ايذي يقدم 3 ملاحظات أساسية على مشروع قانون المالية لسنة 2024
78٬780
مشاركة
قال يوسف ايذي رئيس الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بمجلس المستشارين، إننا في إطار المناقشة العامة لمشروع القانون المالي لا نريد الوقوف عند تفاصيل المشروع والأرقام التي جاء بها ومقارنتها بما قبلها وما هو وارد في تقارير وطنية ودولية، لأن ذلك سيأتي أوانه خلال الاجتماعات المقبلة المخصصة للمناقشة التفصيلية لمواد المشروع، وإنما نكتفي هنا بإيراد بعض الملاحظات الأساسية التي نود لفت انتباه الحكومة إليها.
وتتمثل ملاحظات الفريق الاشتراكي، على مشروع قانون المالية لسنة 2024، كما استعرضها يوسف ايذي في مداخلته خلال المناقشة العامة للمشروع في:
أولى هذه الملاحظات ترتبط بكون الفرضيات الأساسية التي بني عليها المشروع تبدو وكأنها تقفز على الواقع الاقتصادي والاجتماعي المغربي، إن لم نقل تغرق في تفاؤل مفرط يخلق حالة زائفة من الأمل سرعان ما يتحول إلى يأس قاتل،إنها فرضيات تحمل في طياتها أسئلة كبيرة حول صدقيتها وإمكان تحققها بالنظر إلى الظرفية الدولية والوطنية الصعبة كما أشرنا إلى ذلك سابقا.
وأشار ايذي، إلى أن ذلك اتضح جليا من خلال حصيلة السنتين الماليتين السابقتين، وأن معظم توقعات الحكومة بخصوص معدلات النمو والتضخم وعجز الميزانية كانت بعيدة عن الواقع مكرسة الإيقاع البطيء للعمل الحكومي، وهو ما يسمح بالتساؤل هل الحكومة على قدر ضعيف من الإلمام بالمعطيات الاقتصادية والاجتماعية الوطنية أم إنها ضحية ثقة زائفة في المستقبل الذي لا تتحكم فيه؟
وأضاف، أن “أكثر من ذلك فقد سجلنا بكل أسف غياباللانسجام وتباعدا في الأرقام بين الحكومة وبعض المؤسسات كبنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط بخصوص حقيقة وآفاق الاقتصاد الوطني وتطور مؤشراته”.
الملاحظة الثانية، تتعلق بالتحدي الذي يواجه الحكومة في استدامة وسائل تمويل البرامج الاجتماعية بدون التغول على الطبقة الوسطى التي تجد نفسها أمام خطر الإنزلاق إلى أوضاع اجتماعية صعبة، علما أنها الفئة التي تحقق توازن المجتمع في كل المستويات وهي التي تحرك الاقتصاد الوطني وتعزز التماسك الاجتماعي من خلال تقوية آليات التضامن التقليدي التي يبدو أن الحكومة ليست على علم بها. وعلى سبيل المثال فإن الإجراءات الضريبية التي همت الرفع من الضريبة الداخلية على الاستهلاك ومراجعة أسعار الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة لبعض المواد والخدمات الأساسية وخاصة السكر والسيارات الاقتصادية ونقل المسافرين وغيرها، بالإضافة إلى الرفع التدريجي لأسعار قنينة الغاز من فئة 12 كيلوغرام ابتداء من أبريل 2024، تظهر الحكومة وكأنها تحاول انتشال الطبقة الفقيرة من براثن العوز والخصاص وفي نفس الوقت تدفع بالطبقة الوسطى، صمام أمان أي مجتمع، نحو الهاوية.
وتابع ايذي، “انطلاقا من مرجعيتنا وخلفيتنا الاجتماعية المعروفة نلح على الحكومة أن تضع في نصب عينيها مسألة الاستقرار الاجتماعي إذ بدونه لن تكون هناك تنمية أو استثمار.” مشيرا إلى أن هناك من يذهب بعيدا في إثارة هذا التحدي المطروح على الحكومة لدرجة الحديث عن احتمال استنزاف الموارد الخاصة للدولة بسبب صعوبة ضمان الاستدامة المالية لبرنامج الدعم الاجتماعي المباشر للأسر.
وجاء في مداخلة رئيس الفريق الاشتراكي: نحن في هذا الصدد، كفريق اشتراكي- المعارضة الاتحادية، تثار أمامنا تساؤلات مؤرقة وتساورنا شكوك مقلقة، نتمنى أن تبددها الحكومة، حول سبل تمويل هذا البرنامج وغيره من الأوراش والمشاريع الكبرى في ظل مداخيل تأتي 90 في المائة منها من المداخيل الضريبية، في حين بالكاد تصل الإيرادات غير الضريبية 7 بالمئة، ليبقى الحل المتاح هو اللجوء إلى سوق الاقتراض الدولية الذي وإن أصبح سالكا أمام المغرب خاصة بعد حذفه من المجموعة الرمادية لمجموعة العمل المالي الدولية والاتحاد الأوروبي، فإنه حلا يبقى بطبيعة الحال محفوفا بمخاطر عدة سيما فيما يخص الحفاظ على السيادة الوطنية وضمان حقوق الأجيال المقبلة. إننا نتطلع فعلا إلى أن تتحلى الحكومة بقدر أكبر من الإبداع في إيجاد حلول بديلة وهوامش مالية جديدة.
الملاحظة الثالثة، تتعلق بغياب إصلاح ضريبي حقيقي في ظل استمرار الحكومة في تجاهل مراجعة أسعار الضريبة على الدخل خاصة بالنسبة للفئات التي تخضع لعملية الحجز من المنبع، بالإضافة إلى توالي المحاولات الحكومية لتخفيف أعبائها والبحث عن مصادر تمويل جديدة من الرفع من الضريبة على القيمة المضافة والضريبة الداخلية على الاستهلاك على مواد أساسية تنحصر تأثيراتها السلبية على الفئات المحتاجة والبسطاء من المواطنين ذوي الدخل المحدود.
وأكد ايذي، أن هذا الأمر ينطبق على الهواتف الذكية التي باتت تستعمل على نطاق واسع في مجالات التعليم والعمل عن بعد مع ما قد يترتب عن ذلك من تعميق للاختلالات الحاصلة بالنسبة لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص داخل المنظومة التعليمية الوطنية.
وسجل، بأن نفس الشيء ينسحب على الرفع من الضريبة على المشروبات الكحولية لما لها من أضرار على الصحة، وإذا كنا نتفق على أن هذا الإجراء سيوفر بعض المداخيل الضريبية والجمركية، فإننا ننبه في ذات الوقت إلى أن الرفع مئة بالمائة من رسوم الخمور من شأنه أن يفاقم في ظاهرة لجوء العديد من المواطنين إلى الإقبال على استهلاك أصناف غير مرخصة ولا تستجيب للمعايير الصحية، مما يؤدي إلى حوادث قاتلة تواترت في بلادنا خلال السنوات الأخيرة مع الأسف.
وخلص، إلى أن الحكومة تراهن على سنة 2026 كموعد لاعتماد السعرين 10 و20 في المائة في فرض الضريبة على القيمة المضافة سعيا منها لتوسيع الوعاء الضريبي، ولذلك فإننا سننتظر إلى حين هذا الموعد لنقيم مدى تحقق التأثيرات المرجوة من هذا الإصلاح التدريجي.
وختم ايذي، بأنه في جميع الحالات فسنظل نؤكد على حاجة بلادنا إلى إصلاح ضريبي حقيقي وفق مبادئ تضمن العدالة والاستقرار الضريبي بما يسهم في ترسيخ قيم التآزر والتضامن والانصاف بين الفئات الاجتماعية والاقتصادية والمجالات الترابية، ويؤدي أيضا إلى تقوية منسوب الثقة لدى المستثمرين الوطنيين والأجانب.