عبد الرحيم الراوي يبدو أن الإعلام الفرنسي فقد البوصلة مؤخرا، ولم يعد يهتم إلا بمواضيع المملكة، حيث انخرطت العديد من الصحف الفرنسية من بينها “ليبيراسيون” و”شارلي إيبدو” و”كانال اونشيني” وغيرها من الجرائد والقنوات التلفزية في حملة ممنهجة تستهدف المغرب ومؤسساته الدستورية، بما فيها المؤسسة الملكية، لأسباب ودوافع باتت مفضوحة لدى الرأي العام. وقد سبق للنقابة الوطنية للصحافة أن عقدت اجتماعا لها يوم 16 شتنبر بالرباط، حيث أعربت في بيان لها عن إدانتها الشديدة لما ورد في جريدة “ليبيراسيون” الفرنسية، من إساءات للملك ومغالطات حول تدبير أزمة الزلزال الذي ضرب الحوز، ومحاولات التحريض على الفوضى وزرع الفتن. وفي سياق متصل، شجب المجلس الوطني للصحافة في اجتماع له يوم 20 شتنبر بالرباط، التصرف اللاأخلاقي لمجلة “شارلي إيبدو” وجريدة “ليبيراسيون”، حيث أشار في بلاغ له إلى المخالفات التي وردت في الصحيفتين خلال تغطيتهما لأحداث الزلزال جاء فيه “قامت مجلة شارل إيبدو يوم 15 شتنبر الجاري، بنشر كاريكاتير يتضمن تحريضا على عدم التضامن والمساهمة في دعم ضحايا الزلزال الذي هز المغرب. وهذا فعل غير مقبول، لأنه يمس بمبدأ مؤازرة ضحايا الكوارث الطبيعية، في مخالفة تامة للمبادئ الإنسانية”. وتابع المجلس الوطني، في ذات البلاغ، “قامت جريدة “ليبيراسيون” يوم 11 سبتمير الجاري بنشر صورة على غلافها لامرأة من ضحايا الزلزال، بعنوان “Aidez nous, nous mourrons en silence”، حيث أنه بعد التحقق من مضمون كلام المرأة، الذي راج في شبكات التواصل الاجتماعي، في فيديو مصور، فإن المجلس سجل أن ما نشر في الغلاف ونسب إلى المرأة الضحية يتنافى مع حقيقة ما كانت تقوله؛ مما يشكل ضربا لمصداقية العمل الصحافي والمهنية المفروض التحلي بها عند معالجة القضايا التي تكتسب طابعا إنسانيا، ولاسيما في لحظات الكوارث الطبيعية”. سعار الإعلام الفرنسي ظهر منذ بداية الأزمة بين فرنسا والرباط مطلع السنة الجارية حين قال جلالة الملك قي خطابه “أن الصحراء هي النظارة التي يرى بها المغرب العالم” موجها الرسالة إلى بعض الدول التي تعتبر نفسها صديقة للمملكة للخروج من المنطقة الرمادية، وبالتالي الإعلان عن موقفها بوضوح من قضية الصحراء المغربية. ولعل كارثة الزلزال الذي ضرب الحوز ضواحي مراكش قد هز كذلك أركان النخبة الحاكمة بالإليزي، ووضع علاقة البلدين على المحك بعد رفض المملكة طلب فرنسا من أجل تقديم المساعدة، وهو قرار سيادي وغير قابل للجدال أو المساومة. لكن أبناء ماكرون لم يتقبلوا موقف الرباط وأخذوا يهاجمون المملكة في شخص الملك، عبر إعلامهم الذي ما فتئ يتغنى بالاستقلالية والمهنية والأخلاقيات.. ليكشف في النهاية على وجهه الحقيقي بعد سقوط القناع، ويظهر بقيمة وحجم الإعلام الجزائري. هذا الأخير تواطأ كعادته في لعبة قذرة ضد المغرب ورموزه الوطنية ومصالحه العليا، في ظروف عصيبة تعيشها المملكة منذ أسبوعين بسبب كارثة الزلزال، وأخذت بعض جرائده المعروفة بولائها لنظام العسكر، تترجم سلسلة خصصتها جريدة “إكسبرس” الفرنسية في أعدادها الأخيرة لاستهداف شخص الملك، مستغلة في ذلك مأساة منطقة الحوز، لتنفث سمومها أملا في أن يحدث ذلك شرخا بين الملك والشعب، لكن ما يقع على الأرض هو أمر خارج تماما عن الحسابات السياسية الخبيثة تجاه المغرب، فكيفما كانت المحاولة سيكون مصيرها الفشل، ذلك أن الإعلام الفرنسي الجزائري الموجهين من قبل قيادتهما السياسية والعسكرية يجهلان تماما علاقة الشعب بملكهم، وما صرخة تلك السيدة التي قالت بكل عفوية وفي لحظة الألم “عاش الملك” إلا تأكيدا على أن الملك هو الشعب والشعب هو الملك. أظهر الإعلام الفرنسي وأتباعهم من العبيد في الجهة الشرقية أنهم لم يستفيقوا من غفوتهم، ولم يستسيغوا بعد بأن المغرب قد انطلق بالفعل، ولم يعد يحتاج إلى مساعدات دسمة في الظاهر ومسمومة في الباطن. فالجزائر وفرنسا يشكلان جزءا أساسيا من الأزمة السياسية التي يعيشها المغرب، فالأولى تساوم المغرب في وحدته الترابية وتلعب على الأوتار الحساسة في سيادة المغرب على أراضيه، أما الأخرى فهي تحضن وتمول وتسلح وتدافع عن الانفصال، فكيف لهما أن يتقدما بطلب المساعدة؟ قمة النفاق..
تعليقات
0