تصريح غريب للكاتب الوطني للشبيبة التجمعية .. حمق سياسي أم جهل بالتاريخ؟
23٬841
مشاركة
عبد المنعم محسيني
عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
في تصريح غريب، أطلق الكاتب الوطني للشبيبة التجمعية كلمات تكشف عن قصور سياسي ومعرفي واضح، خاصة حين تحدث عن دور الاشتراكيين في خوصصة المؤسسات العمومية، مشيراً إلى فترة حكومة عبد الرحمن اليوسفي، وكأن هذه الحكومة هي المسؤولة عن بيع المؤسسات العمومية.
للتوضيح، هناك حقائق تاريخية لا يجب تجاهلها، ربما يجهلها الكاتب أو يتجاهلها. أولاً : قانون الخوصصة لم يُسن في عهد حكومة اليوسفي، بل صدر في عام 1993، في عهد حكومات سابقة قادها وزراء من حزب التجمع الوطني للأحرار. هؤلاء الوزراء بدأوا فعلياً ببيع المؤسسات العمومية. ثانياً : الحكومات التي قادت الخوصصة آنذاك استهلكت معظم عائدات البيع في تغطية نفقات التسيير وسداد الديون الخارجية، دون استثمار يُذكر.
عندما تولت حكومة عبد الرحمن اليوسفي السلطة، وجدت البلاد مثقلة بالديون الخارجية وأموال الخوصصة قد استُنزفت بالفعل. أمام هذه الأزمة المالية الخانقة، كان الحل في استثمار ما تبقى من العائدات. هكذا أنشأت الحكومة الاشتراكية “صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية”، الذي ساهم في تنمية قطاعات حيوية وخلق فرص عمل جديدة.
هذه الحقائق تكشف أن حكومة اليوسفي لم تكن مسؤولة عن الخوصصة بقدر ما كانت مسؤولة عن إنقاذ البلاد من أزمتها المالية. على العكس، حكومات حزب التجمع الوطني للأحرار كانت تُسرف في استخدام العائدات دون أي رؤية استثمارية حقيقية.
ربما لو كان الكاتب الوطني للشبيبة التجمعية قد درس هذه الحقائق التاريخية بعناية، بدلاً من الانشغال بالتصريحات الرنانة والرقص السياسي، لكان خطابه مختلفاً. للأسف، يبدو أن المعرفة الحقيقية تُستبدل في بعض الأحيان بالكلمات الفارغة، وهو ما يؤدي إلى تفاقم الأزمات بدلاً من حلها.