أزمة عميقة تلوح في الأفق ..هذا ماجنته علينا حكومة أخنوش المتغولة
محمد اليزناسني
الأربعاء 16 أكتوبر 2024 - 17:50 l عدد الزيارات : 37567
محمد رامي
أظهرت نتائج المندوبية السامية للتخطيط حول الظرفية لدى الأسر خلال الفصل الثالث من سنة 2024 أن الأسر المغربية تعيش في حالة من القلق والتشاؤم بشأن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، إذ سجل مؤشر ثقة الأسر شبه استقرار عند 462 نقطة مقارنة بـ 461 في الفصل السابق و465 في نفس الفترة من 2023. هذا الاستقرار النسبي لا يعكس حقيقة الواقع الاقتصادي المعقد، بل يخفي تحولات سلبية واضحة في جوانب حياتية متعددة تؤثر مباشرة على الأسر المغربية، التي باتت تتوقع المزيد من التدهور في مستوى معيشتها وفرصها الاقتصادية.
تعبر الأرقام عن أزمة عميقة تلوح في الأفق. فحوالي 80.6% من الأسر صرحت بتدهور مستوى معيشتها خلال الأشهر الـ 12 الماضية، وهي نسبة مقلقة للغاية، خصوصًا أن التوقعات المستقبلية لا تحمل سوى المزيد من التشاؤم، حيث توقعت 56.9% من الأسر استمرار هذا التدهور في الأشهر المقبلة. هذه الأرقام تكشف أن الأسر المغربية ليست فقط متضررة من الوضع الاقتصادي الحالي، بل إنها فقدت الأمل في تحسن الأوضاع قريبًا.
في ظل هذه الأرقام الصادمة، تزداد المخاوف بشأن البطالة التي تعتبرها الأسر أحد أكبر التحديات التي تواجهها. فقد توقعت 82.2% من الأسر ارتفاعًا في معدل البطالة خلال الـ 12 شهرًا المقبلة. هذه التوقعات تأتي في سياق اقتصادي يعاني من تباطؤ النمو وزيادة الضغوط المالية على الشركات والمقاولات، وهو ما أدى إلى فقدان العديد من المغاربة لوظائفهم أو تراجع فرص الحصول على عمل. وبينما تدرك الأسر هذه المخاطر، تتجنب الحكومة الحالية الحديث عن حجم الأزمة الحقيقية في سوق العمل، مكتفية بتقديم وعود غامضة لا تتناسب مع توقعات المواطنين.
الوضع يزداد تعقيدًا عندما يتعلق الأمر بالقدرة على شراء السلع الأساسية والمستديمة. فـ 78.7% من الأسر تعتبر أن الظروف غير ملائمة لاقتناء هذه السلع، في وقت تتضاعف فيه تكاليف الحياة اليومية. وهذا التراجع في الثقة والاستهلاك يعكس هشاشة الاقتصاد الوطني، الذي يعاني من تراجع الاستثمارات ونقص القدرة الشرائية لدى الأسر. وعلى الرغم من ذلك، تواصل الحكومة تقديم تقارير وردية عن الوضع الاقتصادي، متجاهلة الأزمة التي يعيشها المواطنون على أرض الواقع.
وفيما يتعلق بالوضعية المالية، فإن حوالي 54.9% من الأسر تجد صعوبة في تغطية نفقاتها اليومية بمداخيلها، في حين لجأت 42.2% من الأسر إلى الاقتراض أو استنزاف مدخراتها لتلبية احتياجاتها. وبينما يعكس هذا الرقم حجم الضغط الذي تعاني منه الأسر المغربية، تغض الحكومة الطرف عن هذا الواقع وتواصل الترويج لسياسات اقتصادية غير مجدية. وفي الوقت الذي يفترض فيه أن يتم اتخاذ خطوات جادة لدعم الأسر في ظل هذه الظروف، يبدو أن الحكومة الحالية تتعمد إخفاء حقيقة الأزمات التي تواجه المواطنين، محملة الشعب وحده عبء التأقلم مع الوضع الاقتصادي الصعب.
التحديات لم تتوقف عند هذا الحد، إذ إن القدرة على الادخار تكاد تكون معدومة بالنسبة للأسر المغربية. فقط 10.9% من الأسر تعتقد بأنها قادرة على الادخار خلال الأشهر المقبلة، بينما 89.1% ترى أن هذا الاحتمال بعيد المنال. وفي ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل مستمر، حيث صرحت 97.5% من الأسر بارتفاع الأسعار خلال الـ 12 شهرًا الماضية، يصبح الوضع أكثر تعقيدًا. التوقعات المستقبلية لا تبدو أفضل حالًا، حيث توقعت 84.4% من الأسر استمرار ارتفاع الأسعار، وهو ما يزيد من الضغط على القدرة الشرائية ويضاعف من معاناة الأسر التي بالكاد تستطيع تلبية احتياجاتها الأساسية.
في مواجهة هذه التحديات الجسيمة، يبدو أن الحكومة الحالية اختارت الصمت أو التجاهل، مفضلةً تقديم خطط وشعارات بعيدة عن الواقع، بدلاً من العمل على تقديم حلول حقيقية تساعد في التخفيف من معاناة المواطنين. وبينما تتراكم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، يبقى المواطن المغربي وحده من يدفع ثمن هذه السياسات الفاشلة، التي لا تقدم سوى مزيد من الغموض حول المستقبل الاقتصادي للبلاد.