تحليل اقتصادي للوضع المالي في المغرب حتى متم غشت 2024 من خلال معطيات رسمية
الحكومة قد تضطر إلى زيادة الاقتراض أو إصدار سندات جديدة لسد العجز المتزايد في ميزانياتها
الوضع يتطلب المزيد من ضبط النفقات الشخصية بسبب احتمالية ارتفاع الأسعار
14٬755
مشاركة
محمد المنتصر
تفيد المعطيات الإحصائية الصادرة في النشرة الشهرية الأخيرة للخزينة العامة للمملكة، حول ، أنه من المتوقع أن تستمر الضغوط المالية على الخزينة المغربية خلال الفترة المتبقية من سنة 2024، حيث تتراوح الاحتياجات المالية المتوقعة لشهر شتنبر بين 12 و 12.5 مليار درهم، مقارنة بحاجيات بلغت بين 9 و 9.5 مليار درهم في شهر غشت.
هذا الارتفاع الملحوظ في الاحتياجات يشير إلى أن الحكومة قد تضطر إلى زيادة الاقتراض أو إصدار سندات جديدة لسد العجز المتزايد، خاصة في ظل زيادة بعض النفقات التشغيلية والاستثمارية.
ورغم التحسن النسبي في المداخيل الضريبية والجمركية، من غير المتوقع أن يكون ذلك كافيًا لتغطية كافة احتياجات الإنفاق الحكومي، ما يجعل تحقيق توازن مالي أكثر تعقيدًا.
وأمام هذا الوضع يمكن للحكومة العمل على تقليل بعض النفقات غير الضرورية، أو إعادة هيكلة بعض برامج الدعم كالمقاصة، التي شهدت انخفاضًا في الإصدارات بنسبة 57.8%، مما قد يعزز الموارد المالية.
الوضع العام للخزينة:
أظهرت معطيات الخزينة العامة للمملكة أن الاحتياجات المالية المتوقعة للخزينة لشهر شتنبر 2024 تتراوح بين 12 و 12.5 مليار درهم، مقارنة باحتياجات شهر غشت التي تراوحت بين 9 و9.5 مليار درهم. هذا الارتفاع في الاحتياجات المالية يعكس استمرار الضغوط المالية على الحكومة، مما قد يشير إلى نية الدولة في زيادة الاعتماد على التمويل من خلال الاقتراض أو إصدار سندات جديدة.
نفقات المقاصة:
شهدت نفقات المقاصة انخفاضًا كبيرًا بنسبة 57.8% مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، حيث بلغت الإصدارات 8.06 مليار درهم حتى متم غشت 2024. هذا الانخفاض يمكن أن يكون نتيجة لتراجع أسعار بعض المواد الأساسية أو السياسات الحكومية للحد من دعم المواد الطاقية.
نفقات التشغيل والاستثمار:
بلغت نفقات التشغيل 185.3 مليار درهم، منها 106.5 مليار درهم مخصصة للرواتب والأجور، بزيادة 5.5% مقارنة بالعام السابق. كما ارتفعت نفقات المعدات بنسبة 13.4% لتصل إلى 47.8 مليار درهم. في المقابل، انخفضت نفقات التكاليف المشتركة بنسبة 31.8% لتصل إلى 22.4 مليار درهم، مما قد يعكس جهود الحكومة في ترشيد بعض النفقات غير الأساسية.
الوضع الضريبي:
المداخيل الضريبية أظهرت أداءً إيجابيًا مع ارتفاع بنسبة 35.5% في الإعفاءات والخصومات الضريبية، بفضل ارتفاع استردادات الضريبة على الشركات وضريبة القيمة المضافة. هذا الأداء يعكس تحسنًا في أداء الشركات وفي النشاط الاقتصادي عمومًا، خصوصًا في ظل نمو مداخيل الضريبة على الاستهلاك الداخلي المطبقة على المنتجات الطاقية بنسبة 9.5%.
العجز في الميزانية:
سجلت الخزينة عجزًا قدره 32.8 مليار درهم خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2024، مقارنة بعجز بلغ 42.4 مليار درهم خلال نفس الفترة من العام الماضي. هذا التحسن النسبي في العجز يعود إلى ارتفاع المداخيل العادية بنسبة 11.7%، وذلك نتيجة لزيادة الضرائب المباشرة وغير المباشرة، إلى جانب الإيرادات غير الضريبية.
النفقات العامة:
على الرغم من الارتفاع النسبي في المداخيل، فإن النفقات العامة استمرت في الزيادة بوتيرة أبطأ (3.7%)، وهو ما يعكس محاولات الحكومة تحقيق توازن بين الإنفاق العام والموارد المتاحة. وقد ارتفعت نفقات التشغيل والاستثمار، بينما انخفضت تكاليف الدين المدرجة في الميزانية بنسبة 8.1%.
بناءً على المعطيات الحالية، يمكن توقع استمرار الضغوط المالية على الحكومة خلال الأشهر المقبلة، خاصة مع ارتفاع الحاجيات المالية لشهر شتنبر. وعلى الرغم من التحسن في المداخيل الجمركية والضريبية، فإن الحاجة إلى تمويل إضافي قد تستدعي زيادة الاقتراض أو تقليل بعض النفقات غير الأساسية.
تأثير الوضعية المالية على المواطنين:
التحديات المالية التي تواجهها الخزينة المغربية قد تنعكس بشكل مباشر على المواطنين. من جهة، يمكن أن يؤدي ارتفاع الحاجيات المالية للدولة إلى زيادة الاقتراض، مما قد يتسبب في فرض ضرائب إضافية أو تقليص بعض برامج الدعم الاجتماعي. بالفعل.
ومن جهة أخرى فإن زيادة الضغط على الميزانية قد تؤثر سلبًا على الاستثمارات الحكومية في القطاعات الحيوية كالتعليم والصحة والبنية التحتية، مما يحد من تحسين جودة الخدمات العامة.
في الوقت نفسه، فإن النمو في المداخيل الضريبية، خاصة الضريبة على الاستهلاك الداخلي، قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار بعض المنتجات، ما سيزيد من الأعباء المالية على المواطنين. بناءً على هذه العوامل، قد يكون المواطن العادي أمام وضع يتطلب المزيد من ضبط النفقات الشخصية بسبب احتمالية ارتفاع الأسعار وتقليص بعض البرامج الحكومية المدعمة.