حقا هي صورة قاتمة وغير مطمئنة عن الفقر و التفاوت الطبقي بالمغرب 

40٬016

  محمد رامي

لا نريد رسم صورة سوداوية عن المغرب بقدر مانريد تسمية الأمور بمسمياتها مادامت الحكومة تعيش أحلام يقظة وتحاول إيهامنا بأن كل شيء على مايرام…
بكل موضوعية وبعيدا عن أية مزايدات حقا هي صورة قاتمة وغير مطمئنة فيما يتعلق بالتفاوت الطبقي بالمغرب.
صورة لابد من التوقف عندها مليا لأن الأمر يتعلق بخلاصات واستنتاجات المندوبية السامية للتخطيط وهي مؤسسة حكامة رسمية، قامت بإنجاز دراسة يستخلص منها أن التفاوت الطبقي في المغرب بلغ مستوى أقل مايمكن أن يقال عنه أنه تجاوز مستوياته الطبيعية.
ففي آخر تقرير لها حول تطور مستوى معيشة المغاربة على ضوء نتائج البحث الوطني حول مستوى معيشة الأسر لسنة 2022 ، رصدت نتائج البحث زيادة الفوارق الاجتماعية والمجالية لمستوى معيشة الأسر والهشاشة تجاه الفقر، “حيث ارتفع عدد الأفراد في وضعية الهشاشة الاقتصادية من 2،6 مليون نسمة سنة 2019 إلى 4،75 ملايين سنة 2022، بينما ارتفع عدد الفقراء على المستوى الوطني من 623 ألفا سنة 2019 إلى 1،42 مليون سنة 2022.
وكشفت نتائج البحث أن التداعيات الرئيسية للتضخم وسنوات الجفاف المتكررة على الرفاه الاجتماعي والاقتصادي للأسر أدت إلى تفاقم الفوارق الاجتماعية والمجالية.”
وإذا ما استحضرنا ما كشفت عنه المندوبية السامية للتخطيط قبل شهرين فقط، من معطيات حول معدل الأسر التي صرحت بتدهور مستوى المعيشة خلال 12 شهرا السابقة حيث بلغت نسبتها 82,5 في المائة، فإننا سنجد أنفسنا أمام وضع يفند وبالأرقام ما ذهبت إليه الحكومة خلال عرض حصيلتها حين اعتبرت أن كل شيء على مايرام وبأن المغاربة في وضع اقتصادي مريح…
صراحة، لم أرد أن أسرد الأرقام الصادمة وما أكثرها في تقرير المندوبية، أرقام لا أعتقد أن الحكومة أخذتها بعين الاعتبار وهي الغارقة في أحلامها الوردية لدرجة إرسال وزرائها لمحاورة المغاربة وإقناعهم بحصيلتها الإيجابية…
قد يقول قائل هناك أوراش مفتوحة ودعم في الطريق وترسيخ للدولة الاجتماعية في إطار تنزيل الرؤية الملكية المتبصرة..
أعتقد أن الحكومة بتشكيلتها الحالية وبالسرعة التي تدبر بها الشأن العام وبالتعالي الذي أبانت عنه، لن تستطيع مسايرة الورش الملكي، فجلالة الملك عندما رسم خارطة طريق الدولة الاجتماعية، كان ينتظر تنزيلا عمليا لرؤية جلالته، والتزاما واضحا من قبل الحكومة بتوجيهاته ، لكن للأسف ما سجلناه هو تعثر بطعم الفشل في مواكبة الأوراش الملكية..
أو لم يبشرونا بحكومة الكفاءات؟ فلماذا هذا الإخفاق من أول خطوة ؟ – الدعم الاجتماعي-، ولماذا هذا الإلتفاف على مشاريع القوانين والتدابير التي تتوخى تحقيق حد أدنى من عدالة اجتماعية مفترى عليها؟
لنسمي الأشياء بمسمياتها ..
نتائج البحث الوطني حول معيشة الأسر، أظهرت ارتفاعا مقلقا لمعدلات الفقر في المغرب وزيادة ملحوظة على مدى السنوات الثلاث الماضية، حيث ارتفع عدد الفقراء من 623 ألفاً في عام 2019 إلى 1.42 مليون في عام 2022، بمعدل نمو سنوي بلغ 33.7%، بمعنى أن معدل الفقر يرتفع بشكل مطرد، ولا يمكن للدعم الاجتماعي ولا التغطية الصحية المروج لها ولا لبرنامج أوراش بصيغته الحالية ولا للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بشكلها الحالي ولا برنامج فرصة أو تيسير كما هو معمول به الآن أن تحارب الحكومة الفقر وتقلص من الفوارق الاجتماعية، لأنه في ظل كل هذه البرامج والمبادرات التي يتغنون بها وبالنجاحات التي حققتها حسب بياناتهم وخرجاتهم الإعلامية، نجد المغرب يحتل الرتبة 120 عالميا في تصنيف مؤشر التنمية البشرية العالمي وهو ما زال متأخرا في مجالي التعليم والصحة وقطاعات أخرى، “لاداعي لسرد الترتيب”فيكفي بحث بسيط في محرك البحث لتطلعوا على التفاصيل.
هنا نتساءل والسؤال حق مشروع، لماذا عجزت الحكومة عن معالجة إشكالية الفوارق الطبقية؟
و هل تكفي 500 درهم شهريا ولعبة المؤشر لحل معضلة الفقر؟
وكيف ستتعامل الحكومة مع ارتفاع عدد العاطلين عن العمل والأرامل والمطلقات وأصحاب المؤشرات المتدنية؟
أعتقد أن ورشا كهذا بحاجة إلى جرأة وشجاعة في تسطير البرامج بشكل جماعي وسط نقاش وطني بعيدا عن منطق التغول ..
نجاح الدولة الاجتماعية بحاجة إلى تدبير عقلاني وليس إلى حلول ترقيعية..
محاربة الفقر والتفاوت الطبقي، بحاجة إلى إشراك قاعدة أوسع في التدبير بعيدا عن الحسابات الحزبية والانتخابية الضيقة ،
بحاجة إلى استراتيجية واضحة المعالم ومتفق عليها لوقف النزيف والقطع مع الحلول الترفيعية لأنه وبكل بساطة التدبير الحكومي اليوم يفتح الباب على مصراعيه للمزيد من العاطلين وجيش من الباحثين عن حل سحري لكي لا يرتفع المؤشر لضمان دراهم معدودة نهاية كل شهر…
وفي انتظار كل هذا هاهي الحكومة تواصل تغولها وتعيش على أوهام إنجازات يرونها كبيرة ويراها 82,5 في المائة من المغاربة غير فعالة..
حقا هي صورة قاتمة وغير مطمئنة
وللحديث بقية

error: