الفوز المغربي… “يرهق” المخابرات الجزائرية…

طالع السعود الأطلسي

المنتخب الوطني لكرة القدم أبهر، بإنجازاته الفريدة في نهائيات كأس العالم بقطر… أبهر مساحات، أجزاء وقطاعات واسعة من شعوب ودول العالم… منتجا فيها فرحا انسانيا، محتفيا بقيم الوطنية، الاستماتة وبدفء التآزر العائلي… باستثناء النظام الجزائري، الذي يبدو أن ما حققه شباب المغرب، يرهبه… بل هو الآن رهابه… مخابرات النظام المنشغلة بالمغرب، وليس إلا المغرب، فسدت بين أيديها كل مخططاتها “لتسويد” صورة المغرب أمام العالم… مخططات هي أصلا “بايخة”، وما كانت لتحدث أي خدش في الأبنية المغربية… والتميز المغربي في كأس العالم أضاف لغلاف الاحترام الدولي والجاذبية الشعبية العالمية للمغرب، سُمكا ومتانة … بحيث باتت محاولات المخابرات الجزائرية للإساءة للمغرب، أكثر استعصاء… لقد باعد بينها وبين النيل من المغرب “تفاعل عالمي” تحلق حول البطولة المغربية في قطر.

تلك البطولة صعقت المخابرات الجزائرية، طلعت لها من خارج حساباتها وتوقعاتها… أصلا “اجتهادات” ذلك الجهاز المتصلة بالمغرب تميزت بالقصور دائما، وأنتجت في كل محاولات تفعيلها عكس مراميها… وهي التي لم تستفق بعد من الخيبات الديبلوماسية، التي منيت بها جراء الفعالية الديبلوماسية المغربية المنافحة عن عدالة القضية الوطنية المغربية… ها قد داهمتها البطولة المغربية في قطر والتي كان لها مفعول إشعاعي ارتدادي على أوسع مدى من المركز المغربي… واخترق بريقها الكيان المغربي ليكشفه أمام العالم بكل روافع، ومحصلات، ممكنات وتطلعات حركيته التنموية وبموجهاتها القيمية الوطنية، الانسانية والأخلاقية… لقد عرف العالم الآن، هذا المغرب الذي يفوز وكيف يفوز، وليس وحسب في منافسة رياضية عالمية وعالية الأهمية والحساسية، بل إن الفوز منهجه ومقصده في التحديات السياسية والاجتماعية التي يتصدى لها… السيد جبار مهنا رئيس المخابرات الخارجية الجزائرية، سيكون مجبرا على إعادة النظر في مضمون وأدوات تآمره ضد المغرب. أصلا منتوج إدارة الدعاية والتشويش ضد المغرب، في مخابرات الجزائر، يعكس فقرا في الخيال، يصلح للتدريس في معاهد تكوين “المخابراتيين” في العالم، نموذجا لما هو مرذول، سيء وعقيم من الأشكال والمضامين الدعائية المضادة…

الجهاز التائه في مطاردة المغرب، المتحرك على مسار الفوز والنجاحات، يوظف شبكة من ذباب رقمي ومن منتجي الثرثرة في مواقع… ينفق عليها الأموال بغزارة، لكي تنتج له مضامين ضحلة، مضحكة و بلا طعم… وغير قابلة للتصديق حتى من ضعيفي الإدراك… كأن يقول أحدهم كلاما عن الاستقبال الملكي للفريق الوطني، سويعات قبل حدوثه، وبنبرة الواثق من إدعاءاته… وتكذبه وقائع ذلك الاستقبال الملكي، الدافئ، الصادق والزاخر بالدلالات والرسائل… وكان من بين ما قال، أن الاستقبال لن يحضره سوى اللاعبين المحليين… تكذبه الوقائع ولا يهتم… لقد تم توظيفه لكي يكذب فقط وليس معنيا بمآل كذبه ولا بانفضاحه… وقس على ذلك المئات من المحتويات المصورة المليئة بالكذب والسباب وبالتهريج… والتي تنفجر في الهواء، كالفقاعات، لمجرد بثها… إنه التوظيف السيء للوسيط الرقمي في أعمال تشويش وتضليل ركيكة ومفضوحة…

التيه الأكبر، الذي ركبت طريقه المخابرات الجزائرية، هو انصرافها لتوظيف شرذمة مرتزقة “المعارضة” في أوروبا، ضد المغرب…لا يستحقون ذكر أسمائهم… وقد تنكروا لمغربيتهم، فعليا أو ضمنيا، وهم الذين عافتهم ولفظتهم مخابرات غربية… حين انكشف لها خواءهم وعدم جدواهم في النيل من المغرب… المخابرات إياها تتوهم إمكانية إثارة الفتنة القلاقل في المغرب . و”اعتمدت” لذلك الهدف تلك الشرذمة من الانتهازيين، لا وقع لها ولا صدى ولا أثر في المغرب… يجيدون فقط الاسترزاق من التوظيفات الاستخبارية المشبوهة لهم… ويجيدون تبادل الفضح بينهم وهم يتقاتلون في التنافس على أيهم أطمع وأفسد… وانشغال المخابرات الجزائرية بهم هو العنوان البارز لفشلها في اختراق صلابة الوطنية المغربية… إذ في الأصل، رفض الوطنيون المغاربة، وقد كانوا منفيون في الجزائر، سنوات الجمر والرصاص، ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، رفضوا الانسياق وراء اغراءات النظام الجزائري، وأشهروا وطنيتهم في وجهه… أمثال الفقيدان الفقيه محمد البصري و باهي محمد ورفاقهما من قيادة اليسار، في المنفى، والتي كانت على خلاف حاد مع الدولة المغربية… ولكنها على توافق تام معها في الدفاع عن القضية الوطنية… كرامتهم الوطنية كانت عاصمهم من أي إغراء… وتلك ميزة الحركة السياسية الوطنية المغربية وإلى اليوم… إلا أولئك الخمسة أو السبعة من مرتزقة افتعال معارضة الدولة المغربية، في ذلك المقام الأوروبي المريح والمربح لهم… ولاشك أن في المخابرات الجزائرية، من سيلاحظ أنهم يوظفون كمشة مرتزقة ضد أزيد من أربعين مليون مغربي و مغربية متلاحمين ومعتزين بدولتهم وفخورين بوطنهم… الفوز المغربي في قطر أجج الوطنية المغربية، وأعلنها للعالم… عبر ذلك النشيد الوطني القوي، والذي صدح به المغاربة سبع مرات، أمام أزيد من مليارين من المشاهدين، عبر العالم، وهم يهتفون ” إنا هنا نحيا بشعار الله الوطن الملك”… كيف و أية حيلة أو وسيلة يستطيع أي كان اختراق ذلك التلاحم أو حتى إحداث خدش في صلابته…

المخابرات الجزائرية يتعبها هذا المغرب، بوطنية دولته وشعبه، بتماسك كيانه، وبمضيه واثقا وفائزا نحو تقدمه في النهوض بتحدياته الوطنية والاجتماعية… وهي لا تملك العدة المناسبة والفاعلة في مواجهته… هو يحشرها للتوغل في تيه موحش وطويل… حتى متكأ المخابرات الجزائرية الأساس في معاداة المغرب وهي حركة البوليساريو، بدأ يسمع في هياكلها صرير التفكك والتحلل… مقترح الحكم الذاتي سرى في أنسجتها مولدا للأمل في اقتحام آفاق سلمية . عقود من الجمود… عقود من سطوة القيادة على مفاصلها… عقود من الخضوع لنظام جزائري، يوظف الحركة ضد المغرب ولفائدة سياساته… عقود من اليأس… وها قد أشرق أمام “الحركة” مقترح الحكم الذاتي، حلا سياسيا، واقعيا، عمليا ودائما… فكان لا بد من تجاوب واسع، ولو مقموع، وأكثره مهموس، من أوسع ساكنة مخيمات تندوف… تجاوب صرخت به قيادات في الحركة… وبأشكال مختلفة… وقد اكتسبت جرأة التعبير عن رأيها المعارض والمضاد لقيادة البوليساريو وللنظام الجزائري…معارضة أصبح لها أسماء وجمعيات وهدير في المخيمات … تجاوب سيكون له أثر في مؤتمر الحركة، وحواليه حديث عن “انتفاضة” ضد هيمنة المخابرات الجزائرية على الحركة.. وهو تجاوب يتسع ويتعمق باستمرار… ويعلن فشل المخابرات الجزائرية في حجز التطور والتحول… إذا لم نقل فشلها في وقف انهيار “البناء” الانفصالي… الذي رعته تلك المخابرات، و عاملت أفراده بالعصا والجزرة… و هو يقترب من الحد الأقصى في صلاحية وجوده…

تلك المخابرات تحاول مطاردة بالمغرب…لعلها تنال منه، ولكنها لن تفلح…فوز المغرب يفسد مراميها و نجاحاته تتعبها… ستواصل تيهها…