خاطرة: رنة هاتف

200٬956
  • عبدالإله بوزين (°)
لطالما أن المرأة هي التي تشكك في كل شيء، في زوجها، وأبنائها، وصديقاتها، وأحياناً حتى في نفسها. دعني أفسرُ لك أكثر. تخيّل أن تكون متزوجاً مرتاح البال، فبمجرد أن يرن هاتفك فأنت خائن، والرقم الذي هاتفك هو رقم أنثى ولا علاقة له بالعمل أو العائلة أو شيئاً من هذا القبيل. هي تتخيل هكذا؛ ولا يمكنك إقناعها إلا إذا سمعت صوت المنادي وكان صوته خشناً، أما إذا كان الصوتُ أنثوياً فأنت خائنٌ وغدّار.
هكذا هي تتصور الأمورَ وبهذا الشكلِ. أحيانًا لأنها تغارُ عليك وأحياناً لأن طبيعتها تشكك في كل الأمور. ثقتها بك ضئيلة، ليس بسبب تصرفاتك بل بسبب شكوكها المستمرة. تخلُق سيناريوهات من وحي الخيال وتُنسبها إليك، ولا يحقُّ لك أن تقول لها هذا غير مقبول. فقط ما تقوله هي حسب اعتقاداتها صحيح، ولا غبار عليه. لا جدوى لإقناعها، لأنها لن تقتنع ولو استدَلتَ بعملية رياضية، واحد زائد واحد تساوي اثنين. فهذا غير مقبول في قاموسها العبثي، لأنها تشكك في كل شيء.
صحيح أن المرأة عمود البيت، ومحور الكون، لكن أحياناً ما تكون مزعجة، ومصدر الصّداع، والألم، والقلق، وحتى العقد النفسية. لذا عليك أن تتفهم مزاجيتها، وإلا ستخسر نفسك وتخسرها هي الأخرى. أتساءل، لما المرأة متقلّبة المزاج بهذا الحد؟، ولما تشكك في جل الأمور بهذا الشكل؟، أحياناً أجيب نفسي أن هذا راجع بالأساس إلى التقلّبات الهرمونية التي تأتيها على رأس كل شهر، وحيناً آخراً، أقنع نفسي أن المرأة هكذا متقلبة المزاج فحسب. تتصرف بطبيعتها المتقلبة وعليك تفهمها.
لكن يا صديقي تذكر مهما كنت وفياً فهي تشكك في وفائك، ومهما كنت صادقاً فهي تظن أنك كذّاب بشكل مبالغ فيه على وزن فعّال. فقط حاول أن تتملك أعصابك، فالمرأة كالمسرحي الذي يحرك عصاه لتكون مرة شجرة مثمرة، ومرةً أخرى مظلة، ثم تركب على العصى لتركض بها كأنها حصان، وهذا في الشكل المسرحي يُعتبر أسلوباً حربائياً. تارة تجدها حزينة، وأخرى سعيدة، ثم بكاء، ونوّاح، وضحكات متتالية بشكل صاخب.
لا يمكنك ضبط إيقاعها فهي ليست معزوفة موسيقية تتخللها أصابعك عزفاً بالنغمات التي تريدها. إنها تطبل بعيداً عن نسق الغناء الذي تريده، وعليك تقبل طبطباتها. الآن أنت تداعبها، تبادلها اللمسات والقبلات على نحوٍ أفيوني، لكن عقلها في شرود، تقول مع نفسها: سيقبّل غيري، سيعانق أخرى، فقد أشبع فضوله مني وما أنا بالنسبة إليه إلا ربة بيت.
ستدفعك من شرفة المنزل لتداعبك نسمات الهواء، تتراكل رجلاك مع نسق الجاذبية ليرتطم جسدك النحيف بالأرض، ولن تكثرت لموتك، ثم ستقنع الشرطة أنك مُنتحر ألقى بنفسه من النافذة ولا تدري السبب. ستبكي في جنازتك، وتقول للناس: “يا ويلي على بعلي ألقى بنفسه وتركني لوحدي، آخٍ وألف آخٍ على زوجي الحبيب تركني أرملة أواجه مثالب الدنيا العسيرة علي”..
هذا كله لأنها تحبك وتغار عليك، فما الجنون إلا جنون المرأة، أما جنون الرجل فهو مجرد هباجة وحُمق. إن هذا العنصر الوردي (المرأة) عجيب وغريب، ورغم غرابته إلا أنه فاتن، وساحر، وبهي، وباهر، و جميل هو بجميع أسماء الجمال. عليك أن تؤمن أشد الإيمان أن المرأة قرورة، فرفقاً بالقوارير.
(°) قاص
error: