يوسف ايذي يناقش بإسم المعارضة الاتحادية بمجلس المستشارين تقرير المجلس الأعلى للحسابات

أنوار التازي الإثنين 5 فبراير 2024 - 12:46 l عدد الزيارات : 42254

ناقش رئيس الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بمجلس المستشارين يوسف ايذي، تقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم 2023-2022، الذي جرى تقديمه من قبل الرئيس الأول للمجلس زينب العدوي الثلاثاء الماضي في جلسة عمومية مشتركة لمجلسي البرلمان.

أوضح يوسف ايذي، اليوم الاثنين 5 فبراير 2024، خلال مناقشة التقرير بمجلس المستشارين، أن الفريق الاتحادي بالغرفة الثانية، تابع عرض الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات حول أعمال المحاكم المالية، طبقا لمقتضيات الفصل 148 من الدستور، والمادة 100 من القانون رقم 99.62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية، وهي محطة دستورية أساسية تكشف بالملموس المنهج التشاركي الذي تقوم عليه هذه المؤسسة الوطنية، وتفعيلا لمهامها الدستورية المتمثلة في تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة، والحرص على ممارسة كافة اختصاصاتها وفق منهجية شمولية متوازنة، تسعى من خلالها إلى تكريس ثقافة التدبير المرتكز على النتائج وأثره على حياة المواطن كمعيار لتقييم مدى نجاعة البرامج والمشاريع العمومية المعتمدة، مع تفعيل المبدأ الدستوري القائم على ربط المسؤولية بالمحاسبة، مكرسة في نفس الوقت تحقيق مبدأ الحق في الحصول على المعلومة.

وتابع يوسف ايذي، “نناقش اليوم هذا التقرير وفق الجدول الموضوعاتي المحدد سلفا، من مدخل المعارضة البناءة، مؤكدين للجميع أن المبدأ المتحكم في عملنا هو وفاؤنا لقيمنا الاتحادية ومنهجنا المتأصل والمتمثل في الإشادة بكل ما هو إيجابي والوقوف على السلبيات والتفاعل النضالي المبدئي من أجل تجاوز مكامن الخلل والمساهمة المواطنة في كسب كل التحديات التي تقف ضد تحقيق دولة القانون والكرامة والعدالة الاجتماعية.”

وأكد ايذي، أن التفاعل مع هذا العمل الجبار والغوص في مضامينه وأسسه، يستدعي منا أن نثير المعالم البارزة للسياق العام الدولي والوطني الذي صيغ فيه هذا التقرير نظرا لواقع العولمة و لطبيعة العلاقة الجدلية بين السياقين وما تفرزه من إكراهات وتحديات ومخاطر مهددة وفق ثنائية التأثير والتأثر.

وسجل ايذي، “أننا نعيش في وضع دولي غير مسبوق المتسم بالمحاولات الجارية و الحثيتة هنا وهناك من أجل النهوض بالجانب الاقتصادي للدول، جراء تداعيات التضخم العالمي؛ تضخم كرس الضعف والهشاشة الاقتصادية والترهل الاجتماعي و مدى الاتساع الصارخ و الفاحش بين الطبقات الاجتماعية، و اتساع بنية الفقر و انهيار الطبقة المتوسطة حتى في الدول الكبرى، فما بالكم بالدول النامية أو الصغرى.”

وأضاف رئيس الفريق الاشتراكي بالمستشارين في مداخلته “في ظل ما يعيشه العالم من أزمات التضخم والطاقة و التغيرات المناخية التي وضعت الكرة الارضية في لحظة جنون مناخي يهدد مستقبل الانسانية. نجد العدوان الاسرائيلي الهمجي على قطاع غزة و الضفة الغربية بفلسطين الذي يقارب شهره الخامس، و ما اسفر عنه من جرائم حرب سافرة في حق الشعب الفلسطيني خداجا و أطفالا  و نساءا و شيوخا و بنيات تحتية لم تسلم منه حتى المؤسسات الصحية و المؤسسات الانسانية الدولية و مؤسسات اعلامية.” مشيرا أنه يحاول من خلال هذا العدوان اليمين المتطرف الاسرائيلي تقويض الحل السلمي، وتعطيل تفعيل القرارات الأممية ذات الصلة بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة و عاصمتها القدس الشرقية.

و نوه ايذي في هذا الصدد، بتوجيه التحية الخالصة و الشجاعة للمبادرة الملكية السامية إلى الدعوة إلى عقد اجتماع لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، لبحث تدهور الأوضاع في قطاع غزة وبحث سبل إيقاف التصعيد، ودعم الحقوق المشروعة للدولة والشعب الفلسطينيين، تحت قيادة جلالة الملك، رئيس لجنة القدس، ومبادراته الحكيمة في قمة السلام بالقاهرة والقمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية بالرياض، من أجل وقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وتوفير الأجواء المناسبة لاستئناف الحوار والتفاوض السلمي.

وعلى المستوى الوطني، أكد ايذي، أنه لا بد من الإشارة أولا إلى الورش الكبير الذي نعيش حيثياته اليوم والمتعلق بالحق في الحياة، وهو ورش الماء الذي خصص له جلالة الملك مؤخرا جلسة عمل لتتبع مدى التقدم في هذه المسألة الاستراتيجية، في ظل العجز الملحوظ للتساقطات المطرية و حالة الرصيد المائي المتدهور على مستوى سدود مملكتنا ومدى الإجهاد الذي تعرفه الموارد المائية. مضيفا أنه “لا يسعنا إلا أن نعبر عن ارتياحنا للتوجيهات الملكية ذات البعد الاستباقي في ما يتعلق بتوفير الماء الشروب لكافة المغاربة، واعتماد الربط بين الأحواض المائية، وإنشاء محطات تحلية المياه، وإعادة استخدام المياه العادمة المعالجة.”

وشدد ايذي، أنه لابد من مواجهة الحكومة، من موقع الفريق في المعارضة الإتحادية، على كل تلكُّؤ في تنفيذ التوجيهات الملكية السامية، والإسراع في إنجاز العمليات المبرمجة في إطار السياسة العامة المائية. مؤكدا على الحرص على ممارسة “دورنا الرقابي للدفاع عن حق المواطن في الماء، لأن الأمر يتعلق بمرفق عمومي حيوي، يشكل أسس الامن المائي الوطني كجزء من الامن الغدائي ،يعتمد على استمرار توفير المورد المائي الذي يعد أساس الاستقرار والأمن المجتمعي.”

وفي سياق الأوراش الكبرى، سجل ايذي الارتياح الكبير للمبادرات السامية التي أطلقها جلالة الملك، و على رأسها على المستوى الافريقي المبادرة الملكية برؤية استراتيجية التي اطلقها خلال الخطاب الملكي لسادس نونبر الاخير بمناسبة الاحتفال بذكرى المسيرة الخضراء المظفرة تتعلق برؤية تنموية مغربية نحو الدول الافريقية الأطلسية، مع تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي، و التي لقيت تفاعلا افريقيا سريعا ينبأ بمستقبل جديد بأفق جديد لهذه الدول و من خلالهم للقارة الافريقية. أما داخليا  فقد حث جلالة الملك نصره الله على تنزيل الحماية الاجتماعية ومراجعة مدونة الأسرة، وتدبير إشكالات الفلاحة، الماء والطاقة. 

وتابع ايذي في مداخلته، “إننا ورغم ما عبرنا عنه دائما من انخراطنا المبدئي مع كل المبادرات الملكية و مع الكل التدابير الايجابية للحكومة، الا اننا  نعبر اليوم بكل وضوح و علانية عن قلقنا الشديد من العجز السياسي والمؤسساتي والتواصلي الذي يعتري التدبير الحكومي في مواكبة هذه الأوراش الطموحة، وعدم قدرتها على تصريف التوافق المجتمعي حول الدولة الاجتماعية ومقتضياتها بما يضفي النجاعة و الفاعلية و التأثير المباشر على المواطن المغربي، الذي يعاني من من سوء هذا التدبير و هذا الغياب التواصلي. ولعل التدبير الحكومي الارتجالي الذي هدد السلم الاجتماعي لملف التعليم وهدر الزمن التربوي خير دليل على ما نقول حول التعاطي الحكومي مع القضايا الاجتماعية الحساسة، وافتقادها للكفاءة السياسية والتشريعية والأخلاقية حيث لم تستطع التخلص من الهيمنة التقنية، والرفع من إيقاع أدائها لمسايرة الثورة الاجتماعية الهادئة التي أطلقها جلالة الملك.” يضيف رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين.

ولاحظ ايذي، أن هناك العديد من الإشكاليات والتحديات التي تحتاج إلى حلول شاملة وفعالة، ويتعلق الامر أولا بنقص الموارد المالية في القطاعات الحكومية. هذا النقص الذي يؤثر على الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين، ما يؤدي إلى تدهور البنية التحتية والخدمات العامة. الأمر الذي يستوجب على الحكومة تحسين إدارة الموارد المالية وتحسين جودة الإنفاق الحكومي، وضرورة ترشيد النفقات وتوجيهها نحو القطاعات الأكثر أولوية وإخضاعها لتتبع يضمن تحقيق الأهداف المحددة.

ثانياً، ضعف الإطار القانوني والتنظيمي في القطاعات الحكومية. الذي يجرنا إلى عدم توافر مبدأ الشفافية والإلتزام الجاد في العمل الحكومي، ويؤثر على جودة السياسات وتنفيذيها، حيث لا يمضي يوم إلا ونجد المواطنين يعانون نفس إشكالات الأمس، الأمر الذي يجيب على سؤال عدم رضاهم عن الحكومة، ولنا في الصناديق الوطنية للتقاعد خير مثال، التي تعاني من عدم الاستدامة، إضافة للإصلاحات الهيكلية اللازمة التي لم تَحدث على الرغم من الطابع الاستعجالي لهذا الإصلاح. ، ولأجل هذا -وكما ذكرنا كم من مرة في هذه القبة الموقرة- يجب على الحكومة تحسين الإطار القانوني والتنظيمي وتعزيز الشفافية والمساءلة بالنسبة لكافة القطاعات، وتحسين الإدارة المالية في المؤسسات والمقاولات العمومية، وضرورة تقوية منهج الرقابة المالية والمحاسبية، وتطوير الأداء والكفاءة في المؤسسات والمقاولات العمومية.

ثالثا: غياب استراتيجية وطنية للاستثمار، إذ في ظل الأزمة التي تعتري الاقتصاد الوطني نتيجة عدم وجود استراتيجية وطنية للاستثمار، ما يؤثر على تنمية الاقتصاد ويؤدي إلى عدم استقرار الوضع الاقتصادي، خصوصا وأن ميثاق الإستثمار دخل حيز النفاذ، لكن أفق تنزيله يبقى مشمولا بالضبابية في ظل الإجراءات الحالية، اذ يتطلب الأمر تحسين نسب النمو، حيث أن إصلاح منظومة الاستثمار يشكل رهانًا كبيرًا من شأنه تحسين نسب النمو وتوفير المزيد من الموارد لميزانية الدولة.

رابعا: إعادة النظر في حكامة الحماية الاجتماعية بشكل عام، وفي حكامة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بشكل خاص، حيث أن ما جاء في التقرير يبرز أن تنزيل منظومة الحماية الاجتماعية في بلادنا يعاني من العديد من المشاكل والتحديات، مثل قلة التغطية وعدم كفاية الخدمات المقدمة وعدم وجود ضمانات قوية لاستدامتها المالية؛

خامسا: العوائق والتحديات التي تواجه تنزيل ورش المدارس الجماعية، المتمثلة في عدم توفر الوزارة الوصية على استراتيجية موثقة تحدد بوضوح الأهداف والمؤشرات المراد تحقيقها، والموارد البشرية والمالية المطلوبة، مع غياب الإلتقائية بين الجهات المعنية ما يؤثر سلبًا على جودة التنفيذ والأداء.

سادسا: فيما يتعلق بالإطار القانوني والمؤسساتي لورش الجهوية المتقدمة التي تحتاج اليوم المزيد من المواكبة لتفعيل اختصاصات الجهات واستكمال منظومتها القانونية، الأمر الذي يتطلب الإشراف والمتابعة المستمرة لتفعيل الجهوية المتقدمة وضرورة استكمال إصدار النصوص التطبيقية وتفعيل مختلف هياكل المجالس الجهوية؛

وعلى مستوى التوصيات، خلص ايذي، أنها في السياق ذاته الذي دائما ما طالب به الفريق الاشتراكي وحث على تنزيله في مختلف المجالات منذ بداية العمل كبرلمانين وممثلين للأمة، قصد تحسين الإطار القانوني والمؤسساتي وتطوير أدائه ونجاعته وضمان الاستمرارية والتنمية المستدامة لوطننا الحبيب.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

مقالات ذات صلة

الإثنين 21 أبريل 2025 - 22:51

و أخيرا الإفراج عن اللجنة الموضوعاتية لتقييم “كارثة”مخطط المغرب الأخضر 

الإثنين 21 أبريل 2025 - 22:14

لقاء أدبي بالرباط حول فكر الراحل إدمون عمران المالح

الإثنين 21 أبريل 2025 - 21:59

مثقفون ومفكرون وشعراء وأبناء أصيلة يشاركون في تكريم الراحل محمد بنعيسى

الإثنين 21 أبريل 2025 - 20:56

عدم الالتزام بآجال الأداء يهدد الشركات الصغيرة.. الفريق الاشتراكي يطالب الحكومة بالوفاء بالتزاماتها

error: