أخيرا تم تحيين القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة والقانون المتعلق بمجلس المنافسة، وذلك بعد تأخر دام عدة أشهر منذ صدور التعليمات التي وجهها جلالة الملك إلى رئيس الحكومة السابق، سعد الدين العثماني، في 22 مارس 2021، القاضية بتنزيل توصيات اللجنة الملكية بخصوص مجلس المنافسة بهدف «إضفاء الدقة اللازمة على الإطار القانوني الحالي، وتعزيز حياد وقدرات هذه المؤسسة الدستورية، وترسيخ مكانتها كهيئة مستقلة، تساهم في تكريس الحكامة الجيدة ودولة القانون في المجال الاقتصادي وحماية المستهلك « حيث صادق مجلس المستشارين يوم الثلاثاء فاتح نونبر 2022 على مشروع القانون رقم 40.21 المغير والمتمم للقانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة والقانون رقم 41.21 المغير والمتمم للقانون رقم 20.13 المتعلق بمجلس المنافسة ، وكان مجلس النواب قد صادق على القانونين يوم 26 يوليوز 2022. وبذلك يكون القانونين قد اكملا مسطرة المصادقة.
وتتمثل اهم التعديلات التي جاء بها القانونان الجديدان في تدقيق المساطر المتعلقة بجلسات الاستماع الى الأطراف المعنية من لدن مصالح التحقيق بمجلس المنافسة وكذا توضيح وتدقيق المساطر المتعلقة بسرية الأعمال وتبليغ المخالفات والقرارات،
كما سيتيح القانونان إعادة النظر في مسطرة عدم الاعتراض على المؤاخذات المبلغة، باعتبارها مسطرة بديلة للمسطرة التنازعية المعتمدة للبت في الإحالات، بالضافة إلى التنصيص على سرية جلسات المداولة في القضايا المتعلقة بالممارسات المنافية للمنافسة وعلى اتخاذ قرارات المجلس، ومع التحيين الجديد أصبح بالامكان تحديد الأجل الذي يتعين على مجلس المنافسة أن يتخذ فيه قراره بعد الانتهاء من جلسات المناقشات كما بات بالامكان تدقيق قواعد تحديد العقوبات المالية مع أخذ بعين الاعتبار ظروف التشديد وظروف التخفيف.
وفي ما يتعلق بمشروع القانون رقم 21-41 بتغيير وتتميم القانون رقم 13-20 المتعلق بمجلس المنافسة، فإن أبرز التعديلات التي جاء بها تتمثل في توضيح صلاحيات رئيس المجلس ومختلف الهيئات التقريرية داخله لتفادي أي خلافات حول تداخل الاختصاصات وتلافي الطعون بشأنها، وتخويل النظام الأساسي للمجلس توزيع الاختصاصات بين مختلف الهيئات التقريرية داخله والمحددة في القانون 12-104 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة والقانون رقم 13-20.
كما يروم المشروع، ضبط المقتضيات المتعلقة بالنصاب القانوني للتداول في الهيئات التقريرية والتنصيص على سرية مداولات الهيئة التقريرية وعدم السماح بحضورها إلا لأعضاء المجلس المعنيين، والتأكيد على التزام أعضاء المجلس بسرية المداولات والاجتماعات وربط خرقها بإثارة المسؤولية الجنائية طبقا لأحكام الفصل 446 من مجموعة القانون الجنائي، وتخويل رئيس المجلس صلاحية مراقبة تضارب المصالح في القضايا المتداولة في المجلس.
وينص مشروع القانون رقم 21-41 أيضا على إحداث مسطرة تجريح الأعضاء والمقررين، وسن مقتضيات تتعلق باستمرارية أعضاء المجلس المنتهية مهامهم إلى حين تعيين من يخلفونهم، وإعطاء المجلس إمكانية إصدار مبادئ توجيهية تتعلق، على وجه الخصوص، بكيفية مبدأ الحضورية والمساطر التفاوضية وتحديد العقوبات المالية التي يقررها المجلس المذكور، وأخيرا إحداث هيئة للمقررين بمجلس المنافسة تحدد مهامهم وشروط توظيفهم وأجورهم وترقيتهم في النظام الأساسي الخاص بمستخدمي المجلس.
 يذكر أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، من خلال فريقه في البرلمان كان على راس المطالبين بالتعجيل بإجراءات الدراسة والمصادقة على المشروعين معا، إيمانا منا أن تقوية صلاحيات المؤسسات الدستورية، واستقلاليتها، ونزاهة وشفافية أدائها، باعتبارها صمام أمان، خطوة محورية، حتى تتمكن من القيام بأدوارها على أحسن وجه، وتؤسس واقعيا لاستعادة الثقة في المؤسسات، إسوة بنظيراتها الأجنبية وتجاربها المقارنة، سواء في الشق الاستشاري المرتبط بالاستشارة وإبداء الرأي، أو الشق الرقابي المرتبط بالاختصاصات والمهام المنوطة بها.
وقد سبق للنائب الاتحادي الحسن لشكر، في مداخلته بالجلسة العامة بمجلس النواب، قبيل مصادقة هذا الأخير على القانونين، أن أكد حرص الفريق الاشتراكي على ضمان نزاهة وشفافية المؤسسات، مشددا على أن ضبط و أجرأة قواعد وضوابط المنافسة الشريفة، تشكل مدخلا أساسيا للتشجيع على الاستثمار، اعتبارا لمساهمتها الفعالة في إرساء وتكريس المساواة وتكافؤ الفرص والتوازن بين مختلف الفاعلين في المجال الاقتصادي، وحماية المستهلك، والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، وحمايتهم من جشع المحتكرين، وكذا من الممارسات المخالفة لمبادئ وقواعد الشفافية، بما في ذلك جودة المنتوجات، وتحسينها، استنادا لقواعد السوق. وهي صلاحيات تدخل في صميم مهام مجلس المنافسة، مما يتعين معه تقوية وتطوير تجربته الإيجابية، وتصحيح كل الاختلالات المحتملة، تماشيا مع توصيات اللجنة الملكية، التي أكدت بدورها على مواكبة الإصلاحات من أجل تحسين وتكريس الحكامة وتعزيز الجاذبية واستقطاب المستثمرين، والعمل على اعتماد الممارسات الفضلى عالميا.