شعرية الالتباس والشتات: قراءة في ديوان “النهر يشرب ذاته” للشاعر كريم أيوب

أحمد بيضي الجمعة 24 مارس 2023 - 17:55 l عدد الزيارات : 23411
  • محمد عياش (°)
 (يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم) سورة الزلزلة / الآية 6
وآه ، يا وردة الحلم
يا لغتي الدامية
من يرتّب لي جسدي؟
من يوسّدني نهره؟
من يرتّله..
مرّة ثانيه؟
قصيدة “النهر” فرج بيرقدار
***
  • الكتابة الشعرية والمرجعية المعرفية عند أيوب كريم (°°) :
بعد ديوانه الاول الصادر سنة 2019 تحت عنوان “أزهار أرض باخوس” عن مؤسسة الموجة الثقافية، يواصل كريم أيوب رحلته مع الكتابة الشعرية  في صورتها المتمردة، والجانحة إلى صوغ هوية شعرية تستمدّ من جماليات الشعر الحر، ومن قصيدة النثر ما يلزم  لرسم أفقها الإبداعي الخاص، مع الابتعاد – قدر الإمكان – عن تلكم النرجسية المفرطة في التجريب، والتجاوز، والثورة على القواعد، والتقنيات المعتمدة في المدونة الشعرية الحديثة . هذه المرة، يتقدم إلينا كريم أيوب عاريا مثل هندي أحمر ليفتح حوارا حميما مع ذاته / ذواته وهي تحلّ ، وتتماهى مع عناصر الطبيعة، والعالم عبر ديوانه الثاني الصادر هذا العام 2023 بعنوان “النهر يشرب ذاته ” عن مطبعة النور – برشيد.
وقبل ملامسة بعض التيمات المهيمنة، والوقوف عند بعض السمات الفنية التي تميز نصوص هذا الديوان، لابد أن أسلط الضوء على أبرز المرجعيات الأدبية، والفكرية التي تركت أثرها  في كريم أيوب قارئا، وكاتبا للشعر لأنها ستساعدنا كثيرا في القبض على مايثوي وراء نصوصه من انشغالات ذاتية، وإشكالات فكرية، ورهانات جمالية  في ديوانيه الأول، والثاني .
وفي هذا الإطار، يمكن أن نستحضر تأثر أيوب كريم بالفلسفة اليونانية خاصة مع انبثاق التراجيديا كشعر (إسخيلوس – سوفوكليس)، وبأحد مؤسسي قصيدة النثر الفرنسي شارل بودلير، والروائي جوزيف كونراد صاحب التأملات المتوهجة في الإنسان والأرض، وجان بول سارتر في فلسفته الوجودية، وإيميل سيوران في نظريته حول الجرح، والكتابة، وكتابات جبران بما يطبعها من عمق في التأمل، وشاعرية في التعبير (الرابطة القلمية)، وبدر شاكر السياب (العراق)، وأحمد المجاطي (المغرب)، والحقل السيميائي بما حمله إلى الفكر المعاصر من أدوات الحفر، والنظر المغاير إلى الظواهر، والاشياء ..
في غياب /تغييب هذه الخلفيات المعرفية ، والأدبية تظل قراءتنا لنصوص “كريم أيوب” قاصرة عن استكناه ما في ثناياها من أسئلة تؤرق الشاعر، والقارئ معا في عالم لا يستقر على حال من القلق، والغموض، والحيرة، والشتات، واللامعنى أحيانا .
  • هوية الكتابة الشعرية عند كريم أيوب :
يمكن إدراج التجربة الشعرية عند أيوب ضمن كتابة ما بعد الحراك /الربيع الديمقراطي التي تأثرت كثيرا بتداعيات الحراك، وما رافقه من مد، وجزر على مستوى الأحلام، والوعود، والرهانات. فإذا كانت التجربة الشعرية المغربية، والعربية قبل هذا المنعطف التاريخي الهام قد انطبعت بغير قليل من الاختناق، والضجر، والاحتقان، والتوق إلى معانقة عالم أكثر تقديرا للكرامة الإنسانية، وأكثر تملكا للحرية، والعدالة، والأمن، فإن ما تلا السنوات الأولى من اندلاع موجات الحراك شرق العالم العربي، وغربه لم يحمل على أجنحته  غير الوهم .
 فجأة، وفي ظرف وجيز ، خابت الآمال الشعبية العريضة بعد انهيار المشاريع الديمقراطية التي من أجلها هبت الجماهير إلى الساحات العمومية رافعة شعارات التنديد بالتسلط، ومطالبة بالتغيير، والإصلاح لبناء مجتمع يستفيد من خيراته ،وثرواته، وطاقاته . لهذا، لا غرابة أن نصطدم في كتابات شعراء ما بعد الحراك بهذا الفيض الطافح من الذاتية المتورمة، والبكائية الحارقة، والمازوخية المغرقة في جلد الذات، والوقوع في أسر السيزيفية إلى درجة التشكيك في قدرة الذات على فهم ذاتها أولا، وعلى فهم الواقع الغامض من أجل الحسم في تناقضاته، وانكساراته ثانيا، في أفق إعادة تركيبه وفق ما يستجيب لتطلعات ذات الشاعر غير المفصولة عن الذوات الاخرى مادام التعبير عن الذات ينطوي – بشكل أو بآخر – على ما في الذوات الأخرى من هموم وجودية، وآلام، وآمال.
  • الكتابة الشعرية واستراتيجية الشتات / التشتت في الديوان :
 بدءا من العنوان “النهر يشرب ذاته”، ومرورا ب 38 نصا شعريا، يتراوح في حيزه الفضائي بين صفحة واحدة وأربع صفحات، ووصولا إلى الفهرس، ترحل بنا الكتابة الشعرية عند أيوب كريم عبر أنفاق ملتوية نحو الشتات/التشتت بالمدلول الأدبي والفلسفي للكلمة. فكل ما تصادفه أعيننا من عناوين، ونصوص، وسطور، وكلمات يوحي بالشتات/التشتت Dissémination بما يعنيه هذا المفهوم من معاني الانفلات، والمحو، والالتباس، والفقدان، والغياب، والتمرد على القواعد المعهودة، والأعراف المألوفة.
المظهر الشذري للنصوص، والانزياح المتناسل في العناوين، وداخل النصوص، والزحف الملحوظ للبياض على السواد، وانشطار في مرايا المعادلات الموضوعية، والرمزية، والتلذذ بالجرح موضوعا للكتابة، والتأمل، وطقسا تطهيريا من دنس الواقع العنيد…كلها تمظهرات للشتات المنبثق من “تكاثر المعنى ،وانتشاره بطريقة يصعب ضبطها، والتحكم بها. هذا التكاثر المتناثر ليس شيئا يستطيع المرء إمساكه، والسيطرة عليه، وإنما يوحي باللعب الحرّ Free play الذي لا يتصف بقواعد تحدّ هذه الحرية، بل هو حركة مستمرة تبعث المتعة، وتثير عدم الاستقرار، والثبات، ويتسم بالزيادة المفرطة ” (دليل الناقد الأدبي – ميجان الرويلي وسعد البازعي – ص119-120)
ومن هنا، يمكن أن ندشن قراءتنا للديوان بالبحث عن تفسير للعنوان يرى في النهر صورة للذات منعكسة على مرآة الكتابة، أي الذات الشاعرة وهي في عملية تحول دائم بحثا عن هويتها الخاصة دون أن تنسلخ عن قدرها الكتابي المتمثل في الإقامة داخل السفر من جهة، وفي الارتواء من ذاتها دون الحاجة إلى عناصر خارجية تتحكم في سيرورتها، وصيرورتها من جهة أخرى.
بصيغة أخرى، ارتواء النهر من ذاته / مائه هو بمثابة كتابة تستمد جوهرها ، ومعنى وجودها ، ومشروعية ممارستها من قدرتها الفائقة على تحقيق اكتفاء ذاتي تغدو فيه “نصا على نصّ ممحوّ، وهامشا على متن محجوب” (مجلة البلاغة وتحليل الخطاب –عمر بنعسيلة –ص152)، أو اثرا يحيل على ذاته تكون فيه الذات كاتبة، ومنكتبة في آن واحد . لكنه رهان صعب المنال .إنه حلم كل كتابة تطمح إلى المستحيل دون أن تفقد الأمل في حيازته . إنه ذاك النص الأعلى، والمتعالي الذي نشعر به دون أن نراه، ويناوشنا دون أن نقدر على تحديد مصدر ذبذباته .
ولعل أحد الحوافز الرئيسة نحو هذا البحث المرهق عن نص أعلى يصون للشاعر هوية تنساب كماء النهر دون أن تتخلى عن جوهرها الثابت أن يكون راجعا إلى إحساس الشاعر بانه سجين ذات منذورة للسقوط :
إني في ذات
تسقط
أسقط
ويبقى الخراب (ص10)
نعم، هو يباب / خراب لا يقتصر على الذات فقط، بل يطول المدينة ،والاحلام أيضا :
من دربي المظلم في ذاتي
تسقط أطراف المدينة
تسري
أحلامي كل زمان
تبقى دفينه(ص13)
كما أنه يشمل جبالا مجاورة للمدينة يذكرها الشاعر بأسمائها المعروفة (با موسى – أقلال – بوحياتي) في إطار نوع من الإرساء Ancrage  الذي يوهم القارئ بواقعية المكان، ويمنحه ذاكرة جغرافية حميمة ذات خصوصية محلية .
العناصر الحية، والجامدة، والمكان، والوطن بدوره لا يفلت من الضربة التراجيدية لهذا الخراب الذي يحول كل ذات إلى هباء، ويفقد كل انتماء ما يحدده ،ويدل عليه من علامات، ومعالم :
إني سائل عن ذواتي
يا طول الطريق المعبدة بالدخان
أهذا المنفى لي
أو طني
أو لا مكان (ص24-25)
يتنامى هذا الحس المأساوي بالهوية لدى الشاعر إلى الحد الذي تنقلب فيه القيم إلى أضدادها بحيث يمسي إحراق ما تبقى من الخطاب مطلبا ملحا يسكن قلبا تائها في سماء الاغتراب، ويستوطن خطوات جيل غاضب لم ينل نصيبه من الإحساس بالطمأنينة، والعيش الرغيد .لا يبدو في الافق غير احلام معطلة ، ولا يبقى إلا الصخر، والشاعر، والنهر، والعطش، والماء الساري في الخواء. لا لون يعلو إلا لون السواد، والعماء، والمحن ، والشقاء، حيث الضوء ينكر ذاته، ويعصر ضوءه من حطام في حطام ..
لا مفر من الشتات إذن . الشتات في شقوق النصوص ، وفي الجهات كلها، والمشاعر كلها ..شتات بقدر ما أنه يشوش على الذات، بقدر ما أنه يخلّص الروح من الانتماء القاتل لحريتها . إنها “اللاءات” المجيدة التي تبرهن على أن الذات قادرة على المضي في التحدي إلى أبعد مدى .
يقول الشاعر :
لافجر
لاضوء للذات
لاسماء
لا أرض هنا
غير أشتاتي(ص41)
إن الذات الشاعرة عبارة عن أشتات ، لكنها تبقى بؤرة لذوات متعددة ،ومتنوعة .وهي أيضا نقطة انتشار وتباعد ،وتشتت لهذه الذوات ..وهذا ما يرتسم في  خيال الشاعر ساعة الإغفاء عندما يبدو الكون بعيدا عن الكون ،والذات بعيدة عن الذات. يندحر السواد أمام قدوم الضوء ،الا أن البقاء يظل حليف الحداد ، والرماد ، والهاوية، واليباب في الأحوال كلها .
حين أغفو
أنظر إلى التراب المجيد
أو الجبل العتيد..
سيكتفي الدهر بالتراب
ويأتي النور
ويبقى اليباب(ص46)
داخل هذه الأجواء الفجائعية المفعمة بالأسى، والضياع، والخراب يتحول الوجود إلى منفى مجازي . ويزداد الوضع مأزقية كلما كانت الذات تتمتع برهافة الشعور، ونباهة الوعي بما في سويدائها ، وما حولها .أليست المعرفة مأوى أثيرا للجرح الوجودي، وبوابة مفتوحة للعذاب الدنيوي كما قال المتنبي :
ذو العلم يشقى في النعيم بعقله /// وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم .
ما الخلاص إذن ؟
إنها الكتابة الشعرية بوصفها مهدا،ولحدا في الوقت ذاته . الكتابة المشتهاة باعتبارها سجنا، وسراحا،هوية، ومنفى في الآن نفسه.
لا خلاص إلا بإعادة جمع المشتت ، وإعادة تركيب المفكك لصوغ هوية ممكنة قادرة على اختراق الزمن، وقهر نوائبه:
 ((أبني وطنا من ترابي ،وذواتي
أجمع ما تبقى من دروب في شتاتي (ص64))
باختصار، الكتابة بوصفها صراعا دراميا بين اللذة، وبين الألم، وبوصفها تكسيرا للحدود بين نهار يجهل شمسه، وخيال يقدس سماءه.
نحبّ المدن والبلاد، ونمشي فوق التراب المقدّس
والنهار يجهل شمسه…
نحن المنفى، أو حين نحيى مجازا (ص61)
     مانحن إلا ظلال كما يرى الشاعر من خلال استحضاره لكهف أفلاطون في نص “الشتات يجهل كله”(ص69)، نحن صور، وبقايا، وأشباح منذورة للزيف، والخواء، واللامعنى. ومن ثمة، فنحن رهائن الأثر لدهر لا يبقي، ولا يذر .نحن شتات يجرفنا الزمن عرايا مثل تلال رملية نحو الفناء، وفي نهاية المطاف كأننا كنا هنا . ماذا بوسعنا أن نفعل غير أن  نتخيل، ونحلم، ونكتب، ونرسم وطنا بألوان الطيف الثوري عسانا نهتدي إلى صيغة أقل خسارة،، وأكثر شاعرية لمقاومة النسيان، والسقوط .
يقول الشاعر في الأنفاس الأخيرة من نصوص الديوان بأسلوب أقرب إلى النثرية التي تشبه في انسيابها الموسيقي العفوي حركات مويجات النهر الرشيقة :
تأتي الأقلام لكي تضمد جراحات السنين، أو تحاكي
فراغات الكون واطياف الثائرين ،تحاكي وطنا حالما
وأرضا تؤتي من الخصوبة كل حين …أنا أحيى بمغرب
محاكى، ابنيه
حجراً حجراً
حرفاً حرفاً
بلدكم لا يسع عقلي
بلدي يسع الممكن، والمحال …
دعني أحاكي وطنا في كفوف من خيال .. (ص72)
  • مظاهر التحول الفني في التجربة الشعرية عند كريم أيوب من خلال الديوان :
يشكل ديوان “النهر يشرب ذاته” بالمقارنة مع الديوان السابق “أزهار أرض باخوس” طفرة إبداعية لافتة تؤشر إلى نضج الكتابة الشعرية عند كريم أيوب، واستنادها إلى رؤيا شعرية تتطور بإيقاع متريث، بعيدا عن مفاتن التجريب الأرعن، والتقليعات الحداثية البراقة . ويمكن أن نجمل مظاهر هذا التطور على المستوى البنائي، والفكري، والجمالي، والرؤيوي في الديوان كما يلي:
*تسلح الشاعر بمرجعية ثقافية متنوعة المصادر، واقتداره على تشربها، واستثمارها المرن شعريا دون السقوط في شرك التقريرية، والصرامة الفكرية التي تمنطق كل شيء في الكتابة الشعرية .
*التحرر – بشكل ناضج- من جاذبية الاسطورة كما نلاحظ في الديوان الأول، واللجوء إلى التعامل مع الأسطورة كقناع فني يحتل داخل الموضوع الشعري موقعا وظيفيا دالا يستجيب لسياقات النص الفكرية، ومقتضياته الجمالية .
*الانشغال بالسؤال الشعري كتجربة وجودية، وإبداعية من داخل تجربة الكتابة ذاتها . وهذا ما يعكسه نص “الشعر يذكر ناره ” الذي يحبل بكثير من مظاهر الميتاشعري ، ويعكس نظرة الشاعر إلى الذات المبدعة بين الكتابة، والانكتاب.
*الانتباه الذكي إلى الكتابة الشعرية بوصفها نصا بصريا تتفاعل داخله العلامات كدوال سيميائية بشكل متواز مع الوحدات المعجمية، والبنى التركيبية، والتلوينات الإيقاعية، والتشكيلات التخييلية، والشحنات الوجدانية، والحمولات الفكرية … يتجلى هذا الاختيار التعبيري البصري في بعض المقاطع الشعرية التي تتجه سطورها في خطوط عمودية مائلة للتعبير يميائيا عن وضعية اختلال للذات وهي تسقط ، أو وهي تنهار، وتنساق –رغما عنها-نحو الخراب (ص10-13-15-28) أو خطوط نصف دائرية /دائرة مفنوحة (ص19-58) للتعبير عن حيرة الذات، وما يعتمل داخلها من صراع محتدم بين النهوض، والإجهاض…
*استثمار لعبة التناص وفق استراتيجية كتابية تنهض على فتح حوار ضمني مع نصوص غائبة بروح شعرية تشبه في رهافتها، وانسيابها جريان ماء النهر، وسخاءه .هذا ما نلمس أطيافه في استحضار قصيدة الأرض اليباب لإ يليوت، والمتح من عالم الأسطورة (سيزيف – ميتوس..)، والتفاعل الخلاق مع الخطاب الفلسفي (كهف أفلاطون)، واستلهام الخطاب الديني، والصوفي (القرآن).
*المراهنة على الطاقة الإيحائية التي يوفرها الانزياح بمختلف أشكاله في مرافقة القارئ نحو عوالم تخييلية تتوزع بين منطويات الذات المشتتة، وبين معادلاتها الموضوعية التي تقاسمها هذا الشتات في أبعاده النفسية، والوجودية، والرمزية. وميزة الشاعر كريم أيوب في هذا الديوان أنه يتعامل مع تقنية الانزياح كوسيلة، لا كغاية مما يضفي عليه طابعا بنيويا يخدم الوظيفة التعبيرية، والتأثيرية/ الحجاجية أكثر من خدمته للوظيفة الجمالية .
على العموم، تشكل نصوص هذا الديوان في سيرورتها الدلالية ذهابا، وإيابا، وفي تمظهراتها التخييلية المتنامية أفقيا، وعموديا، وفي تكشلاتها الإيقاعية المتناغمة مع تموجات الوجدان، والمتساوقة مع رجات التأمل  ذات الامتدادات الفلسفية، والصوفية، والأدبية، والأسطورية سبيكة شعرية نفيسة تغري بالقراءة، وإعادة القراءة .. نصوص مكتوبة بحبر خفي -على حد تعبير ع الفتاح كيليطو- بالنظر إلى ما تواريه خلفها من أسئلة عميقة تهجس بالقلق الوجودي ،والحيرة الصوفية، والألم المتلبس بالجمال .
وكلما طاوعنا حدسنا، وبصيرتنا في الكشف عن أسرار كل نص على حدة، أو في علاقة بنصوص سابقة، ولاحقة من الديوان، ازداد عطشنا، وطموحنا إلى  تجديد علاقتنا القرائية به. وكلها محطات تواصلية، وتفاعلية إيجابية ترافق إقبالنا على محاورة أي نص شعري لا يستسلم لقارئه منذ أول وهلة. نص مشاكس يفرض علينا أن نستنفر كل ما راكمناه من أدوات قرائية، ومرجعيات معرفية عساها تسعفنا في السفر عميقا نحو  تلك الطبقات البعيدة من احتمالات المعنى الشعري الذي يتخلق، ويتلون مع كل قراءة جديدة.
إحالات :
1-ديوان “النهر يشرب ذاته “- أيوب كريم –مطبعة النور –برشيد –ط1-2023.
2-دليل الناقد الأدبي –د.ميجان الرويلي ود.سعد البازعي –المركز الثقافي العربي –الدار البيضاء /بيروت -ط3-2002
3- مجلة البلاغة وتحليل الخطاب –من أجل شعرية للنص المصاحب –عمر بنعسيلة –عدد11-2017

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(°) ناقد وفاعل مدني
(°°) ناقد وشاعر، من أعماله “أزهار أرض باخوس”، “النهر يشرب ذاته” الفائز مؤخرا بجائزة سيزار الوطنية للشعر 2023دورة الأستاذ أحمد بوقنطير
تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 13:34

استكتاب مفتوح أمام الباحثين للمشاركة في مشروع تاريخي حول “بلاد تادلا وزيان بين 1912 و1956”

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 12:45

لقاء بالرباط لتعزيز التعاون بين النقابة الوطنية للصحافة المغربية والمركز القطري للإعلام

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 10:51

المجلس الأعلى للسلطة القضائية يناقش مستقبل التكنولوجيا الحديثة في المجال ‏القضائي

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 06:41

يحيى الفخراني شخصية العام الثقافية بالمملكة المغربية

error: