أصدر المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي تقريره السنوي الأول في إطار ولايته الثانية لعام 2023، والذي يعكس حصيلة عمله وآفاقه المستقبلية في إطار مهمته الدستورية المتمثلة في مواكبة إصلاح المنظومة التربوية والبحث العلمي في المغرب. ويأتي هذا التقرير بعد إرساء هياكل المجلس واعتماد استراتيجية عمل جديدة للفترة الممتدة بين 2023 و2027، مع التركيز على تحقيق الأهداف المرجوة من القانون الإطار 51.17 المتعلق بالتربية والتكوين.
ويشتمل التقرير على ثلاثة فصول رئيسية. في الفصل الأول، تم استعراض الإجراءات المتخذة لتأسيس هياكل المجلس واعتماد خطة عمله، التي تسعى إلى تعزيز دور المجلس في الإصلاح التعليمي. أما الفصل الثاني، فقد تضمن تحليلاً معمقاً لحصيلة الإصلاحات التي تم تنفيذها بموجب القانون الإطار 51.17 منذ صدوره، مع التركيز على أبرز المكتسبات التي تم تحقيقها، وكذلك التحديات والمعيقات التي لا تزال تواجه النظام التعليمي في المغرب.
وقد قدم الفصل الثالث حصيلة مفصلة لأنشطة المجلس خلال سنة 2023، مع تسليط الضوء على التحديات التي تواجه تطوير التعليم والتكوين والبحث العلمي، إلى جانب الأنشطة الداعمة لتعزيز دور المجلس ومساهمته في تحسين جودة المنظومة التعليمية.
وتضمن التقرير أيضاً توصيات هامة تدعو إلى ضرورة تفعيل اللجنة الوطنية لتتبع ومواكبة إصلاح التعليم، بهدف توحيد المرجعيات بين مختلف الفاعلين المعنيين، وضمان توافق السياسات العمومية مع التوجهات الاستراتيجية المنصوص عليها في القانون الإطار 51.17. كما شدد المجلس على أهمية تبني مقاربة شاملة في إصلاح المنظومة التعليمية تأخذ بعين الاعتبار التراتبية في تطبيق السياسات.
إلى جانب ذلك، دعا المجلس إلى مواصلة جهود مكافحة الهدر المدرسي، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتحقيق العدالة في الوصول إلى التعليم. كما أكد على ضرورة إشراك المجتمع المدني وكافة الفاعلين لتحقيق إصلاحات جوهرية.
وفيما يخص مهامه الاستشارية، أصدر المجلس خلال سنة 2023 أربعة آراء حول مشاريع قوانين ومراسيم تتعلق بالتعليم المدرسي والتوجيه المهني والهندسة اللغوية، بناءً على طلبات إحالتها من طرف رئيس الحكومة. من بين هذه الآراء: مشروع القانون رقم 59-21 المتعلق بالتعليم المدرسي، ومشروع المرسوم الخاص بالتوجيه المدرسي والمهني، ومشروع المرسوم حول تطبيقات الهندسة اللغوية في التعليم.
أما في ما يتعلق بالجانب التقييمي، فقد قامت الهيئة الوطنية للتقييم، التابعة للمجلس، بإنجاز عدد من التقييمات الهامة بالتعاون مع منظمة اليونيسيف، بما في ذلك تقييم العنف في الوسط المدرسي، وتقييمات حول المساواة بين الجنسين في التعليم، ورصد البنية التحتية المدرسية في أعقاب زلزال الحوز. كما تم إطلاق دراسات متعددة السنوات، من ضمنها النسخة الرابعة من البرنامج الوطني لتقييم مكتسبات التلاميذ PNEA2025، ودراسة حول المدارس الرائدة، إضافة إلى دراسة دولية حول التعليم والتعلم “طاليس” لعام 2024.
وعلى مستوى الشراكات، وقع المجلس عشر اتفاقيات تعاون مع مؤسسات دستورية ومنظمات دولية، بهدف تعزيز التعاون في المجالات التعليمية. هذه الاتفاقيات تأتي في إطار تعزيز الإصلاحات التعليمية وتوفير دعم دولي لمواكبة التحولات الجارية.
يؤكد هذا التقرير على التزام المجلس الأعلى للتربية والتكوين بمواكبة التطورات والتحديات التي تواجه قطاع التعليم، ويضع رؤى استراتيجية لتعزيز جودته وضمان تحقيق الأهداف المرجوة من الإصلاحات.