خلافا لما كان متوقعا، منحت الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي ترخيصا خلق الكثير من الجدل عند العامة، وعند الأطباء النفسانيين والمختصين في علاج الإدمان خاصة، ويتعلق الأمر بتصنيع شكولاتة، يدخل في تركيبتها مكون من مكونات النبتة، المسمى ب CBD، الذي قيل بأن له فوائد صحية خلافا لمكون THC الذي له تأثير تخديري على المتلقي.
الترخيص المثير للجدل، أكد أطباء يوم الجمعة في لقاء علمي في مدينة الدار البيضاء، أن خبره نزل كالصاعقة على الرؤوس، لأن الأولوية يجب أن تمنح للتراخيص التي تخص أدوية لعلاج حالات مرضية أكدت الأبحاث العلمية نجاعتها وأهميتها، كما هو الحال بالنسبة لمرض الباركنسون وأمراض السرطانات، والجهاز الهضمي، وللتخفيف من آلام العديد من العلل الأخرى على مستوى الجلد وغيرها، منتقدين في المقابل استمرار تعطيل الدورة العلاجية.
وإذا كان النقاش المتعلق باستعمال القنب الهندي في المجال الطبي يقتصر على ما يتعلق بالتجميل وببعض المكملات الغذائية، فإن النبتة التي لها خصائص بالغة الأهمية، كان من الممكن أن تخفف وأن تحد من آلام الكثيرين خلال كل المدة الفارطة لو تم وضع قطار العلاج على سكته الصحيحة. ولا تقف علامات الاستفهام المرتبطة بهذا الموضوع عند عدم نجاح عدد من الخطوات التي تم قطعها خلال السنتين الفارطتين، كما يرى ذلك عدد من المختصين، بل تمتد لتشمل العنصر الرئيسي داخل هذه المنظومة، ويتعلق الأمر بالفلاح الذي جاء هذا الورش من أجل أن يكتسب نشاطه الفلاحي وأن يحظي هذا النشاط بشرعية قانونية، وأن ترافق العملية الخطوات التقنية المؤطرة قانونيا، فإذا بهذا المجال يستقطب شركات ومختبرات شرعت في اقتناء الأراضي، وليس مجرد كرائها، لتضع يدها على دورة الزراعة والإنتاج والصناعة كاملة، الأمر الذي يثير الكثير من الاستغراب!
وعبّر أطباء خلال لقاء الجمعة على أنهم ليسوا ضد التصنيع الغذائي وتقنين استعمال القنب الهندي، لكنهم أبدوا تخوفات مشروعة من أن تصبح هذه المنتجات رهن إشارة الأطفال واليافعين، رغم كل الضوابط القانونية التي يمكن سنّها، وهو ما يعني تسهيل ولوج هذه الفئات العمرية إلي عالم “التخدير”، مشددين كذلك على أن هناك خصائص علمية يجب الانتباه إليها ترتبط بتكوين النبتة والتي يمكن أن تؤثر فيها العديد من العوامل، ومنها الحرارة، التي يمكنها أن تغير المكون “الطبيعي” فيتحول إلى عنصر “تخديري”، وغيرها من التفاصيل العلمية الأخرى.
وإذا كان الخبراء في الجمعية المغربية الاستشارية لاستعمالات القنب الهندي AMCUC قد توقفوا عند أصول وجذور وخصوصيات القنب الهندي في عروضهم العلمية، وسلطوا الضوء على أساسيات استعمال النبتة، إضافة إلى عروض حول التبعات الخطيرة لكل استعمال لمنتوج تدخل مكونات القنب الهندي في صناعته على شرائح وفئات عمرية بعينها، وعلى أشخاص يعانون من اضطرابات نفسية، خاصة من يعانون من الفصام ومن مرض ثنائي القطب، فإن هناك أسئلة أخرى تطرح نفسها بإلحاح ترتبط بالمسلك القانوني، والمسارات التي ستقطعها هذه المواد، وسؤال الأولوية في الترخيص لهذا المنتوج دون غيره، والعائدات المالية الفعلية للتصنيع عوض إعطاء أرقام متقادمة وتقديمها بطابع تفاؤلي في ارتباط بمجالي الاستثمار والربح، والنفع الذي يجب أن يعود على الفلاحين وأسرهم خاصة الصغار منهم، وعلى التنمية في المناطق المعنية بهذا النوع من الزراعات، وكذا مدى استجابة الإنتاج للاحتياجات، أي العرض للطلب، وغيرها من التفاصيل التي يجب توضيحها، وضمنها ما يرتبط بدور البحث العلمي في هذا الشأن الذي أقفلت مراسلة سابقة لوزارة الداخلية بابه في وجه الجامعات؟
وحيد مبارك