عجز الميزانية يصل إلى 35.5 مليار درهم بنهاية شتنبر 2024: ارتفاع النفقات يثقل كاهل الخزينة

محمد اليزناسني الأربعاء 16 أكتوبر 2024 - 23:21 l عدد الزيارات : 39902

محمد المنتصر

أعلنت وزارة الاقتصاد والمالية المغربية أن عجز الميزانية بلغ 35.5 مليار درهم مع نهاية شتنبر 2024، مقارنة بـ32.5 مليار درهم في الفترة نفسها من العام الماضي. 

هذه الزيادة في العجز تثير تساؤلات حول أداء المالية العامة ومدى قدرة الحكومة على التوازن بين النفقات والمداخيل في ظل الضغوطات المتزايدة. الارتفاع الكبير في النفقات، الذي وصل إلى 31.5 مليار درهم، يقابله ارتفاع أقل في المداخيل بمقدار 28.4 مليار درهم. هذا الفارق يعكس التحديات الاقتصادية التي تواجه المغرب، خاصة فيما يتعلق بالالتزامات الاجتماعية والطارئة.

النفقات المتزايدة ترتبط بشكل أساسي ببرامج الدعم الاجتماعي، خاصة برنامج الحماية الاجتماعية الذي يستهدف الفئات المحتاجة. كما أن صندوق تدبير آثار زلزال الحوز شكل عبئًا إضافيًا على الميزانية، حيث اضطرت الدولة إلى تخصيص موارد مالية لمواجهة التداعيات الناجمة عن هذه الكارثة. وعلى الرغم من أهمية هذه البرامج في توفير الحماية الاجتماعية للمواطنين وتخفيف الآثار السلبية للزلازل والأزمات، إلا أنها تزيد من حدة الضغوط على الخزينة العامة.

على الجانب الآخر، شهدت المداخيل ارتفاعًا بنسبة 12.2% مقارنة بنهاية شتنبر 2023، إلا أن هذا النمو لم يكن كافيًا لتغطية الزيادة الكبيرة في النفقات. وقد سجلت المداخيل، بعد خصم الإعفاءات الضريبية والمبالغ المستردة، معدل إنجاز بلغ 77.1% مقارنة بتوقعات قانون المالية. ويعد هذا الأداء جيدًا نسبيًا، إلا أنه يبرز أيضًا التحدي المتعلق بزيادة الإيرادات الضريبية دون المساس بالقدرة الشرائية للمواطنين أو النمو الاقتصادي.

فيما يتعلق بالنفقات العادية، فقد بلغت 230.6 مليار درهم، محققة معدل إنجاز بنسبة 75.1%. وجاء هذا الارتفاع مدفوعًا بزيادة تكاليف السلع والخدمات بمقدار 14.3 مليار درهم، بالإضافة إلى ارتفاع فوائد الدين بقيمة 1.8 مليار درهم. هذا النمو في فوائد الدين يعكس الحاجة إلى الاستمرار في تمويل العجز عبر الاقتراض، مما يثير مخاوف بشأن استدامة الديون على المدى الطويل.

رغم هذه الضغوطات، سجلت تكاليف المقاصة تراجعًا بمقدار 2.6 مليار درهم، مما ساهم في تخفيف العبء على الميزانية. هذا التراجع يُعزى بالأساس إلى انخفاض تكلفة غاز البوتان بمقدار 1.2 مليار درهم، بالإضافة إلى تراجع تكاليف الدقيق الوطني للقمح اللين بـ1.6 مليار درهم. غير أن تكاليف دعم السكر شهدت ارتفاعًا طفيفًا لتصل إلى 4.9 مليار درهم، مما يعكس استمرارية بعض الضغوط في هذا المجال. وتزامن هذا مع قرار الحكومة في 20 ماي 2024 بتقليص الدعم الموجه لقنينات غاز البوتان، وهو ما يمثل خطوة نحو تقليص الاعتماد على نظام المقاصة.

ومن جهة أخرى، ارتفع الدعم المخصص لمهنيي قطاع النقل إلى 1.6 مليار درهم، وهو نفس المستوى المسجل في السنة الماضية. هذا الدعم يشير إلى مواصلة الحكومة تقديم المساعدات لهذا القطاع، الذي يلعب دورًا حيويًا في الاقتصاد الوطني، في ظل تقلبات أسعار المحروقات العالمية. ومع ذلك، فإن التحدي يكمن في كيفية الحفاظ على هذا الدعم دون الإضرار بالتوازن المالي للدولة.

في السياق ذاته، سجلت فوائد الدين ارتفاعًا ملحوظًا بقيمة 1.8 مليار درهم، محققة معدل إنجاز بلغ 76.2%. هذا الارتفاع يعكس تزايد الاعتماد على التمويل بالدين لتغطية احتياجات الميزانية، مما يزيد من العبء المستقبلي لخدمة الديون ويضع ضغوطًا على المالية العامة. في المقابل، حقق الرصيد العادي فائضًا بقيمة 31.3 مليار درهم مقارنة بـ16.3 مليار درهم خلال نفس الفترة من السنة الماضية، وهو ما يعد مؤشرًا إيجابيًا يعكس تحسن إدارة الإيرادات والنفقات العادية.

على صعيد نفقات الاستثمار، سجلت الوثيقة ارتفاعًا بقيمة 70.7 مليار درهم، مع معدل إنجاز بلغ 70.4%. هذا يعكس التزام الحكومة بدفع عجلة التنمية عبر الاستثمارات العامة، رغم التحديات المالية. إلا أن هذا الارتفاع يطرح تساؤلات حول كيفية تمويل هذه الاستثمارات دون زيادة الدين العام بشكل كبير.

في الختام، تعكس المعطيات الحالية لوضعية تحملات وموارد الخزينة في المغرب توازنًا دقيقًا بين الحاجة إلى زيادة النفقات لدعم الفئات المحتاجة والاستثمار في التنمية، وبين الضغوطات المتزايدة لتقليل العجز المالي وضبط الديون. ومع أن هناك بعض الإشارات الإيجابية مثل تحسن الإيرادات وتراجع تكاليف المقاصة، إلا أن استمرار العجز وارتفاع الدين يشكلان تحديات كبيرة للحكومة. المطلوب الآن هو تبني سياسات مالية أكثر توازنًا تضمن الاستدامة المالية دون المساس بالنمو الاقتصادي أو التضحية بالبرامج الاجتماعية الضرورية.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

مقالات ذات صلة

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 10:57

وضعية تحملات وموارد الخزينة تفرز حاجيات تمويل بقيمة 15,5 مليار درهم

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 10:51

المجلس الأعلى للسلطة القضائية يناقش مستقبل التكنولوجيا الحديثة في المجال ‏القضائي

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 10:50

مندوبية التخطيط تقف عند ارتفاع الأسعار…

الثلاثاء 22 أبريل 2025 - 10:44

جماعة سيدي قاسم تبرمج فائض ميزانية 2024 في مشاريع لإعادة الهيكلة والبنية الكهربائية والحماية من الفيضانات

error: