من الحسيمة.. منظمة النساء الإتحاديات تدعو لمراجعة شاملة لمدونة الأسرة…

المرأة المغربية.. بين مطرقة العادات وسندان القوانين...

34٬468

من مدينة الحسيمة وتحديدا بجماعة بوكيدان، اختارت منظمة النساء الإتحاديات أن تحتفي بعيد المرأة عبر رفع شعار المساواة الكاملة بين النساء والرجال، بتنظيمها لندوة حول موضوع “مراجعة شاملة لمدونة الأسرة حماية للمجتمع” سعيا منها لتدارك الإختلالات التي اكتستها وأبانت عنها عقب حوالي 19 سنة من التطبيق سواء على مستوى النص أو الواقع، وتماشيا مع الدعوة الملكية للتفكير جماعيا في إصلاح متنور.

وقد حاول اللقاء الذي احتضنته كلية العلوم والتقنيات، وأطرته الكاتبة الوطنية لمنظمة النساء الإتحاديات “حنان رحاب”، بمشاركة رئيسة جمعية ملتقى المرأة بالريف “نادية قوبيع”، والمناضلة الحقوقية “أمينة أكروح”، الوقوف عند عدد من الإشكالات التي تكرسها العقلية الذكورية المقاومة للتغيير فيما يخص “الحضانة والولاية الشرعية والنفقة والتعدد وزواج القاصرات، والنسب، والسلطة التقديرية الممنوحة للقضاة التي تفتح مجالا للإستثناء..”، وكل ما لا يضمن حق المرأة ومصلحة الطفل، خاصة المادة 400 التي تشكل مدونة بحد ذاتها لكونها تحيل على المذهب المالكي كل ما لم يرد به نص في مدونة الأسرة، وهو ما يركز عليه أغلب القضاة بحيث تفتح لهم المجال لإجتهادات كثيرة قد لا تساير الدستور والمواثيق الدستورية التي صادق عليها المغرب.

كما أكدت المشاركات اللواتي تفاعلن مع الحاضرين والحاضرات بالقاعة مما أسهم في إغناء النقاش، على أن الحل يكمن في مراجعة دقيقة وشاملة للمدونة تقوم على مبدأ المساواة دون الاكتفاء بإصلاح بعض النصوص فقط، إذ أعدت منظمة النساء الإتحاديات مذكرة تضمنت أكثر من 120 تعديلا يعتمد على المرجعية الكونية لحقوق الإنسان، مشيرين إلى بعضها كإعادة النظر بالمادة 400، وإحداث صندوق وطني يحمي حق الطفل والأم بطريقة سليمة، وأن يتم تحديد سن الزواج في سن 18 سنة دون استثناء، في مقابل تدخل الدولة لضمان استكمال الفتيات لدراستهن، وأن تكون الولاية الشرعية من حق الأم الحاضنة، مع عدم إسقاط الحضانة عنها عند زواجها، إضافة إلى الأخذ بالخبرة الطبية لإثبات نسب الطفل، وإلغاء التعدد نهائيا، مع تغيير بعض المصطلحات التي تكرس النمطية ك”النشوز المتعة النفقة”.

ودعا اللقاء إلى إماطة اللثام عن كل ما يساهم في وضع النساء بين مطرقة العادات وسندان القوانين، وتقليص قيمة أدوارهن وهن اللواتي يشكلن نصف المجتمع وطرف مهم بالأسرة التي تعتبر نواة المجتمع، وتعديل نصوص تمنح المزيد من المساواة والحرية في مقابل التصدي للتأويل الذكوري للنصوص الديني، مع ضرورة التمكين الاقتصادي والسياسي للنساء وفتح نوافذ للتفكير من أجل سلامة واستقرار الأسرة لمستقبل يضمن كرامة الجميع، كما أكدت المتدخلات على أن الصراع القائم ليس صراعا بين رجل وامرأة لكنه صراع من أجل المصلحة الفضلى للطفل والأسرة والمجتمع.

وتأتي هذه الندوة ضمن سلسلة من اللقاءات التي تعقدها منظمة النساء الإتحاديات بمختلف ربوع المملكة من أجل “مراجعة شاملة لمدونة الأسرة”، وذلك في إطار مسار ترافعي ودينامية تنظيمية ونضالية تروم المساهمة في الدفاع عن قضايا النساء العادلة، وحماية حقوقهن السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإعادة التناغم بين المدونة وواقع الأسرة اليوم، وملائمة القوانين الوطنية مع دستور 2011، من أجل النهوض بوضعية المرأة وتحقيق المصلحة الفضلى للطفل.

error: