بحضور الكاتب الأول لحزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية الأستاذ إدريس لشكر، وهيئات سياسية وحقوقية ونقابية، نظمت جمعية هيئات المحامين بالمغرب مساء أمس السبت 21 شتنبر، تحت شعار “من أجل مسار تشريعي مسؤول ومحصن للمكتسبات الحقوقية والدستورية”، لقاءا وطنيا حاشدا من أجل الوقوف عند ما يعتبره أصحاب البدلة السوداء تراجعات خطيرة على مستوى المنظومة التشريعية المغربية، وتحديدا المسطرة المدنية الجديدة التي يرى المهنيون أنها انتكاسة حقوقية وتناقض صارخ للدستور المغربي وكل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها المملكة.
وقد شدد اللقاء الذي جمع داخل المسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، نخبة من المحاميات والمحامين والإطارات المهنية والشبابية القادمة من مختلف ربوع المملكة، على أن مشروع قانون المسطرة المدنية لا يسير نحو تنمية وتعزيز ضمانات المتقاضين وحقهم في الدفاع والولوج السهل والميسر والمتبصر للعدالة، والحق في التقاضي ما يدل على وجود أزمة في مجال التشريع، مستنكرا تهميش مهنة المحاماة التي تعد رمزا للحرية في كل أنظمة العالم وقد وجدت لتنتصر لقيم المشروعية، وكانت بالصفوف الأولى لمختلف ساحات نضال المجتمع المدني بجميع أشكاله.
نساء ورجال المحاماة كانوا دوما رجال قانون وفعل لا يتأملون الأشياء للتغني بجماليتها بل لتصويب اعوجاجها..
وفي هذا السياق استحضر “لحسين الزياني” رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، الرصيد الحقوقي والمهني للجمعية، مشيرا إلى أنه رغم ما يحمله دستور المملكة من مبادئ ومكتسبات وآفاق فإن مهنة المحاماة لازالت لم تحظى بما يدعمها ويطورها ويؤهلها ويعزز تفاؤل المحامين لضمان عدالة ناجعة انسجاما مع المتغيرات الوطنية والدولية وإرساء دعائم عدالة فعالة مواكبة للتطور وتوفير مجال عمل واضح وآمن بما يعطي مؤسسات الدفاع مكانتها الحقيقية، مشددا على أن المحامين نساء ورجال كانوا دوما رجال قانون وفعل لا يتأملون الأشياء للتغني بجماليتها بل لتصويب الاعوجاج من خلال إسهاماتهم وتوصيات مؤتمراتهم وآرائهم المعبر عنها تاريخيا، موضحا أن إعدام وقتل دور الدفاع هو حتما إعدام وقتل للعدالة ولأحلام المحاميات والمحامين بواسطة قوانين من رحم برلمان الأمة.
المحاماة لازالت تتخبط في مآسي تشريعات ماسة باستقلالها ومجال عملها وهو وضع ناتج عن سياسيات مرتبكة أورثت فشلا في تدبير هذا القطاع..
وشدد النقيب على أن مطالب المحاميات والمحامين المغاربة ليست مادية ولا خاصة، بل هي مطالب تهم المواطن بالدرجة الأولى كما أنها تشكل مظهرا من مظاهر مقومات دولة الحق والقانون وهدفا استراتيجيا من أهداف إصلاح منظومة العدالة الذي تم إغفاله والتراخي فيه، مشيرا إلى أن المحاماة لازالت تتخبط في مآسي تشريعات ماسة باستقلالها ومجال عملها ومكانتها أفراد ومؤسسات مهنية، وهو وضع ناتج بلا شك عن سياسات مرتبكة أورثت فشلا في تدبير هذا القطاع، مضيفا بالقول ” من غير المعقول أن تصدر بلادنا برامج للتنمية في حين تبقى المحاماة تعيش على هامشها وفتاتها وهي من استقبلت أفواجا كبيرة في السنوات الأخيرة من أبناء هذا الوطن دون التفكير في مجال عملهم ومستقبلهم وكيفية اندماجهم وادماجهم في واقع محفوف بالمخاطر.. ومن غير المعقول تهميش انتظارات المحامين الذين يتطلعون لقانون مهني حداثي متطور ويتطلعون إلى اتخاذ الخطوات الحقيقية من أجل تطوير مهنة المحاماة سواء تعلق الأمر بتحديث التشريعات والقوانين أو التكوين والتدريب المستمر واستخدام التكنولوجيا وتقوية المؤسسات المهنية وتحسين الوصول إلى العدالة وتشجيع التخصص ودعم وتعزيز استقلالية المحامي والمهنة أو من حيث مراعاة الجانب الاجتماعي للمحاميات والمحامين وأنظمتهم الإجتماعية بما يلائم خصوصياتهم أو من حيث تفعيل مبدأ التشاركية الدستوري بلياقة الحوار الجاد والمسؤول واخلاقياته وهي مناسبة للتأكيد على أن نظام التغطية الصحية والاجتماعية للمحامين”.
تغييب مبدأ التشاركية واستبداله بسياسة الأمر الواقع واللغة الخشبية لا يمكنه أن يخدم مصلحة العدالة ولا الوطن..
وتابع الزياني قائلا :”إن المكانة القانونية والحقوقية والمجتمعية للمحاماة أسست في كل بقاع العالم مع جميع مؤسسات الدولة في إطار علاقات تكامل مع رسالة الدفاع هكذا كانت حتى عهد قريب عندما نهج شرفاء هذا البلد مبدأ التشاركية الفعلية في تعاملهم مع جمعية هيئات المحامين بالمغرب في مجال العدالة قبل إقراره في الدستور الحالي ولاشك ان تغييب هذا المبدأ وضربه بشكل علني واستبداله بسياسة الأمر الواقع واللغة الخشبية لا يمكنه أن يخدم مصلحة العدالة ولا الوطن ويدمر حثما مكونات البناء الذي تقوم عليه منظومة العدالة” مؤكدا على أن مطالب المحاميات والمحامين ليست المساومة أو المهادنة باعتبارها قضايا مركزية متكاملة لمهنة المحاماة بدءا بقانون مهنتهم ونظامهم الاجتماعي، وتنزيل نظام ضريبي عادل يراعي خصوصياتهم المهنية والحفاظ على مكانتهم وموقعهم في التشريع والقوانين الاجرائية ذات الصلة بمجال عملهم وأدوارهم واستقلالهم، داعيا إلى تعديل المكتسبات بمعيار الرشد السياسي والتطور وأن لا تعدم المبادئ أو تعلق، حيث تابع رئيس الجمعية مستنكرا :” عندما يصير التشريع أداة للتهديد إلى درجة الإستبداد ووسيلة للتضييق والتهميش وعندما تشوه المفاهيم وحين تعود لغة الانتقام وتسبك محاولات تكسير جناح العدالة وإسقاطه، حينها تصبح مسؤوليتنا الاخلاقية والتاريخية أن نكرس معركة كبرى لا هوادة فيها على كل من يريد تدمير المحاماة فوق رؤوسنا لا أحد يلومن المحامين إن هم دخلوا في المعارك الكبرى وقد علمتنا الحياة أن الضربات القوية تفتت وتهشم الزجاج لكنها تصقل الحديد”.
واسترسل رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب قائلا:” إن بروز احتجاجات المحامين بالمغرب بمختلف أعمارهم وتعبيراتهم في السنوات الأخيرة بأشكال ودرجات متفاوتة وعودة النقاش حول مكانة الدفاع وموقعه وقضاياه وإن دوبته ظرفيا إنتظارات الحوار بحرص كبير من المؤسسات المهنية وآمال الانتقال الاستراتيجي للدولة في ظل الدستور الجديد هو بلا شك نقاش مرتبط بالسياسات العمومية الغير مندرجة في حماية الحقوق والحريات وغياب وضع استراتيجية قطاعية منسجمة تعتمد المقاربة التشاركية الهادفة إلى تحقيق الحكامة الناجعة كما أنه مرتبط بظهور بوادر تهميش الدفاع والتضييق عليه في بعض التشريعات المقدمة من طرف الحكومة وخنق المقاربة التشاركية وبروز خصاص في عدد من القوانين الداعمة أو المعززة لدولة الحق والقانون والحامية لتوابث القانون والعدالة. كما أن المحامي الممارس لمهام الدفاع يوميا والحامل لهموم موكله يشارك في صنع القرار القضائي إلا أنه لا يحظى بالامكانيات القانونية والواقعية للقيام بمهامه إضافة إلى أن المجهودات الذاتية لهيئات المحامين لم تعد كافية أمام التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي وظهور المحاماة العابرة للقارات ما يفرض على الدولة أن تساهم في برامج التكوين والتكوين المستمر ووضع برنامج مشترك لتأهيل مهنة المحاماة وتوفير البنية الضرورية لتجهيز مكاتب محامين وتأطير العاملين بها وتوفير سبل التأهيل وبنياته لأن مساهمة الدولة في تكوين الفاعلين في منظومة العدالة هو أحد الأركان الجوهرية في ورش إصلاح منظومة العدالة في المغرب بيد أن هذه المساهمة لا تقل أهمية عن دورها في رفع التحديات التي تلامس استقلال الدفاع على المستوى التشريعي”.
لن ننسى ما يعيشه قطاع غزة من ويلات ولن ننسى الغطرسة الصهيونية..
من جانبه أكد “عزيز رويبح” نقيب هيئة الرباط، الذي أكد في بادئ الأمر على استحضار ما يعيشه قطاع غزة من ويلات رافضا الغطرسة الصهيونية وضعف القانون الدولي، على أن اللقاء الذي يجمع أصحاب البدلة السوداء بالمغرب جاء من أجل الكرامة والمساواة ودولة الحق والقانون، وللدفاع عن مطالب مشروعة تصب في مصلحة المواطن الذي يعد مركز تفكير وانشغالات المحامين والمحاميات، قائلا :” لن نرضى بتقزيم أدوارنا والارتكان في أضيق زاوية وإنهائنا الممنهج والمقصود بما لا ينفع الوطن والعدالة في شيء، تاريخيا موقع المحاماة في المغرب كان استثنائيا في المحيط العربي والافريقي وفي أصعب الظروف التي عاشها المغرب وأخطر المنعطفات السياسية ولم يتم التضييق عليهم أو المساس بحرياتهم وعلى نفس النهج استمر التعامل مع الدفاع في مختلف تموجات الزمن السياسي المغربي وتحولاته كما أن جلالة الملك محمد السادس عبر بالفعل والرمز على هذا النهج والرقي”.
نحاكم من وجوه سياسية دوامها من المحال..
وتابع رويبح قائلا :”مع الأسف أنه في نفس الدولة أصبحنا اليوم نحاكم دون حق في الدفاع من طرف أشخاص ووجوه سياسية هي عارضة على كل حال ودوامها من المحال نحاكم النقباء ومجالس وهيئات ومحامون ونشهر بهم في قبة البرلمان دون تحفظ أو مراعاة لمشاعرنا وقداسة مهامنا بالمباشر والوكالة والحواشي كالصيغة التي اقحموها في المسطرة المدنية لن نصمت أو نهادن لأننا على حق إن مطالبنا حق وربما هنالك من لم يستوعب بعد ماذا تعني المحاماة للمحامي والمحامية، صعب على صناع الريع والمستفيدين منه أن يستوعبوا علاقة المحامي بالمحاماة وأن يفهم الانتهازيون والانتهازيات هذا الرابط حيث قد نقدم لأجلها كل التضحيات”، مشيرا إلى أن العدد الذي ولج المحاماة في المغرب يعتبر رقما قياسيا مشيرا إلى أن قانون المسطرة المدنية لا يفكر بهؤلاء المحامين والمحاميات ولا يستحضر مستقبلهم مضيفا بالقول:” بلغ السيل الزبى لا إفراط ولا هرولة ولا تصعيد بدون سقف سنتخذ مواقف قوية عندما تقتضيها الضرورة، والضرورة تقتضي اليوم أن نكون أول الملتفين حول بعضنا البعض، نحن هنا، هذه الملحمة والوطنية والرجعة في الطرح والشجاعه في الاجتجاح هي ما تحتاجه المحاماة وهي في مفترق الطرق وعلينا أن لا نركب سيارة بدون سائق”.
يجب إحالة هذا المشروع على القاضي الدستوري باعتباره مختبرا للنصوص القانونية..
“سعيد بعزيز”، رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان بمجلس النواب، أكد خلال هذا اللقاء على أن المشاركة اليوم إلى جانب المحاميات والمحامين في لقائهم الوطني جاء انطلاقا من قناعة نابعة من حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، بخصوص عدم الاقتناع بمشروع قانون المسطرة المدنية، مشددا على أنه الموقف الذي سبق أن أعلن عنه الحزب منذ بداية المناقشة العامة في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب قائلا :” أكدنا حينها على أن الأمر يحتاج إلى تأني وإلى تجاوب حقيقي مع التعديلات التي أتينا بها وكنا سباقين في الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية إلى طرح مجموعة من الإشكالات المرتبطة بالمساواة أمام القانون والولوج المستنير إلى العدالة ومجانية التقاضي والحق في التقاضي ومجموعة من المبادئ التي تعتبر مبادئ كونية والتي أيضا كرسها دستور المملكة والتي قلنا أساسا أنه لا ينبغي التراجع عنها ومن هذا المنطلق أعلنا منذ البداية على أن هنالك أمورا مخالفة للدستور داخل هذا المشروع وقلنا في لحظتها بأن موقفنا أن نحيل هذا المشروع وأن نبادر إلى إحالته على القاضي الدستوري باعتباره مختبرا للنصوص القانونية بعد انتهاء مسطرة التشريع أمام مجلسي البرلمان”.
هذا القانون يشكل رِدة قانونية في بلادنا والمحامون عازمون على التصدي لهذا..
بدوره كشف المحامي وعضو المكتب السياسي لحزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية مصطفى عجاب، على أن الغرض من هذا اللقاء هو التعريف بالانتكاسة التي تواجهها مهنة المحاماة مع مشروع قانون المسطرة المدنية، حيث أضاف ‘عجاب’ قائلا:” مع كامل الأسف رغم المرافعات القوية للفريق الاتحادي بمجلس النواب فقد أبت الأغلبية إلا أن تجيز هذا القانون بكل ما يحمله من تراجعات حقوقية تمس بكل الحقوق المكتسبة للمحامين والمواطنين المغاربة في المساواة أمام القضاء وفي واللجوء المتنور إلى القضاء وفي حق التقاضي على درجات وفرض غرامات لا مبرر لها”، مشيرا إلى أن هذا قانون “يحفل بالتراجعات والنيل من المكتسبات التي حققها المجتمع المغربي لا سيما بعد دستور 2011 كان من المنتظر أن يكون هذا القانون يسجل هذا للتقدم ويستبطن هذا التطور الذي يهدف إليه المغرب من خلال هذا الدستور مع الأسف الشديد نعتبر في قطاع المحامين الاتحاديين أن هذا القانون يشكل رِدة قانونية في بلادنا والمحامون عازمون على التصدي لهذا القانون بكل الوسائل المشروعة ونحن كمحامين اتحاديين نتحمل كامل مسؤوليتنا في دعم وحدة المحامين والمحاميات المغاربة في التصدي لهذا المشروع، حزبنا قام بما يجب أن يقوم به على مستوى الغرفة الأولى اليوم المشروع عرض على الغرفة الثانية ونراهن على أن فريقنا في الغرفة الثانية سيواصل هذا الترافع من أجل التراجع عن ما يتضمنه هذا المشروع من نكوص ورِدة وأن نجد الآذان الصاغية للتراجع عن هذا التغول الحكومي في المجال التشريع والذي يشكل نكسة ورِدة حقيقية”.
التغول الحكومي والسياسة الليبرالية التي جاءت بها الحكومة هي توجه مضر بكل هذه المكتسبات..
في نفس السياق أكد محمد الماموحي المحامي بهيئة تطوان على أن هذه الوقفة الوطنية جاءت لإيصال صوت المحاميات والمحامين المغاربة إلى كل من يهمه الأمر بصوت مرتفع وقوي يؤكد على أن القوانين المهيكلة للمسطرة المدنية هي قواعد وقوانين مضرة بعدد من المكتسبات وماسة بالمكسبات الحقوقية التي انتزعها الشعب المغربي والقوى الحية عبر مسار نضال طويل وشاق وحافظ على هذه المكتسبات الحقوقية ورسخها في الدستور قبل أن تقوم قواعد المسطرة المدنية التي جاءت بالعديد من التراجعات بتهديد هذه المكتسبات، ليضيف قائلا :”إن المحاميات والمحامين في هذا اللقاء الوطني يؤكدون على أنهم لن يتنازلوا عن مواصلة الدفاع عن هذه الحقوق التي هي في واقع الأمر لا يدافعون عن حقوق مهنية خاصة بالمحاميات بل يدافعون عن تقوية رسالة المحاماة وعلى صيانة هذه المكتسبات الحقوقية التي يتمتعون بها وكذا حق المواطن المغربي في الولوج الآمن والمستنير للعدالة وأيضا حقه في وجود عدالة تسود فيها المساواة بين جميع الفئات والطبقات وتضمن المحاكمة العادلة لتقوية العدالة المغربية، نعتبر أن التحولات التي حدثت في المغرب بعد دستور 2011 هي مكتسبات لابد لنا أن عمل على صيانتها وتطويرها لكن للأسف هذا التغول الحكومي والسياسة الليبرالية التي جاءت بها الحكومة هي توجه مضر بكل هذه المكتسبات والمحامون دائما كما كانو في طليعة القوى الحية سيواصلون نضالهم في سبيل الدفاع عن هذه المكتسبات”.