدلية النطق اللساني والتصديق القلبي والعمل بالأركان”، قبل تطرقه لتبيان حدود جواز التقليد في الدين، ومدى “صحة الإيمان بين المختلفين لفظيا حين ينظر كل واحد للأمر من زاويته”، و”بين الإنسان الذي ينشأ في مجتمع إسلامي وغيره من الذي ينشأ في مجتمع آخر”، فيما أبرز المتدخل اختلاف الفقهاء وعلماء الكلام حول مفهوم الإيمان.
ومن جهته، تناول د. المصطفى زمهنى، في مداخلة تحت عنوان: “نظرات نقدية في التصحيح والتضعيف للأحاديث النبوية”، أوضح فيها بشكل مستفيض “وضعية الاختلاف بين المستدل في الحديث الواحد دون حسم أو حد من النزاع، ومن التباين الموجود بين الفقهاء والأصوليين والمحدثين فيما يتعلق بذلك”، مؤكدا أن “الحديث المقبول هو الذي يصح ويستند إليه بينما الحديث الضعيف هو الذي يحتاج للرد عليه”، مستعرضا الشروط المعروفة في الحديث الصحيح، ومنها أساسا الضبط والسلامة من العلة وغيرها، فيما شدد د. زمهنى على “ضرورة التدقيق للحكم على الحديث، بالنظر لوجود أحاديث ضعيفة حكموا عليها بالصحة والعكس صحيح”.
وبعد تطرقه لبعض الأحاديث التي تحتمل التكذيب أو التصديق، توقف د. زمهنى عند إشكالات راهنة، منها إشكال بالجامعات والمدارس المغربية التي “تنهج تدريس علوم الحديث خارج استحضار الخيط الناظم بينها وبين بقية العلوم”، ومتأسفا على “وجود باحثين يقومون بتأليف كتب عن الأحاديث النبوية وهم لا علاقة لهم بهذا المجال، الأمر الذي يختلق روايات وأحكام متضاربة بين التصديق والتكذيب، ومبنية على رواة لا مصداقية لهم”، كما حرص المتدخل على “ضرورة الجمع بين الفقه والحديث، وغربلة ما جاء في أبحاث التراث”، ومستشهدا بنماذج من أحاديث متناقضة بين كتب وأخرى، ما يدعو، حسب ندائه، إلى مشروع علمي كبير.
أما ذ. عبدالوحيد بن الطالب، فشارك بمداخلة حول “علوم اللغة وأثرها في تطوير فن التواصل”، تحدث من خلالها عن “أهمية ذلك في كسب الثمرات المطلوبة”، وعن “قواعد فن التوصل كتفاعل بين طرفين، وحاجتها لما يمكن من الضوابط للوصول إلى المبتغى المنشود”، وكذا للرغبة والمحبة، من حيث “لا يمكن للشخص إلقاء موضوع في الناس وهو لا يحبه ولا رغبة له فيه”، فيما ركز على “أهمية اللغة في التواصل باعتبارها “ناقل أساس” ينبغي ضبطها من كل جوانبها وقت تنزيلها”، ومشددا على “ضرورة احترام قواعدها من حيث كون بعض الفقهاء يجهلون مدى مساهمتهم في الضرر بالقواعد اللغوية”.
ومن جهة أخرى، أكد ذ. عبدالوحيد بن الطالب على “أهمية الارتباط بالماضي وما سطره الأولون، دون تبخيس أو إهمال”، وعلى “عدم القطع مع السلف، بغاية فهم الحاضر والمستقبل”، وفق قوله، فيما لم يفته التأكيد على “ضرورة احترام الشكل والمضمون في الخطابة، والوعي أكثر بمستوى المخاطبين وثقافتهم، وباللغة التي يفهمون، وكذا الضوابط اللسانية مع تجنب الأخطاء المؤدية للهلاك”، إلى جانب “الاستعانة بالغير بعيدا عن سوء التقليد”، و”الاعتماد على منهجية النطق السهل وعدم السقوط في التنافر”، مع الحرص على “مخاطبة السلوك وليس الناس”، دون تفوت المتدخل الدعوة إلى الغوص في أمهات الكتب.
وبدوره، اختار ذ. عباس أدعوش المشاركة بورقة حول “العلوم الإسلامية والعلوم الإنسانية ومطلب التكامل”، مركزا فيها على “دلالة ألفاظ النص ومدى تحقيق صلاح وإصلاح الإنسان في الكون على مستوى الاستخلاف والإعمار”، ومفسرا “مفهوم العلوم الإنسانية التي تعنى بتجربة الإنسانية في مختلف العصور والعلوم وغايتها في فهم الإنسان”، وذلك في “تكاملها مع العلوم الإسلامية وما يجب الاعتماد عليه فيها لأجل أن يؤدي الإنسان مهمته ودوره في الكون”، حيث دعا إلى “التكامل الضروري بين العلوم الإسلامية والعلوم الإنسانية التي هي أصلا من صميم الدين”، ومستدلا في ذلك بمحمد الغزالي الذي نبه إلى “أن كل العلوم متجذرة في الدين الإسلامي”.
وصلة بمضمون مداخلته، ركز ذ. عباس أدعوش على “علاقة وانسجام الرؤية الدينية بباقي العلوم، وتلاقيها في التكامل بين العقيدة والسلوك والشخصية الإنسانية”، وموضحا “دواعي الحديث عن هذا التكامل في وظيفة القيم الديني”، مؤكدا أن “الاهتمام بالعلوم المتعلقة بالإنسان هي من صميم الدين وليس شذوذا أو خروجا عن المنهج”، فيما أكد “عدم نجاح أي قيم ديني في تواصله مع الآخر دون تحقيقه التنوع والاعتماد في خطابه على باقي العلوم الأخرى لكونها مترابطة بعضها ببعض”، وعلى القيم بالتالي “ألا يبتعد بخطابه عن واقع الناس تفاديا للسقوط في التسفيه”، قبل أن يستدل المتدخل ذ. عباس أدعوش بنماذج من دروس إرشادية.
تعليقات
0