أحمد بيضي
الإثنين 3 يونيو 2024 - 20:08 l عدد الزيارات : 136251
أحمد بيضي
لا شك أن الكثيرين عاشوا وتفاعلوا مع حالة الطفلة فردوس بوسرفان، القاطنة بأجلموس بخنيفرة، التي ما تزال وضعيتها الصحية تتأرجح بين الحياة والموت بسبب مرض ضعف المناعة الأوليdéficits immunitaires primitif، أو على الأصح بين تجاهل المسؤولين وصرخات الأسرة التي لا تتوقف عن رحلاتها الشاقة لأجل حقها في دواء “إمينوكلوبيلين” immunoglobuline، علما أن هذه الأسرة من الفئات الهشة التي ليست لها القوة ولا القدرة على اقتناء الدواء المعروف بسعره الباهض، خصوصا أن الطفلة كتب عليها استعماله منذ 2013، وإلى آخر يوم في حياتها، وكلما زاد عمرها ارتفعت حاجتها له بكميات أكبر.
وقد تمكنت النداءات القوية من إجبار وزارة الصحة والحماية الاجتماعية على التفاعل مع حالة فردوس، وما يشبهها من حالات على المستوى الوطني، وذلك بمنح أسر المرضى الدواء المطلوب عن طريق المراكز الاستشفائية، غير أن شبح القلق والرعب تضاعف على حياة عموم الأسر المعنية بالأمر بمختلف مناطق البلاد، بعد مفاجأة الجميع بانقطاع الدواء المألوف (إمينوكلوبيلين)، واستبداله بآخر مستورد من الهند (immuglo) ، حيث أجمعوا على أن هذا الدواء خلف لذويهم المرضى، وفي مقدمتهم الأطفال خصوصا، مضاعفات جانبية وأعراض خطيرة، قال بعضهم “أنها مؤدية للوفاة”، مع عرضهم لنماذج من ذلك.
ولم يتوقف أفراد “أسر مرضى ضعف المناعة الأولي” عن الخروج، بين لحظة وأخرى، بتصريحات تعبر عن رفضهم تقديم “الدواء البديل” لمرضاهم بسبب تخوفهم من تداعياته على صحتهم وحياتهم، مقابل تشديدهم على ضرورة استئناف توفير الدواء المعلوم “ايمينوݣلوبيلين” immunoglobuline (Tegeline)، أو على الأقل توفير غيره من لا يشكل أي خطر على صحة المرضى، مع تنبيههم للمآسي الناتجة عن توقف المصابين بالمرض المذكور عن تناول “الدواء البديل”، مقابل مطالبتهم وزارة الصحة بالتدخل الفوري لعلاج المشكل قبل الدخول في احصاءات غير مقبولة ولا مرغوب فيها.
ورغم كل الخطابات بتوفير الكميات اللازمة من دواء “إمينوكلوبيلين”، يواصل أفراد أسر مرضى “فقدان المناعة الأولي” بمختلف جهات المملكة، نداءاتهم لإنقاذ مرضاهم إثر تعثر الحصول على الدواء المألوف، ولم يكن أي أحد منهم يتوقع العيش صدمة توقف الدواء خارج قاعدة الحق في الصحة ومبدأ تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر، بعدما عمد مسؤولو وزارة الصحة التوجه لاستيراد نوع آخر من الدواء رفض المعنيون بالأمر تناوله إثر ظهور مضاعفات جانبية عليهم، حسبما حملته عدة تصريحات وصرخات عبر منصات التواصل ومجموعات “الواتساب” المشتركة بين أسر المرضى الذين أضحوا يرتبون لصيغ احتجاجية وطنية.
ومعلوم أن جل مرضى “فقدان المناعة الأولي”، على صعيد ربوع المملكة، يعانون من مشكل صعوبة التوفر على الأدوية المخصصة لهذا المرض، ومنها أساسا دواء “إيمينوكلوبيلين”الموصى به طبيا، والذي فات لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية أن أكدت عدة مرات أنها تبذل جهودا كبيرة واجتماعات مطولة لتدبير واحتواء أزمة هذا الدواء الحيوي، والبحث عن كل السبل الممكنة لإيجاد حلول ناجعة لتوفير الكميات الكافية منه، ووضعه رهن إشارة الجهات الصحية المعنية، غير أن تعثر الوعود زائد الإحجام عن تناول “الدواء الهندي البديل” أضحى وضعا مقلقا لما يشكّله من تهديد حقيقي لحياة المرضى.
ويجمع المتتبعون والملاحظون على مطالبة وزارة الصحة بالخروج بما يكفي من التوضيحات الضرورية، على اعتبار كون الأمر يتعلق بصحة وسلامة فئة عريضة من المرضى المغاربة، مشددين بالتالي على ضرورة توفير الدواء المطلوب الأصلي الذي كان بالنسبة إليهم، على الأقل، صانعا لحياة وابتسامة المرضى، وبينهم المئات من الرضع والأطفال واليافعين، ومن حق الآباء والأمهات التعبير عن تخوفهم من بقاء الحال على ما هو عليه، خاصة أمام ما يجري تداوله، على مواقع التواصل الاجتماعي والمنابر الاعلامية، من مضاعفات جانبية يتم ربطها بمسؤولية الدواء البديل، وهو ما يتطلب تفسيرات وتطمينات من الجهات المعنية.
وتذكر أحد المرضى ما تناقلته وسائل الإعلام الدولية، في شتاء عام 2019، حول وفاة عدد كبير من الأطفال بمنطقة جامو الهندية، تتراوح أعمارهم بين شهرين وست سنوات، بعد إصابتهم بأعراض اعتقد الكثيرون أن سببها مرض غامض، ليتبين فيما بعد أن السبب يكمن في دواء وصفه أطباء محليون لهؤلاء الأطفال الذين كانوا يعانون من السعال الشديد، وتوصلت الاختبارات إلى أن ثلاث عينات من شراب السعال، التي صنعتها “شركة أدوية هندية” تسمى “ديجيتال فيجن”، تحتوي على مادة ثنائي إيثيلين غلايكول أو DEG، وبعدها أصدرت منظمة الصحة العالمية تحذيرا عالميا بشأن أربعة أدوية سعال مصنوعة في الهند يُعتقد أنها مرتبطة بوفاة 66 طفلاً في غامبيا.