أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أنه على الرغم من أن “عرض المغرب” للهيدروجين الأخضر يحمل معه فرصا واعدة، إلا أن تنزيله على المدى البعيد يتطلب رفع مجموعة من التحديات.
وكشف المجلس في تقريره السنوي لسنة 2023، أنه من بين أبرز هذه التحديات، هو التنسيق بين القطاعات الوزارية، بحيث يعد تحقيق الالتقائية وضمان التنسيق بين مختلف القطاعات الحكومية التي تتدخل في مراحل متعددة من سلسلة قيمة الهيدروجين الأخضر أمرا ضروريا. فعلى الرغم من أن تعيين مؤسسة الوكالة الوطنية للطاقة المستدامة « مازن » كنقطة اتصال رئيسية من شأنه أن يسهل الإجراءات على المستثمرين من خلال توحيد بعض المساطر على مستوى جهة واحدة، إلا أن ضرورة الحصول على التراخيص واستكمال الإجراءات الإدارية بدء بالموافقة الأولية الممنوحة من قبل الوالي أو العامل إلى حدود المرحلة النهائية، تظل تحديا حقيقيا. علاوة على ذلك، يتطلب تطوير البنيات التحتية للموانئ، وأنابيب النقل، ومنشآت التخزين تنسيقا وتضافرا وثيقا وموسعا للجهود بين مختلف الوزارات والوكالات الوصية مثل الوكالة الوطنية للموانئ، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، والقطاع الحكومي المكلف بالصناعة، والقطاع الحكومي المكلف بالتجهيز، وغيرها.
كما شدد التقرير، على ضرورة التكامل مع مشروع خط أنابيب الغاز بين المغرب ونيجيريا، حيث من الضروري أن يتم تصميم البنيات التحتية اللازمة لنقل الهيدروجين الأخضر، مثل الموانئ وخطوط الأنابيب، بما يتسق مع مشروع خط أنابيب الغاز المغرب-نيجيريا الذي يهدف إلى نقل الغاز الطبيعي بين أوروبا وإفريقيا. علاوة على ذلك، يجب دمج الهيدروجين الأخضر ضمن مزيج الطاقة على المدى البعيد، مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات المتوقعة للعرض والطلب على الطاقة في البلاد، وكذلك الدور المستقبلي للغاز الطبيعي والطاقة النووية، إلى جانب التخلي التدريجي عن استخدام الفحم.
كما أشار التقرير، إلى العمل على رفع تحدي النضج التكنولوجي لحلول قطاع الهيدروجين الأخضر، بحيث تعمل الوحدات الصناعية والفاعلون في قطاع الهيدروجين الأخضر على تطوير حلول مبتكرة تعزز من استخدام الهيدروجين الأخضر ومشتقاته. مؤكدا على وضع الإطار القانوني الخاص بقطاع الهيدروجين الأخضر، حيث ثمة عدة عوامل تحول دون استخدام الطاقات المتجددة في المغرب على نطاق واسع، منها ما يتعلق بملائمة الإطار القانوني المتعلق بالطاقات المتجددة، والتأخر في نشر بعض المراسيم التطبيقية، وتجزئة سوق الكهرباء المتجددة بين سوقين حرة ومقننة. وبالتالي فمن أجل دعم تطوير الهيدروجين الأخضر بشكل فعال، من الضروري وضع إطار قانوني ملاءم كفيل بتسهيل التطور المتجانس لهذا القطاع.
وسجل المجلس الاقتصادي والإجتماعي والبيئي، أنه لا بد من النهوض بالرأسمال البشري، حيث يعتمد نجاح تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر أيضا على تكوين وتأهيل العنصر البشري. وفي هذا الإطار، يتعين على الجامعات ومراكز التكوين، بالتنسيق مع القطاع الخاص وبالاستناد إلى دراسات استشرافية، أن تسعى جاهدة لتطوير التخصصات العلمية والتقنية التي تستجيب لمتطلبات المهنيين العاملين في قطاع الهيدروجين الأخضر.
وأوصى تقرير المجلس، بدمج قطاع الهيدروجين الأخضر في استراتيجية طاقية متجددة بما يتناغم مع تطوير قطاع الغاز الطبيعي، والطاقة النووية، والتخلي التدريجي عن الفحم؛ وتسريع العمل على وضع إطار قانوني لتحفيز قطاع الهيدروجين الأخضر وتعزيز جاذبيته للمستثمرين الأجانب. وينبغي لهذا الإطار أن يتلاءم بشكل تام مع الإطار القانوني الحالي المعمول به في مجال الطاقات المتجددة؛ والعمل على تسريع دينامية تكوين الرأسمال البشري في مهن الهيدروجين الأخضر، وتعزيز اليقظة والبحث والتطوير بالشراكة مع مراكز البحث الدولية المتخصصة في هذا المجال؛ ووضع خارطة طريق على المدى القصير، والمتوسط، والطويل لتعبئة الموارد المالية اللازمة لإنجاز البنيات التحتية العمومية، والتي تعد ضرورية لتطوير قطاع الهيدروجين الأخضر.
كما دعا إلى مراعاة احتياجات قطاع الهيدروجين الأخضر على المديين المتوسط والطويل، ودمجها في برنامج تطوير محطات تحلية مياه البحر الذي أطلقه المغرب. كما ينبغي تعزيز هذا البرنامج بالاستناد إلى دراسات التتبع والتقييم ودراسات التأثير على البيئة؛ وتكثيف جهود البحث والتطوير في قطاع الهيدروجين الأخضر، من خلال تشجيع التعاون الوثيق بين الحكومات والوحدات الصناعية والقطاع الخاص من أجل تسريع تحقيق النضج التكنولوجي المطلوب لاستخدام الهيدروجين الأخضر ومشتقاته بشكل فعال.
تعليقات
0