اتساع غضب الإطارات الحقوقية والنسائية حول مآل قضية اغتصاب جماعي لطفلة نتج عنه حمل

أحمد بيضي السبت 1 أبريل 2023 - 16:50 l عدد الزيارات : 22325
  • أحمد بيضي

تناقلت وسائل إعلام مغربية تصريح وزير العدل، عبد اللطيف وهبي السبت فاتح أبريل، بخصوص الحكم القضائي الصادر في قضية الاغتصاب الجماعي والمتكرر ل “طفلة تيفلت”، والذي نتج عنه حمل، مؤكدا أنه “صُعق لمضمون الحكم الصادر في حق المتهمين”، مشيرا إلى “أنه عازم على تشديد أقصى العقوبات في جرائم اغتصاب الأطفال”، و”أن ملف الطفلة لايزال أمام القضاء في درجة تقاض أعلى”، معبرا عن “ارتياحه لخطوة استئناف النيابة العامة للحكم حماية لحقوق الضحية وحسن تطبيق القانون”، والمؤكد أن وزير العدل خضع للغضب العارم الذي أثارته القضية، وهو يؤكد اهتمامه وتتبعه لهذا الملف من خلال تعيين مساعدتين اجتماعيتين لمواكبة الطفلة الضحية. 

وقد اتسعت موجة الغضب والاستياء إزاء الحكم القضائي بسنتين سجنا في حق ثلاثة عناصر أقدموا على “اغتصاب جماعي متكرر نتج عنه حمل لطفلة لا يتجاوز عمرها 12 سنة”، إذ بعد إطلاق “تحالف ربيع الكرامة”، الذي يضم جمعيات نسائية عديدة، حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تنديداً بهذا الحكم، ورأت فيه منسقة هذا التحالف، فوزية ياسين، “نوعا من الظلم”، وجهت عالمة الاجتماع، سمية نعمان جسوس، رسالة مفتوحة، في الموضوع، إلى وزير العدل تشتكي فيها مما وصفته ب “الظلم غير المقبول”، ومطالِبَة منه التدخل ل “تمكين الطفلة وعائلتها من أخذ نصيبهم من العدل مع دعوتها إلى “تشديد العقوبات على المتورطين في الواقعة”.

ذلك قبل دخول رئيسة جمعية “متقيش ولدي”، نجاة أنور، على خط القضية للتعبير بدورها عن استنكارها لما وصفته “بتساهل الحكم القضائي”، معتبرة إياه، في تصريحات إعلامية، ب “المنافي لمكتسبات مهمة حققتها بلادنا في مجال حماية الطفل وصون كرامته”، فيما أعلنت المعنية بالأمر عن تأسفها الشديد حيال “ما صدر من حكم في هذه القضية الذي جعلنا نعيد نفس التساؤل حول ما نناضل من أجل معالجته، من حيث القوانين ليست واضحة، ولم تتلائم بعد مع ما صادق عليه المغرب من مواثيق دولية، والسلطة التقديرية المخولة أيضاً سبب في صدور مثل هذه الأحكام المجحفة، قد حان الوقت لوضع حد لهذا المشكل“.

وعلاقة بالقضية، أعرب رئيس “جمعية منتدى الطفولة”، عبد العالي الرامي، في تصريح لجريدة “الشرق”، عن انتظاره “من القضاء المغربي أن يكون صارماً وحازماً في مثل هذه القضايا من أجل القضاء عليها، ويكون المعتدي عبرة للمجتمع لحماية الطفولة من الاغتصاب والاعتداء والعنف”، ومشددا على أن “القضاء هو المعهود له حماية حقوق الطفل والمصالح الفضلى للطفولة وصونها مما يستوجب الضرب بيد من حديد على المجرمين العابثين بجسد الطفولة”، على حد قوله.

كما لم يفت رئيسة “منتدى مساهمات”، ثورية لحرش، وصف الحكم، في تصريح إعلامي أيضا، ب “الجائر وغير المنصف”، معتبرة إياه “مشجعا لبعض الفئات على الاغتصاب”، ومؤكدة أن “هذه كارثة إنسانية بكل المقاييس”، وأن “من اغتصبوا الطفلة يستحقون عقابا يكون عبرة”، وأردفت: “هذه الطفلة دُمرت ودُمر حقها في حياة كريمة وتوازن صحي ونفسي، ولتكون لها حياة اجتماعية لن يكون الأمر هينا، بل تلزمها متابعة نفسية من طرف أطباء، والجناة تلزمهم عقوبة رادعة وفيها درس لهم ولغيرهم”.

ومن جهتها، عبرت منسقة ائتلاف “المناصفة دابا”، وفاء حجي، في تدوينة على فيسبوك، عن رفضها للحكم، ورأت فيه “أكثر من وصمة عار”، حسب تعبيرها، وفي الفعل المذكور “جريمة ضد احترام حقوق المرأة والطفل”، فضلا عن صيحات حقوقية اعتبرت الحكم “لا يمثل الحد الأدنى من العقوبة المنصوص عليها في القانون”، علما أن الفصل 486 من القانون الجنائي ينص أن الاغتصاب هو مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها ويعاقب عليه بالسجن من 5 إلى 10 سنوات، وإذا كانت سن المجني عليها تقل عن 18 سنة أو كانت عاجزة أو معاقة أو معروفة بضعف في قواها العقلية أو حاملا، فإن الجاني يعاقب بالسجن من 10 إلى 20 سنة.

وفي إطار القضية دائما، لم يفت “منظمة النساء الاتحاديات” الإشارة لتلقيها ب “صدمة واستياء كبيرين، منطوق حكم قضائي يقضي بعقوبة حبسية لا تتجاوز العامين فقط، في حق أفراد عصابة مكونة من ثلاثة وحوش آدمية متورطين في قضية اغتصاب طفلة نتج عنه حمل”، موضحة المنظمة، في بيان لها، أن “الطفلة الضحية تعرضت لاستغلال جنسي واغتصاب متكرر من طرف الوحوش الثلاثة نتج عنه حمل حسب ما أثبتته الخبرة الطبية التي أكدت بما لا يدع مجالا للشك العلاقة البيولوجية بين أحد المتهمين والجنين”.

ولم يفت “منظمة النساء الاتحاديات” التأكيد أنها “تابعت تصريحات وإفادات لوالدي الضحية بينت حجم المأساة المزدوجة التي عاشتها وتعيشها الضحية وأسرتها، التي لم تعانِ فقط من جريمة الاغتصاب تحت التهديد، بل أيضا من جراء الحكم الذي لم ينصف الضحية ولم يجبر الحد الأدنى من الضرر الذي لحقها”، فيما شدد على أن الحكم المذكور “يتعارض بشكل واضح مع دستور المملكة المغربية ولا سيما الفصلين 117 و 110 المتعلقين بالأمن القضائي والتطبيق العادل للقانون، ويتعارض مع الاعلان الأممي حول المبادئ الأساسية لتوفير العدالة لضحايا الجريمة وإساءة استعمال السلطة”.

وصلة بالموضوع، أعلنت “منظمة النساء الاتحاديات” عن “تضامنها المطلق واللامشروط مع ضحية هذه الأفعال الجرمية التي تمثل انتهاكا صارخا لحقوق الطفل، واعتداء سافرا على الأخلاق والقيم المشتركة”، وتعلن بالتالي “استعدادها لتقديم كافة أشكال الدعم والمساندة للضحية وعائلتها في المرحلة الاستئنافية، التي يعول عليها الجميع لتصحح أخطاء هذا الحكم الابتدائي غير المقبول، باعتباره يشكل مظهرا من مظاهر الإفلات من العقاب، التي تشجع الجرائم والاعتداءات الجنسية على القاصرين والنساء”، وفق نص بيان تم تعميمه.

وبدورها، شددت “جمعية جسور ملتقى النساء المغربيات” على مطالبتها الجهات القضائية ب “التحرك الفوري والعاجل لفتح تحقيق نزيه يضمن حقوق الطفلة البريئة”، مع “تشديد العقوبات وترتيب الجزاءات والآثار القانونية اللازمة لهذا الفعل الإجرامي الشنيع”، داعية عموم الجهات المسؤولة إلى “عدم التساهل أو التخفيف في العقوبات في مثل هذه الأفعال التي نعتبرها انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان وحقوق الأطفال والنساء وهي جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي كما هو منصوص عليه في المواد (286-488) والتي حددها المشرع من 10 الى 30 سنة”.

وفي هذا الصدد أوضحت “جمعية جسور ملتقى النساء المغربيات” أنها “تابعت بأسف شديد الحكم بسنتين سجنا على المتهمين الثلاثة في قضية اغتصاب الطفلة، كانت تتعرض لجريمة الاغتصاب بشكل متكرر تحت التهديد، وعمرها لم يتجاوز 12 سنة، ولم تعلم به العائلة الا بعد حدوث الحمل، ورغم تأكيد الخبرة الطبية للعلاقة البيولوجية بين الجنين وأحد المغتصبين إلا أن الحكم كان ظالما في حق الضحية والحق العام”، على حد مضمون بلاغ عممته الجمعية على الرأي العام الوطني.

وفي ذات السياق، أعلنت الجمعية أنه “لا يمكن أن نقبل كمجتمع مدني بأي تساهل أو تسامح مع مجرمي الاغتصاب، هذا التساهل الذي ساهم في انتشار الظاهرة بشكل يومي، جعل المغرب يحتل الرتبة الثانية على المستوى العربي في جرائم الاغتصاب والاعتداءات الجنسية”، فيما لم يفت الجمعية مناشدة الجهات المختصة من أجل “تمكين الطفلة الضحية من حقها في المتابعة الصحية والنفسية لرفع آثار العنف الجنسي الذي طالها وهي في عمر الزهور”، مع المطالبة بإعداد استراتيجية عمل فعلية وجادة رفقة الفاعلين والمختصين للحد من هذه الظاهرة التي باتت تهدد أطفالنا وتضعنا في مقدمة البلدان التي تتسامح مع الاغتصاب.

ويذكر أن جريمة اغتصاب الطفلة كانت قد وقعت في مطلع أبريل 2022، بقرية الغزاونة، ضواحي مدينة تيفلت، حين أقدم ثلاثة أشخاص، أعمارهم 25 و32 و37 عاماً، على اقتحام منزل الضحية في غياب تواجد والدها، وعمدوا لاغتصابها، بشكل وحشي جماعي، وفض بكارتها، قبل ترهيبها وتهديدها بالموت في حالة إخبار أسرتها، والخطير أن ذات الأشخاص كرروا فعلهم الإجرامي على الطفلة، حسب ما تم تداوله، ما نتج عنه حمل، ليتفجر خبر الجريمة فور تقدم أب الطفلة إلى أحد الأطباء الذي أكد الاغتصاب والحمل، فخرجت الطفلة عن صمتها باستعراضها لتفاصيل ما تعرضت إليه، وبلغ الأمر لمصالح الدرك الملكي التي تمكنت من إيقاف الفاعلين وتقديمهم للعدالة.

 

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الأربعاء 23 أبريل 2025 - 00:59

« ثَابتًا فِي حَيْرَتِي» بمحمد التهامي الحراق .. استلهام الميراث العرفاني في النظر النقدي

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 23:56

الحكومة تضحك على ذقون المغاربة: هذه خلاصات حوار اجتماعي بلا روح و بلا عدالة اجتماعية…

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 23:37

إدريس لشكر يعبّئ الوعي الوطني: معركة الحكم الذاتي بدأت والمطلوب جبهة داخلية واعية وصلبة

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 22:52

المغرب يقتحم الأسواق عالية المخاطر بتأمين عمومي.. هل تصمد الصادرات أمام التحديات؟

error: