هناك قصة فرنسية وجيزة وجديرة بالاهتمام بطلها رئيس الجمهورية الفرنسية رينيه كوتيه يقدم فيها تمييزا بين رجل السياسة ورجل الدولة ، ففي احدى المناسبات ذكر له أحد وزرائه اسم زعيم بارز من زعماء الحياة السياسية في فرنسا فاستخف به الرئيس الفرنسي به وقال : ” انه ليس سوى رجل عادي بسيط من رجال السياسة ” . فسأله أحد الحاضرين : ولكن يا حضرة الرئيس ما الفرق بين السياسي ورجل الدولة في رأيك ؟ فأجابه قائلا : الفرق بسيط جدا ، رجل الدولة يريد أن يعمل شيئا من أجل بلاده ، والرجل السياسي يريد من بلاده ان تفعل شيئا من أجله .
ومن خلال تتبعنا لأنشطة الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي ؛ استقبالات لزعماء وقادة أحزاب ورجال دولة في مختلف قارات العالم ، مؤتمرات قطاعية وأنشطة فاعلة ، نلاحظ أن الأستاذ إدريس لشكر يريد أن يفعل شيئا ، بل أشياء من أجل بلاده ، والثابت البنيوي في فكر وخطاب الكاتب الأول هو الانتصار للوحدة الترابية والوطنية . عندما يتعلق الأمر بالوطن فادريس لشكر يضع الانتماء الحزبي بين قوسين لأن مبدأ الانتماء للحزب هو حقل لخدمة الوطن أولا وأخيرا .
ونحن في أوج الاحتقان الاجتماعي ، الذي فرضه اضراب رجال التعليم والتهاب الأسعار و….. ؛ أغلب القادة والزعماء السياسيين ، إن لم أقل كلهم ، لزموا قاعة الانتظار ؛ يترقبون بكثير من الحيطة والحذر والخوف ؛ سكتوا عن الكلام المباح وغير المباح ؛ لا تصريح ولا حوار ” وكم من حاجة قضيناها بتركها ” و ” الصمت حكمة ” !!!
ادريس لشكر حل ضيفا على برنامج ” مع الرمضاني ” على القناة الثانية يومه الأربعاء 29 نوفمبر 2023 ، تحدث بهدوء ومرح ، تحدث بصدق ومسؤولية ، تحدث بثقة في النفس ؛ ثقة مؤسسة على وضوح الرؤية ووضوح المشروع ، تحدث بلغة واضحة التي تجسد وضوح الفكر ؛ ناقش وعالج مختلف القضايا التي تشغل الرأي العام في الفترة الدقيقة و ” الحرجة ” والتي وضعت بين قوسين في انتظار من يعلق الجرس …لشكر رفع القوسين ونال تحية المتتبعين ؛ فصفقنا وعلى ” الصائمين السلام !” قارب القضايا التي تشغل الرأي العام : التعليم القضية الكبرى ، الحوار المتأخر للحكومة مع النقابات ، الاتحاد الاشتراكي والمعارضة بعد تهريب الأحزاب المتغولة للأغلبية ، غياب السياسي وطغيان التقني ، الأوراش الملكية الكبرى والثورية اجتماعيا وارتباك الحكومة في تنزيلها بالمعقول والجدية ، الأغلبية الحكومية بين غياب التواصل وحضور الشطحات ، التنسيق مع اليسار والمعارضة الحقيقية لبناء جبهة معارضة قوية ، أشبال الأطلس كرويا وسياسيا ، قوة حزب الاتحاد الاشتراكي تنظيميا وسياسيا وعلائقيا واعلاميا ، إدريس لشكر الإنسان….
إن حديث الكاتب الأول مع الرمضاني على القناة الثانية حديث متماسك ومتناغم تحكمه وحدة الفكر ووحدة الرؤية ….مؤسس على ثوابت مبدئية وقناعات سياسية …
إن حديث الكاتب الاول حديث عميق لأنه ، أولا، صادر عن الاتحاد الاشتراكي وعن كاتبه الأول ، ولأنه ثانيا ، يأتي في سياق سياسي واجتماعي دقيق ، ولأنه ، ثالثا يروم رفع الجمود والرتابة التي أصبحت تهيمن على حياتنا السياسية ، ولأنه رابعا يتوخى السمو على لغة التهريج ، تبادل التهم والسب ويتوخى القطع مع لغة الشعارات الفضفاضة والوعود الشعبوية….
إن حديث الكاتب الأول صادر عن رؤية تحليلية ونقدية ، رؤية اتحادية لتنمية الانسان والمجتمع….إنه رؤية بنيوية وجدلية للسياسة والمجتمع ..للتشخيص والبديل..الاختلالات والاقتراحات…انه ، اذن رؤية بنيوية وجدلية ؛
-رؤية بنيوية لانه يشكل نسقا فكريا منسجما تفكيرا وبناء ، نسقا فكريا سياسيا متماسكا منطقيا ، والخيط الناظم هو المنظور الاتحادي اليساري الاشتراكي الديموقراطي الحداثي…رؤية بنيوية لأنه خطاب يحمل الصدق داخله ، من هنا يرتقى عن لغو الكلام…
-رؤية جدلية لأنه ليس خطابا نظريا يتوخى الصدق الداخلي فقط ؛ انسجام الفكر مع نفسه…بل إنه حديث جدلي تاريخي ؛ حديث سياسي بحمولة واقعية ملموسة ، يتوخى الصدق الواقعي ؛ انسجام الفكر مع الواقع …رؤية جدلية لأن الحديث يطرح مختلف القضايا السياسية والاجتماعية والتنظيمية في ترابطها وتفاعلها وصيرورتها التاريخية….