الحكومة توجه دعم السكن إلى المنعشين العقاريين بدل المواطنين

حماية المستهلك: النوار ظاهرة تجهض آمال المواطنين في امتلاك مسكن

48٬625

التازي أنوار

لازال “المنطق الغريب” الذي يعمد إليه بعض المنعشين العقاريين والمقاولين، يسيطر ويهيمن على عمليات بيع الشقق والمساكن لفائدة المواطنين، بفرضهم التعامل “بالنوار”  أي دفع مبلغ مالي إضافي عن المبلغ المصرح به في عقد البيع.

ومع الاعلان عن برنامج دعم السكن من قبل الحكومة للراغبين في اقتناء مسكن رئيسي، استبشر المغاربة خيرا بامتلاكهم مسكن خاص بهم خاصة الفئات المتوسطة وذوي الدخل المحدود لانهاء معاناة “الكراء”، لكن وجد المواطنين في طريقهم عقبة النوار الذي يفرضه البائع “المنعش العقاري أو المقاول” على المشتري، خارج القانون، مما يبدد معه حلم المغاربة في امتلاك مسكن يأويهم.

وأضحى هذا الواقع، الذي تظل الحكومة عاجزة عن التصدي له، يحكم الكثير من المعاملات العقارية ويفرض على الراغب في شراء مسكن، أداء مبلغ معين تحت الطاولة، يختلف من حالة لأخرى، خارج عقد البيع، خاصة مع الاعلان عن برنامج دعم السكن الذي يتضمن تحديد مبالغ المساعدة حسب قيمة السكن الذي يتم اقتناؤه. وهكذا، تم تحديد مبلغ المساعدة في 100 ألف درهم من أجل اقتناء مسكن يقل ثمن بيعه أو يعادل 300.000 درهم مع احتساب الرسوم، و70 ألف درهم لاقتناء مسكن يتراوح ثمنه ما بين 300.000 درهم و700.000 درهم مع احتساب الرسوم.

وتصطدم الرغبة في امتلاك سكن لائق لعدد هام من الأسر المغربية بكثير من الاختلالات مرتبطة بممارسات غير قانونية في القطاع، خاصة “النوار”، حيث يجب المستفيد من البرنامج المعلن نفسه أمام أمر الواقع عند التسجيل في المنصة التي وضعتها وزارة إعداد التراب والسكنى وسياسة المدينة للاستفادة من دعم السكن وتحديد قيمة السكن المراد اقتناؤه، وبذلك إجهاض حلم عدد من الشباب في الحصول على شقة بأثمنة توازي مبلغ التمويل الذي تحصلوا عليه من البنك.

وفي هذا السياق، أكد بوعزة خراطي رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن النوار في قطاع السكن يعتبر ظاهرة يجب التصدي لها ومحاربتها من طرف الدولة لما لها من انعكاسات على الاقتصاد الوطني.

وسجل خراطي في حديثه لموقع “أنوار بريس” أن موقف الجامعة المغربية لحقوق المستهلك واضح في هذا السياق، خاصة مع برنامج دعم السكن، والذي يتمثل في كون هذا الدعم موجه بالدرجة الاولى إلى المنعشين العقاريين وليس المواطنين الراغبين في اقتناء مسكن كما تصرح بذلك الحكومة.

وأوضح المتحدث، أنه كان لزاما على الحكومة قبل الاعلان عن برنامج دعم السكن، العمل على تحديد أسعار الشقق لتقطع الطريق بذلك على المضاربين والمنعشين العقاريين والمقاولين الذين يفرضون النوار على المواطنين الراغبين في اقتناء مسكن خاص بهم.

و أشار، إلى أن الهدف من البرنامج ليس اجتماعي كما تؤكد الحكومة، بل هدفه سياسي بالدرجة الاولى ومحاولة تلميع صورة بعض الوزراء. موضحا أن برنامج دعم السكن بهذه الصورة والطريقة هو خطأ واضح من قبل الحكومة، وهدر للمال العام بالنظر الى الاختلالات والمشاكل التي يعاني منها قطاع البناء وعلى رأسها النوار.

وشدد خراطي، أنه اذا ما اعتبرنا أن السكن كمنتوج، فإن ظاهرة النوار ستظل قائمة في غياب مؤسسة قائمة الذات قصد اللجوء إليها في حالة فرض المنعش العقاري النوار على المشتري أي المواطن. وتابع قائلا: قطاع البناء هو قطاع فوضوي في غياب تام للمراقبة وجودة البناء والتجهيزات التي تدخل في العملية.

ودعا المتحدث، الجهات المعنية إلى التدخل لوقف هذا النزيف وقطع الطريق على بعض المنعشين العقاريين الذي يعمدون إلى مثل هذه الأساليب الاحتيالية في بيع المساكن.

وسبق لتقرير صادر عن مرصد العمل الحكومي، أن نبه إلى أن  استفحال ظاهرة “النوار” في عمليات بيع الوحدات السكنية، مما يؤدي إلى ارتفاع ثمنها المرجعي.

وسجل التقرير، أن هذه الاختلالات المرصودة تأتي بسبب “غياب المراقبة الصرامة لأجهزة الوزارة المعنية بالبرنامج، إلى جانب ضعف الالتزام البنكي في تمويل قروض الاستفادة من السكن الاجتماعي، وضعف آليات التمويل البديلة التي تشمل الفئات الهشة، وكذا التركيز المفرط لاتفاقيات البناء من طرف بعض الشركات الكبرى التي كانت تستفيد من الوعاء العقاري المعبأ ومن الامتيازات الممنوحة في إطار البرنامج.”

error: