ينعقد مجلس الأمن في دورته السنوية بخصوص قرار الهيئة الأممية حول الصحراء في سياق خاص للغاية.
أولها المناخ العام، حيث يتحرر المغرب من هذا الموعد الضاغط، والذي تحول، إضافة إلى موعد سنوي، إلى نقطة ضغط قوية.
اليوم يمكن القول إن المغرب تحرر بفعل أسلوب محمد السادس وديبلوماسيته في معالجة الأمر من هذا الضغط ومن تركيبته النفسية والسياسية التي كانت تقلق المغاربة دوما.
هو اجتماع تأخر بحوالي أربع وعشرين ساعة عن المعتاد (31 أكتوبر عوض 30 )، وهو في كل الأحوال تأخير مفهوم ومعتاد في العديد من القضايا..
اجتماع مجلس الأمن وتصويته يأتي في سياق محدد أهم علاماته ومساراته :
1 – يأتي بعد يوم من زيارة ماكرون للمغرب، والتي جدد فيها
ـ الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه.
ـالالتزام بالانخراط، بدقة ووضوح، في دعم المغرب في الأمم المتحدة، وهي المناسبة السانحة اليوم، ولا شك أن الأنظار ستتجه إلى كلمة مندوب فرنسا الداعم لسيادة المغرب في تفسير تصويت بلاده.
ـ تنمية التواجد القنصلي والثقافي والاقتصادي في أقاليمنا الجنوبية.
2 – يأتي الاجتماع كذلك بعد أقل من أسبوعين على التقرير الذي تقدم به أنطونيو غوتيريس إلى مجلس الأمن حول الوضعية في الصحراء، ونحتفظ فيه بالعناصر التالية:
ـ طلب تمديد مهمة المينورسو لمدة سنة كاملة، وهي المهمة التي كان يراد لها بأن تتعطل ميدانيا وأيضا في القرار الأممي. من أجل فتح المجال لعودة المواجهات أو فرض حالة قلق …
ـ إشارة التقرير إلى التنمية السوسيواقتصادية التي تعرفها المنطقة وهو ما يؤكد كون ثروات المنطقة تستفيد منها ساكنتها..
ـ التقرير أشاد بالمبادرة الملكية لفك العزلة عن دول الساحل وجنوب الصحراء…
ـ التقرير شدد على دينامية فتح القنصليات والتمثيليات من دول العالم..
كما أن التقرير أشار إلى عرقلة المسار. السياسي، مضمنا فيه اتهام الجزائر بإعلان وزير خارجيتها للمبعوث الخاص الأممي بأنها ليست طرفا!
3 – التصويت يأتي بعد أسبوعين على محاولة التسلل التي قام بها المبعوث الشخصي دي ميستورا:
ـ عن طريق التشويش بمحاولة إحياء مقترح جيمس بيكر 1 حول تقسيم الصحراء، والذي قبلت به الجزائر في 2001، أيام الراحل عبد العزيز بوتفليقة.
ـ عن طريق السعي إلى توسيع مضامين الحكم الذاتي، وهو ما وقف المغرب في وجهه عندما اعتبر ناصر بوريطة أن الحكم الذاتي هو نقطة الوصول وليست نقطة الانطلاق«، حتى لا يتم تمييع المقترح والزج به في أفق غير محدد المعالم.
4 – يأتي الاجتماع كذلك بعد اجتماع اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، والتي اعتمدت قرارا، بدون تصويت، يدعو إلى دعم العملية السياسية في الصحراء.
5 – ولعل نقطة الفصل هي أن الاجتماع الحالي يأتي بعد عشرين يوما على خطاب جلالة الملك أمام البرلمان، والذي أعلن فيه جلالته عن «الانتصار لحق المغرب»، والذي يعلو. ولا يعلى عليه.
وفيه ذكر القاعدتين اللتين تم على أساسهما بناء الديبلوماسية الملكية الشاملة:
الانتقال من التدبير إلى التغيير: «قلت منذ اعتلائي العرش، أننا سنمر في قضية وحدتنا الترابية، من مرحلة التدبير، إلى مرحلة التغيير».
ـ وتجاوز منطق رد الفعل إلى الفعل والمبادرة والاستباقية: «دعوت كذلك للانتقال من مقاربة رد الفعل إلى أخذ المبادرة، والتحلي بالحزم والاستباقية…».
في الواقع، أينما كان فضاء من الفضاءات أو تكتل من التكتلات تصنع فيها السياسة دوليا هناك منحى واضح للمغرب (الاتحاد الأوروبي 20 دولة، الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس تعاون دول الخليج..).
في مجلس الأمن، دولتان أساسيتان مع سيادة المغرب، وتطور واضح في الصين الشعبية، الانتقال من امتناع ومناكفة أمريكا إلى التصويت على القرار الأممي في السنوات الأربع الأخيرة. إلى جانب المملكة المتحدة.
ـ الدول صديقة الصحراء، باستثناء روسيا التي تمانع، نجد أن الدول الأربع الأخرى: إسبانيا، فرنسا، انجلترا، أمريكا، والتي تطلع على القرار، كما أنها عادة ما تقدم المقترحات بخصوص المبعوث الخاص للأمين العام، مجموعها إيجابي أو قريب من الإيجابي..
لكل ما سبق، نجد أن المناخ المغربي والحالة الذهنية المغربية مطمئنة، على عكس السابق من الأيام.
ولعل الجزائر التي تحضر مجلس الأمن كعضو غير دائم: تجد نفسها وجها لوجه مع قرارات مجلس هي عضو فيه وتتنكر لتطبيقه…
وهو فخ أكثر منه امتياز!
تعليقات
0