“مركز جسور” يحتفي، في أبي الجعد، بكتاب “الصوفية والسياسة” لمؤلفه الدكتور محمد بن العربي الشرقاوي
17٬204
مشاركة
نظم مركز “جسور للدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية وتقييم السياسات العمومية”،مساء السبت 11 ماي 2024، بدار الثقافة، بأبي الجعد، حفل قراءة وتوقيع كتاب “الصوفية والسياسة: الزاوية الشرقاوية من خلال الوثائق”، لمؤلفه الدكتور “محمد بن العربي الشرقاوي”.
حيث افتتح الحفل بتلاوة آيات من الذكر الحكيم من ترتيل المقرئ ذ. نور الدين نادر، ليتقدم مدير المركز، الخاميس فاضلي، بكلمة ترحيبية، أبرز من خلالها سياق تنظيم الحفل ومجهودات “مركز جسور” خدمة للجانب العلمي للمدينة والتعريف بها وبموروثها الثقافي.
من جانبه، ترأس الدكتور عبد الرزاق صمادي أشغال الجلسة العلمية، بعد استعراضه لنبذة موجزة عن المسار العلمي للمحتفى به، الدكتور محمد بن العربي الشرقاوي، الذي شارك إلى جانب ثلة من الباحثين المتميزين في تخصصات مختلفة بعدة جامعات مغربية عريقة.
وقد استهلت الدكتورة رشيدة الشانك (جامعة ابن طفيل القنيطرة)، والمتخصصة في التاريخ الوسيط، الجلسة الأولى بتقديم عام للكتاب، مع تعريف عميق بفصوله الستة التي تناولت تاريخ الزاوية الشرقاوية من التأسيس إلى توقيع معاهدة الحماية 1912، لتختم مداخلتها بعدة استنتاجات فتحت آفاقا للتفكير في موضوع التصوف.
وبدورها تناول ذ. الحبيب فائز (جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء) في ورقته ما يرتبط بالعلاقة الجدلية بين الدين والسياسة في الفكر الغربي والعربي، وصولا إلى الفكر المغربي، مستشهدا بنماذج لأشهر النظريات والدراسات التي أسست للموضوع، قبل انتقاله إلى توضيح كل تمظهرات علاقة السياسي والصوفي استنادا لما أسماه بالعقل البجعدي.
وبعد ذلك لم يفت الدكتور جواد التباعي (جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس)، افتتاح مداخلته بتوضيح أهمية الكتاب، معتبرا إياه من أهم الكتب التي صدرت في الثلاث سنوات الأخيرة، نظرا للمواضيع التي تطرق إليها، وكذلك للمجهود الكبير الذي بذله صاحبه في التنقيب عن الوثائق ودراستها.
فيما ركزت مداخلة د. التباعي على علاقة الزاوية الشرقاوية بمناطق الجوار، مستحضرا عدة نماذج لهذه العلاقة من أبرزها علاقة القائد موحى أوحموا لزياني بالزاوية الشرقاوية التي كانت سببا في تغيير مواقف هذا القائد من زعيم قبلي له بعض الأفكار المعارضة للسلطة إلى قائد ختم السلاطين بكل تفان.
أما الباحث ذ. رشيد عابدي (جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس) فاختار مداخلته الرابعة لمناقشة مقومات التجديد في كتاب الصوفية والسياسة، مستهلا ورقته بوضع هذا الكتاب في سياقه المعرفي، ليوضح بعد ذلك كل مستويات التجديد عند المؤلف، إن على مستوى المقاربة المنتقلة من مقاربة أحادية الاتجاه إلى مقاربة متنوعة تتيح تنوعا في معالجة الموضوع.
أو على مستوى التحقيب حيث تم تجاوز اسقاطات التحقيب الغربي على المغرب ليعتمد الكاتب تحقيبا يتأسس على خصوصية الزاوية الشرقاوية، مع توضيح من المتدخل ذ. عابدي حول التجديد على مستوى الموضوع عبر ملامسة الكاتب لمواضيع تخص الزاوية الشرقاوية لأول مرة، معتمدا في ذلك على وثائق جديدة.
وقد تم تتويج الحفل بكلمة للدكتور محمد بن العربي الشرقاوي قام فيها بشكر المنظمين والحاضرين والمحاضرين، معربا عن سعادته بهذا الحفل الذي استضافته مدينة أبي الجعد، ومبرزا الظروف التي كانت سببا في تبلور فكرة الكتاب، والتي تمثلت في لقائه مع الأنتروبولوجي الأمريكي ديل ايكلمان، في منزل عائلة المرحوم الحاج المنصوري، حيث دار الحديث حول عدة اشكالات انتروبولوجية كمفهوم “العار” ، وهل مارست الزوايا السياسة طوعا أم كرها؟.
وفي السياق ذاته، استحضر د. الشرقاوي كل الحيثيات والسياقات المساعدة على فهم الاشكالية المطروحة، ليخرج في الأخير بخلاصة مفادها أن “الزاوية مارست السياسة من منظور ديني حيث تتكامل السلطة الروحية الدينية مع السلطة السياسية الوقتية”.
وفي الأخير، فتح رئيس الجلسة العلمية باب المناقشة، حيث تم تسجيل تفاعل مجموعة من الحاضرين، بينهم باحثون ومهتمون بتاريخ الزاوية الشرقاوية وحيثيات نشأتها وتطورها من خلال تعاقب شيوخها من أبناء وحفدة المؤسس الأول سيدي محمد أبو عبيد الله الشرقي.
وفي نهاية هذا المحفل العلمي قام رئيس مركز جسور بتسليم درع تذكاري وشهادة شكر وتقدير للدكتور المحتفى به، اعترافا بمجهوداته العلمية في إثراء البحث العلمي عموما، وإغناء خزانة البحث التاريخي حول المدينة الزاوية خصوصا، كما وزعت شهادات المشاركة على الباحثين المشاركين في هذا الحفل العلمي مع أخذ بعض الصور الجماعية توثيقا لهذه المحطة التي عرفت نجاحا ملحوظا.