انعقاد الدورة الرابعة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين وهذا ما كشف عنه الحبيب المالكي
أنوار التازي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 10:59 l عدد الزيارات : 19843
عقد المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، الدورة الرابعة للجمعية العامّة، اليوم الأربعاء 28 فبراير 2024، برئاسة رئيس المجلس الحبيب المالكي.
وأكد الحبيب المالكي في كلمته، خلال افتتاح الدورة الرابعة من الولاية الثانية، أن انطلاقة هذه الدورة، تشكل منعطفا هاما في التقاسم والتملك المشترك لأعمالنا ورؤانا المستقبلية حول مواكبة وتقييم الإصلاح التربوي ببلادنا.
وأوضح المالكي، “إننا لم ندخر الجهد جميعا – رئيسا وأعضاء وهيئات تداولية وأجهزة تقنية – لتيسير شروط إنضاج التفكير داخل المجلس، وضمان التشاور والتنسيق الضروريين، لكي تصب مساهماتنا جميعا في نفس الاتجاه، وتكون على أعلى مستوى ممكن من التكامل والالتقاء.”
وأشار المالكي، أنه إذا كانت هذه الدورة، لا تكتسي أي طابع تقريري، فإن غايتها الأساسية – بالنظر لأهمية الرهانات المطروحة – هي ضمان الإسهام الجماعي في تقاسم ثمار اشتغال اللجان الدائمة، من خلال مناقشة وضعية تقدم أشغالها، والنتائج المرحلية لعملها، واقتراحاتها التي ستعرض علينا؛ قصد تملكها وتعميقها وإغنائها بشكل بناء.
ومن هذا المنطلق، يضيف المالكي، “فإننا فكرنا مليا في الجوانب التنظيمية والمنهجية لهذه الدورة، وحددنا بعض القواعد التي من شأنها تيسير النقاش وتنظيمه وإنضاجه، عبر استحضار العناصر التالية: تركيز رؤساء اللجان على خلاصات أشغالهم، والمراحل التي انتهوا إليها، فيما هو معهود لهم من الدراسات والأبحاث، مع التركيز على ما هو جديد وذو أهمية استراتيجية؛ و استحضار الأسس والمرتكزات التي ينبني عليه عمل اللجان؛ على مستوى السياق، والمنهجية، والمرجعيات، والرؤية العامة، والغايات؛ بالاضافة إلى انكباب السيد الأمين العام، ومقرري اللجان الدائمة، وأطر البنية التقنية، على التتبع المتمعن واليقظ للمناقشات، وتدوين الملاحظات في اتجاه الاستثمار الأمثل لمختلف المضامين والآراء المطروحة.
وأوضح المالكي، أننا بصدد مراكمة وترسيخ تقليد يعد من بين أجود الممارسات، بالإضافة إلى كونه يساهم في تقاسم الانشغالات وضمان التقائية وانسجام عملنا الجماعي. مؤكدا أن تخصيص هذه الدورة كذلك لتدارس الرؤى الحكومية للوضعية الحالية والآفاق المستقبلية للمنظومة التربوية الوطنية على المدى القريب والمتوسط، غايته تعزيز وتقييم ومتابعة تفعيل أهداف الإصلاح، والخلوص لتجلية مكامن القوة والإكراهات التي ينطوي عليها الحاضر، واستشراف الطموحات المشروعة للأمة وانتظارات المواطنات والمواطنين.
وجاء في كلمة المالكي “إنها لمناسبة سانحة لنعبر جميعا، عن فخرنا واعتزازنا بالعلاقات المؤسساتية التي تجمعنا، وعلى هذه الإرادة البناءة والروح الأخوية التي تطوق اشتغالنا؛ مستلهمين روح الدستور وتوجيهات صاحب الجلالة، لنضطلع بمسؤولياتنا، ونواكب البرامج والديناميات الإصلاحية المطروحة على جدول أعمال بلادنا؛ علاقة بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي.”
وضمن نفس السياق والرؤية ، ولتدعيم التفكير الجماعي ، شدد المتحدث، على ضرورة الانكباب على ما يحرص عليه جلالة الملك محمد السادس، من تعزيز وتقييم ومتابعة تفعيل أهداف الإصلاح؛ خصوصا تيسير ” المواكبة اليقظة لإصلاح المنظومة التربوية المتواتر، بنفس تعاوني وثيق، ومواكبة المجهود المبذول في تطبيق المقترحات الواردة بالرؤية الاستراتيجية والمقتضيات المتضمنة في القانون الإطار 51.17 “.
وسجل المالكي، أن تحقيق هدف إرساء مدرسة ” جديدة ” منصفة، جذابة وعالية الأداء، يستدعي اشتغالنا على نحو مشترك، كشركاء استراتيجيين، لأننا كلما كنا متحدين في الاختيارات والأفكار والمبادئ والقيم، كلما كنا أقوى، بشكل يتيح التغلب على الصعاب، مهما كان حجمها، ويمكن من رفع سقف إنجازات وطموحات بلدنا، ومواكبة المخططات والسياسات والبرامج، وكشف المكاسب والمعيقات، واستحضارالمتغيرات والرهانات والحاجيات الآنية والمستقبلية، والاستيعاب الواعي للتحولات المجتمعية والديمغرافية والثقافية التي تعرفها بلادنا.
وأشار المالكي، إلى أن الطابع الاستراتيجي لعلاقة المجلس مع السلطات الحكومية المشرفة على الشأن التربوي، يفرض إيلاء هذه العلاقة ما تستلزمه من عناية خاصة؛ ذلك أن هذه القطاعات توجد في صلب الفعل التربوي باستمرار. وهي بهذا تتوفر على التجربة والمعرفة الجيدة والإلمام بالتحديات والصعوبات ” الواقعية “، التي تسعى يوميا إلى معالجتها، علاوة لتوفرها على أرشيف وازن، وكم هائل من المعطيات التي لا غنى عنها في أي اشتغال ينصب على المنظومة التربوية.
وتابع المالكي، “أما المجلس، فهو يتموقع في صميم سيرورة مستمرة من التفكير والاقتراح، وله ميزة النظرة الخارجية والرؤية الاستراتيجية، كما أن عمله يتميز بميزات التحليل النقدي والتقييم الموضوعي المستقل، علاوة على إيجابية تركيبته التعددية، ونهجه التشاركي. وبذلك، تشكل هذه المقومات مجتمعة عوامل جودة ونجاعة فكرية واقتراحية؛ حول قضايا المنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي.” مؤكدا أن الحكومة والمجلس يتقاسمان نفس الغايات ويسعيان لتحقيق نفس الأهداف والمقصد، وهو النهوض بالمنظومة التربوية وتحديثها.
وشدد المالكي، أن هذه الدورة فرصة ثمينة لتعزيز الحوار المسؤول حول هذه القضية المصيرية التي تحظى بالرعاية والعناية الخاصة لصاحب الجلالة؛ والذي لا يتوانى التذكير بأهمية هذا الورش في كل خطبه السامية، ويعتبر التربية والتكوين “رافعة للتنمية المتوازنة وعماد تأهيل الرأسمال البشري”، كما يشدد على إعمال مقتضيات القانون الإطار، وعلى التعبئة الجماعية من أجل حسن تطبيقه. كما يؤكد جلالته، على أنه ” لمبعث اعتزاز لنا في المغرب ، أن تشكل المقاربة التشاركية دوما منهجا في بلورة الإصلاحات الكبرى التي شهدتها بلادنا في عدة محطات فاصلة في تاريخنا الحافل بالمنجزات والتطورات الإيجابية. وإذا كانت هذه المنهجية تعكس الوجه الإيجابي الآخر للديمقراطية المغربية وتفردها، فإن الهدف الأسمى يظل هو ترسيخ دولة الحق والمؤسسات، على أساس فصل السلط وربط المسؤولية بالمحاسبة”.
وذكر المالكي، “إننا مؤمنون بأن وطننا يحتاج في هذه اللحظات من تاريخه المعاصر إلى تعاقدات وتوافقات صلبة في القضايا المرتبطة بالأوراش الإستراتيجية الكبرى، وفي مقدمتها مواصلة إصلاح منظومة التربية والتكوين.” مسجلا أن هناك الكثير من الفرص والرهانات، ويجب الوعي بأنه ما لم يتم ” تغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين على غيرها من الحسابات” كما يؤكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، واستحضار الروح الوطنية والتشبع بفضائلها السامية في مواقفنا وممارساتنا، ونشر قيم الديمقراطية وترسيخ دولة القانون، وتكريس ثقافة المشاركة والحوار ، وتعزيز الثقة في المؤسسات، حتى نستطيع تحقيق طموحنا الجماعي الرامي إلى بناء دولة المؤسسات وإرساء الاستقرار المجتمعي، وتحقيق أهداف التنمية البشرية المستدامة؛ ومنها السمو بالحق في التربية إلى شروط التقدم الاجتماعيوالاقتصادي والثقافي.
وأكد أن هذا الورش الوطني الكبير، يقتضي الانخراط الواسع والمسؤول للجميع بحس وطني عال، من أجل كسب هذا الرهان وتحقيق أهدافه. لأن المدرسة اليوم توجد في صلب مشروع بلادنا المجتمعي، نظرا للأدوار التي من المفروض عليها النهوض بها في تكوين مواطني ومواطنات الغد.
وأوضح المالكي في هذا السياق، أنه ارتأينا بناء على رؤى وتطلعات صاحب الجلالة، أن نضع التعاون الدولي ضمن انشغالاتنا الجوهرية؛ عبر دينامية جديدة لمأسسة التعاون الثنائي مع المجالس المماثلة، ودعم تبادل الممارسات الفضلى، خصوصا مع البلدان الأطلسية؛ إعمالا لخطاب جلالة الملك الموجه إلى الأمة بمناسبة الذكرى 48 للمسيرة الخضراء ، حين أكد أنه ” إذا كانت الواجهة المتوسطية تعد صلة وصل بين المغرب وأوروبا، فإن الواجهة الأطلسية هي بوابة المغرب نحو إفريقيا، ونافذة انفتاحه على الفضاء الأمريكي “، مضيفا جلالته أن :” غايتنا أن نحول الواجهة الأطلسية، إلى فضاء للتواصل الإنساني، والتكامل الاقتصادي، والإشعاع القاري والدولي”.
وأضاف المالكي، أنها دعوة لنا جميعا إلى الإسهام مع أشقائنا في إفريقيا بالخصوص، على إيجاد أجوبة علمية وناجعة لجملة من الرهانات والتحديات؛ أهمها رهان التربية والتكوين والبحث العلمي.
وخلص الحبيب المالكي، أن المغرب أكد أمام الدورة العادية ال 44 للمجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي بأديس أبابا منتصف هذا الشهر، أن التعليم يظل الركيزة الأساسية في الرؤية المتبصرة للملك محمد السادس على مستوى التنمية. وأن المغرب ما فتئ يؤسس في نموذج التعاون جنوب جنوب بشكل أساسي على برامج التكوين المهني والأكاديمي لصالح الشباب الإفريقي، على اعتبار أن تعزيز قدرات هذه الفئة يظل شرطا أساسيا لنجاح كافة الاستراتيجيات التنموية القارية.
وختم “إن عزمنا القيام بزيارة عمل للمجلس الأعلى للتهذيب بموريتانيا، قصد نقل تجربة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي على مستوى تقديم الآراء الاستشارية والتفكير الاستراتيجي والتقييم، تندرج ضمن هذا المسعى والرؤية؛ وهي أن المشروع الأطلسي، مشروع إنساني وحضاري وسلمي، ومشروع مستقبلي وعقلاني للحوار والانفتاح والتكامل؛ وكذا للتنمية العلمية المتبادلة والنشر العلمي المشترك، وتكامل الكفاءات في البحث والابتكار والتكوين والتعاون الأكاديمي والجامعي.”