في مؤشر يسلط الضوء على حجم التهديدات الأمنية التي تواجه المجتمع الرقمي، أظهرت الإحصائيات الصادرة عن المديرية العامة للأمن الوطني أن المنصة الرقمية التفاعلية “إبلاغ”، المخصصة للتبليغ الفوري عن المحتويات غير المشروعة على شبكة الإنترنت، عالجت خلال ثلاثة أشهر فقط ما مجموعه 7083 إشعارًا بخصوص قضايا جنائية مرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة. هذا العدد الهائل من البلاغات يشير بوضوح إلى تنامي وعي المواطنين بخطورة الجرائم الرقمية واستعدادهم للمساهمة في مواجهتها من خلال التبليغ الفوري.
تحديد هوية 82 مشتبهًا في تورطهم في جرائم يعاقب عليها القانون، تم تقديم 23 منهم إلى العدالة
في تحليل نوعي للتبليغات الواردة، تبين أن أغلبية هذه الإشعارات تتعلق بجرائم النصب والاحتيال الرقمي، والتي مثلت 60% من إجمالي البلاغات، بينما شكلت قضايا الابتزاز الجنسي 20%، في حين تركزت النسبة المتبقية على قضايا السب والقذف، التهديد بالعنف، والتحريض على ارتكاب جرائم أو المتاجرة بمواد ممنوعة عبر الإنترنت. هذه المعطيات تعكس مدى اتساع نطاق الجرائم الرقمية، وتوضح التحديات التي تواجهها السلطات الأمنية في التصدي لهذا النوع من الجرائم المتطورة.
في مؤشر خطير على التهديدات الأمنية، استقبلت المنصة 295 بلاغًا مرتبطًا بقضايا الإرهاب والتطرف، من بينها 85 بلاغًا تتعلق بتمجيد تنظيم “داعش” الإرهابي. هذه الأرقام لا تشير فقط إلى حجم الخطر المتزايد، بل تعكس أيضًا وعيًا مجتمعيًا متناميًا بأهمية التصدي الفوري لأي أنشطة إرهابية أو تطرفية على الإنترنت. المنصة لم تكتفِ بتلقي البلاغات، بل تعاملت معها بجدية مطلقة، إذ قامت الفرق التقنية المتخصصة بإجراء الفحوصات والتحليلات التقنية اللازمة، قبل إحالة القضايا إلى مصالح الشرطة القضائية المختصة.
سجلت المنصة خلال الأشهر الثلاثة الأولى 4117 بلاغًا تحمل الهوية الكاملة للمبلغين
وفي إطار المتابعة القضائية، أسفرت هذه التحقيقات عن تحديد هوية 82 مشتبهًا في تورطهم في جرائم يعاقب عليها القانون، تم تقديم 23 منهم إلى العدالة، بينما صدرت مذكرات بحث وطنية بحق تسعة آخرين، ولا تزال التحقيقات جارية بحق الباقين. هذا الإنجاز الأمني يعكس قوة المنصة وقدرتها على توفير بيئة آمنة وسريعة لتلقي البلاغات، وإحالة المتورطين إلى القضاء في أقصر وقت ممكن.
إلى جانب هذا، تكشف البيانات عن مستوى عالٍ من الثقة بين المواطنين ومنصة “إبلاغ”. فقد اختار أكثر من ثلثي المبلغين الإفصاح عن هويتهم الشخصية، إذ سجلت المنصة خلال الأشهر الثلاثة الأولى 4117 بلاغًا تحمل الهوية الكاملة للمبلغين.
هذا التفاعل الإيجابي يعزز من أهمية المنصة كوسيلة فعالة لتعزيز الأمن الرقمي. ومن المثير للاهتمام أن المنصة لم تقتصر على تلقي البلاغات من داخل المغرب فقط، بل سجلت 564 بلاغًا من خارج البلاد، خصوصًا من دول أوروبا، آسيا، الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا.
الإحصائيات التي قدمتها المديرية العامة للأمن الوطني تشير إلى أن منصة “إبلاغ” ليست مجرد أداة للتبليغ، بل تمثل شراكة حقيقية بين المواطن والمؤسسات الأمنية في محاربة الجرائم المرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة. من خلال استجابة سريعة وآنية للبلاغات، تسعى المنصة إلى تعزيز الإحساس العام بالأمن، ورفع مستوى التفاعل بين المواطن والأجهزة الأمنية، في سبيل تحقيق فضاء رقمي آمن وخالٍ من التهديدات والسلوكيات الإجرامية.