إدريس لشكر : ” اختار التغول أن يموقعنا في المعارضة “
محمد اليزناسني
الأحد 26 مارس 2023 - 14:54 l عدد الزيارات : 24116
عبد السلام المساوي
إن للمغرب قوانين ودستورا أسمى وملكا يحترم المؤسسات ، ولم يثبت عليه أن فضل حزبا على آخر ، أو توجها على آخر ، بل قال في عدد من خطبه إن حزبه الوحيد هو المغرب والوطن .
للأسف معظم أحزابنا تعتقد أن لعب دور المعارضة هو بمثابة لعنة أو عقاب سياسي ومكان من لا مكان له في مقاعد الحكومة ، بل هناك من يعتبر المعارضة مقبرة يدفن فيها موتى الانتخابات ، والواقع والدستور يقولان العكس بل يعطيان للمعارضة شأنا كبيرا لم تستوعبه طبقتنا السياسية لحد الآن وليس هناك أي مؤشر يوحي باستيعابه قريبا . ولولا مكانة المعارضة لما خصص لها الدستور الحالي عددا من الفصول تظهر دورها الحيوي في ضمان توازن النظام السياسي وفعالية البناء الدستوري و المؤسساتي .
في كل الدول الديموقراطية التي تحترم نفسها هناك معايير ومبررات تحدد من سيكون في الأغلبية ومن سيصطف في المعارضة ، وإذا كان الدستور المغربي قد حدد بناء على نتائج الاقتراع الحزب القائد للحكومة فإن روح الدستور شددت على أن يكون النظام السياسي متوازنا وأن تكون المعارضة قوية تقودها جهة سياسية ذات وزن وحضور كبير في الوطن تضع نفسها في موضع المراقب والمحاسب للحكومة وأغلبيتها مثلما تصنع معظم الدول الديموقراطية .
إن قرار التموقع في المعارضة والأغلبية ليس نزهة في حديقة بل قناعة واختيار شاق .
وحفاظا على التوازن داخل النسق السياسي، ولكي لا تتحول المعارضة الى مكان شاغر تشغله معارضات الشارع المدفوعة بالعدمية والمجهول والفراغ ، وخوفا على الوطن من الثلاثي المتغول ، قرر الاتحاد الاشتراكي الرجوع إلى المعارضة ؛
جاء في بيان المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي المنعقد في 12 شتنبر 2021 “…انسجاما مع وضوحنا السياسي والفكري ، وتعبيرا عن رفضنا التضييق على مساحات التعددية ، فإننا نعلن اليوم أن حزب الاتحاد الاشتراكي يقرر بكل مسؤولية أننا سندافع عن خياراته والتزاماته من موقع المعارضة المؤسساتية ، مواجهة كل النزوعات الهيمنية والإقصائية ، وكل مسعى لوأد التعددية الحزبية والسياسية .”
وجاء في الندوة الصحفية التي عقدها يوم 22 شتنبر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي بالمقر المركزي ” إن من أوحى بهذا التحالف الثلاثي قد أساء إلى الأحزاب السياسية ، وأفرغ السياسة من معناها الحقيقي وأدخلنا في مرحلة التغول الحزبي الذي حاربناه بكل قوة …إن هذا التحالف الثلاثي يحمل في خضمه تناقضات وبوادر التفجير خاصة مع هذه المقدمات الميدانية التي أبانت عن هذا التغول الحزبي الخطير .”
يوم الجمعة 8 أكتوبر 2021 ، وجه جلالة الملك محمد السادس ، خطابا ساميا الى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية الحادية عشرة ، جاء فيه : ” ونود أن نشيد هنا ، بالتنظيم الجيد ، والأجواء الإيجابية التي مرت فيها الانتخابات الأخيرة ، وبالمشاركة الواسعة التي عرفتها ، خاصة في أقاليمنا الجنوبية .
وقد كرست هذه الانتخابات انتصار الخيار الديموقراطي المغربي ، والتداول الطبيعي على تدبير الشأن العام . فالأهم ليس هو فوز هذا الحزب أو ذاك ، لأن جميع الأحزاب سواسية لدينا …”
مباشرة بعد الخطاب الملكي ، انعقد اجتماع للمكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي ، ثمن في البيان الصادر عقب الاجتماع ، ثمن تذكير جلالة الملك بأنه يضع المسافة نفسها بينه وبين كل الأحزاب على قدم المساواة ، والتأكيد على أدوار المعارضة في انجاح هذه المرحلة .
يقول جلالة الملك : ” إن بداية هذه الولاية التشريعية تأتي في مرحلة واعدة ، بالنسبة لتقدم بلادنا .
وأنتم حكومة وبرلمانا ، أغلبية ومعارضة ، مسؤولون مع جميع المؤسسات والقوى الوطنية ، على نجاح هذه المرحلة ، من خلال التحلي بروح المبادرة ، والالتزام المسؤول .
فكونوا رعاكم الله ، في مستوى هذه المسؤولية الجسيمة ، لأن تمثيل المواطنين ، وتدبير الشأن العام ، المحلي والجهوي والوطني ، هو أمانة في أعناقنا جميعا … ”
وتفاعلا مع الخطاب الملكي ، جاء في بيان المكتب السياسي المنعقد يوم الجمعة 8 أكتوبر 2021 ” وعليه فإن مواجهتنا للتغول وللهيمنة ولمحاولات تحجيم واضعاف أدوار المعارضة هو دفاع عن الدستور وعن التعددية ثانيا وعن النموذج التنموي الجديد باعتبار نجاحه مرتبط بالتشاركية والتضامن والتعددية.
ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نسمح بأي تراجعات ديموقراطية أو حقوقية، أو فرض إجماعات قسرية خارج ما يحدده الدستور من ثوابت ومن أدوار للمؤسسات المنتخبة وقي مقدمتها البرلمان بغرفتيه.
وفي هذا الصدد يؤكد الاتحاد الاشتراكي استمراره في الدفاع عن تحصين المؤسسات الدستورية وأدوارها. ولذلك سنواجه أي سعي لإفراغ مؤسسة البرلمان من مهامها في التشريع والمراقبة والمحاسبة، او إضعافها بمبرر أغلبية عددية ساعية للتغول.
إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ومن مسؤوليته كحزب وطني، يعتبر أن دقة المرحلة تفرض عليه بناء أسس معارضة وطنية، قوية، واقعية، اقتراحية، وتشاركية لمرافقة مرحلة الانتقال نحو نموذج تنموي جديد ببدايات سليمة .”
في افتتاح المؤتمر الاقليمي الرابع للاتحاد الاشتراكي بقلعة السراغنة ، في 19 مارس 2023 ، يقول الأستاذ إدريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي ” اختار التغول أن يموقعنا في المعارضة ، لذلك فمن خلال فريقنا البرلماني ، سواء في مجلس النواب أو مجلس المستشارين ، نقوم بدورنا في المعارضة دفاعا عن المواطنات والمواطنين ، وفي بعض الأحيان يدفعنا الحس الوطني والمسؤولية ، وفوق هذا وذاك التوجيهات الملكية السامية واستراتيجيات جلالة الملك لإنقاذ هذا الوطن وتقدمه ، يدفعنا كل هذا ألا نكون عدميين ، وألا نؤدي دور المعارضة الشعبوية ، واخترنا أن تكون معارضتنا معارضة مسؤولة ، خاصة وأن الذين تحملوا المسؤولية الحكومية لما جاؤوا ببرنامجهم الحكومي ، كان كما لو أنه برنامج للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في ما يتعلق بالحماية الاجتماعية والتنمية ، فاخترنا أن نكون معارضة مسؤولة ناصحة منبهة ، لكن مع كامل الأسف نلاحظ يوما بعد يوم أنه حتى أدوار المؤسسات بدأت تتقلص مع هذا التغول .
ستتفاجؤون كيف أن المعارضة تصوت لصالح قوانين الحماية الاجتماعية ، ولصالح ميثاق الاستثمار أو التغطية الصحية أو الحماية الاجتماعية يحيل في أغلب فصوله على المراسيم ، في حين أن المراسيم تدخل في إطار السلطة التنظيمية ، وما يخرج في هذه المراسيم يتعلق بقواعد قانونية دستورا هي من حق المشرع فقط ، وليس من حق الحكومة أن تبث فيها .
هناك نوع من التضليل تمارسه الحكومة عندما تجر المعارضة إلى مبادىء وقواعد ونصوت عليها لكنها تحول جزءا أساسيا من التشريع ومن المهمة البرلمانية إلى الحكومة .
مع كامل الأسف حتى نساء ورجال الحكومة ، الذين تحدثوا عنهم ككفاءات وكنا ننتظر أن ينتجوا هذه القواعد في المراسيم ، تنازلت عن حقها وتحدثت كحكومة ، وعن نقل هذه القواعد والإجراءات القانونية من القانون إلى المراسيم التي أصبحت تتحدث عن قرارات وزارية ، ومن ثمة فمن أصبح يتحكم في السياسة هو بنية تقنية أصبحت تحظى بالسلطة عوض الفاعل السياسي الذي صوت عليه المواطن سواء كان في الأغلبية أو المعارضة ، لأن من هو في المعارضة فرض التغول عليه هذا الأمر ، ومن هو في الأغلبية تنازل عن حقه في التدبير والتسيير .
نحن إذ ننتقد ونبين مكامن الخلل ، ينبغي أن نقضي بحقيقة أن وضعنا ليس هو وضع جيراننا شرقا في الجزائر إلى العراق ، فعندما نتحدث عن نصف الكأس الفارغ نستحضر النصف المملوء ، وهو ما يجعلنا ندافع عن استقرار بلادنا وأمنها . “
تعليقات
0