كشفت بيانات أصدرتها المندوبية السامية للتخطيط أمس، أن معدلات التضخم في بلادنا، مازالت مرتفعة بالمقارنة مع ما كانت عليه قبل 2022 وإن كانت قد شهدت بعض التراجع الطفيف في الفصل الأخير من العام المنصرم. ولم تسعف التدابير التي أعلنت عنها الحكومة قبل أشهر، في كبح جماح الأسعار التي اشتعلت في المواد الغذائية طوال العام الماضي، وهو ما ضاعف عناء المواطنين في تأمين قفتهم اليومية جراء لهيب أسعار الخضر والفواكه واللحوم والزيوت والبيض..

وطوال العام الماضي، عانت شريحة واسعة من الأسر المغربية في الوصول إلى المواد الغذائية الأساسية، بعدما ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء إلى مستويات غير مسبوقة (100 درهم للكيلوغرام) وبعدما حطمت أسعار الخضر الرئيسية (الطماطم والبصل و البطاطس) أرقاما قياسية.

وأوضحت المندوبية في تقريرها حول أسعار الاستهلاك أن معدل التضخم ارتفع خلال العام الماضي ب 6.1 في المائة كما أن معدل التضخم الأساسي الذي يستثني المواد ذات الأثمان المحددة والمواد ذات التقلبات العالية، ارتفع بدوره إلى 5.9 في المائة مقارنة مع مستواه في 2022.

وتفيد البيانات الإحصائية التي أعدتها المندوبية السامية للتخطيط أن ارتفاعات المواد الغذائية المسجلة ما بين شهري نونبر ودجنبر 2023 طالت على الخصوص أثمان اللحوم ب 1,6 في المائة والزيوت والذهنيات ب 0,5 في المائة والحليب والجبن والبيض ب 0,2 في المائة. فيما يخص المواد غير الغذائية، فإن الانخفاض هم على الخصوص أثمان «المحروقات» ب 2,6 في المائة.

ولم تسلم جميع تكاليف المعيشة الرئيسية من موجة الزيادات المتفاوتة التي ضربت جيوب المغاربة خلال الفترة الفاصلة بين 2022 و 2023، انطلاقا من أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية التي قفزت بـ 12.9 في المائة، والسكن والماء والكهرباء والغاز والمحروقات الأخرى التي ارتفع معدلها 1.1 في المائة، وتكاليف النقل التي ارتفعت بـ 0.1 في المائة، مرورا بأسعار التبغ والمشروبات الكحولية التي زادت بـ 5.4 في المائة وأسعار الأثاث والأدوات المنزلية التي نمت بـ 3.8 في المائة، ووصولا إلى قطاع المطاعم والفنادق الذي عرفت أسعاره نموا بـ 5.7 في المائة.

أما على مستوى المدن، فقد سجل الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك خلال سنة 2023 أهم الارتفاعات في الحسيمة ب 10,1 في المائة وفي بني ملال ب 8,8 في المائة وفي الرشيدية ب 8,0 في المائة وفي العيون ب 7,7 في المائة وفي آسفي ب 7,5 في المائة وفي مراكش وتطوان ب7,1 في المائة وفي وجدة ب 7,0 في المائة وفي فاس ب 6,8 في المائة.

ويرتقب أن تظل الأسعار مرتفعة بالمقارنة مع المستويات التي كانت عليها قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا، خاصة بالنسبة للمنتجات الغذائية التي يتوقع أن تستمر أسعارها في التصاعد لاسيما المواد الطازجة، التي سجلت أعلى زيادة خلال الفصل الرابع ( 17,3+ في المائة حسب التغير السنوي) ، حيث يؤثر عجز التساقطات المسجل منذ ما يزيد عن السنتين والحرارة الاستثنائية سلبا على مردود المحاصيل، مما أدى إلى تقلص عرض المنتجات الزراعية في السوق والضغط على تكوين أسعارها.

وعلى العموم، رجحت المندوبية أن يصل معدل التضخم إلى 6,1+ في المائة خلال 2023، عوض 6,6+ في المائة خلال السنة الفارطة، بسبب تراجع حدة الضغوط التضخمية المستوردة، من جهة، واستمرار التوترات على مستوى أسعار المنتجات الغذائية المحلية (المنتجات الطازجة واللحوم وزيت الزيتون وغيرها) من جهة اخرى، على خلفية ارتفاع تكاليف الإنتاج (الري والأسمدة وأعلاف الماشية وغيرها). وقد سجل معدل التضخم الكامن، بدوره، نموا يقدر ب 5,9 في المائة في 2023 عوض 5,8 في المائة في 2022، وذلك في ظل تسارع وتيرة تطور أسعار الخدمات.