عقدت منظمة النساء الاتحاديات مساء اليوم الخميس 31 أكتوبر، ندوة صحفية حول موضوع حقوق النساء في ظل تراجع مؤشرات التنمية، من أجل إشراك مختلف الفاعلين للعمل على تحسين أوضاع المرأة المغربية عبر اعتماد مقاربة التمكين الاقتصادي للنساء وتمتيعهن بحقوقهن على أساس المساواة، ومكافحة ما تتعرضن له من مختلف أشكال العنف والتمييز، لتحقيق التنمية.
وقدمت الندوة التي حملت عنوان أي وضع لحقوق النساء في ظل تراجع مؤشرات التنمية، وقامت بتسييرها رئيسة منظمة النساء الاتحاديات، حنان رحاب، إحصائيات ودراسات تعالج موضوع المساواة بين الرجل والمرأة، حيث تطرق رئيس مؤسسة منصات الأبحاث والدراسات الاجتماعية، عزيز مشواط، إلى الجانب المتعلق بالنساء والفضاء العام والحريات الفردية، مستندا إلى بحث ميداني شمل 1536 شخصا، خلص من خلاله إلى أن المدينة فضاء يحرر النساء ويساند حقهن في الولوج إلى سوق الشغل أو السفر أو ارتياد مختلف الأماكن العامة من مقاهي وملاعب، كما يعزز إلى حد ما الإحساس بالأمان لديهن على عكس القرى التي يكثر فيها الشعور بالمخاطر وتقل فيها نسبة المساندين لحق المرأة في العمل أو ولوج الأماكن العمومية.
وبحسب الدراسة التي تجسد جزءا من الواقع فإن 5 بالمائة فقط من المشاركين فيها يرون أن هنالك أمان في الفضاء العام بينما يرى 95 بالمائة غير ذلك، وبالنسبة لعمل المرأة فحوالي 78 بالمائة من المستجوبين مع ولوج المرأة إلى سوق الشغل، أما السفر فإن نسبة 50 بالمائة ترى أن المرأة لها حرية في السفر، ورصدت الدراسة أن أكثر الجهات تحفظا هي جهة درعة تافيلالت بينما كانت بني ملال خنيفرة الأقل تحفظا من بين الجهات الإثنا عشر، وخلصت الدراسة إلى أن مرجعية الحقوق والحريات يتم الاستناد إليها بمرجع ضعيف حيث يتم الاستناد للمرجعية الدينية والعادات والتقاليد ونزعة هوياتية.
في نفس السياق استند اللقاء على تقرير يتعلق بالنساء وأنشطة الأعمال والقانون، حيث شددت المنسقة الوطنية من أجل ديموقراطية المناصفة، خديجة الرباح، على أن القضايا المرتبطة بالتنمية تمس البعد الاجتماعي والديموقراطي والاقتصادي والحقوقي والمدني، مشيرة إلى تراجع مؤشرات التنمية يشمل أيضا السياق الدولي الذي يكشف على أن من بين 48 مليون امرأة هنالك 8 بالمائة تعشن تحت عتبة الفقر وربع النساء يعانين من غياب الأمن الغذائي وتقمن بأعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر، وأن 28 دولة من أصل 116 دولة تعيش فيهن النساء في غياب لتغطية اجتماعية، وفي 12 دولة هنالك أقل من 10 بالمائة من النساء لا تتوفرن على تغطية صحية، مشددة على ضرورة التفكير في البعد القانوني والاجتماعي والثقافي.
وأوضحت الرباح على أن المغرب حصل في هذا التقرير على تنقيط لا يؤهله ليكون ضمن مصاف الدول المتقدمة، وأن من بين توصياته إحداث تمكين اقتصادي حقيقي داخل البرامج ذلك أن مختلف برامج التمكين الاقتصادي بالجهات الإثنا عشر للمملكة لم تعطي أكلها للحد من الهشاشة والفقر في صفوف النساء، وأيضا ضرورة مراجعة قانون الشغل لأن هنالك مشكل يطال أجور النساء، والقوانين التي تؤثر على عمل النساء بعد الإنجاب، والاعتراف بالمساهمات الغير النقدية للمرأة، وغيرها من الأمور التي لا تكرس مبدأ المساوات، كما أشارت المتحدثة إلى أن المغرب يسجل أعلى نقوص اقتصادي منذ 24 سنة، ما سيؤثر على وضعية النساء من جميع الفئات خاصة اللواتي توجدن ضمن الفئات الهشة، وأن المرأة تحتل الرتبة 37 من أصل 146 دولة فيما يخص المساواة.
من جانبه حاول المتخصص في السياسات العمومية، محمد طارق، تسليط الضوء على جانب إيجابي تمثل في المكتسبات التي حققها المغرب في ما يتعلق بقضايا المرأة خاصة بعد سنة 2011، التي دعا فيها الدستور إلى تكريس المساواة إضافة إلى الخطط والبرامج التي تصب في صالح المرأة والمبادرات الحزبية والحركة النسائية المدافعة عن حقوق النساء، قبل أن يقف المتحدث عند الواقع والأرقام التي تعكس حقيقة الوضع المرتبك الذي تعيشه المرأة، محاولا تسليط الضوء على مكامن الخلل التي تحول دون تحقيق مساواة فعلية بين الرجل والمرأة، والتي تتقاطع بين ماهو سياسي ومجتمعي واقتصادي.
واستغرب محمد طارق فرحة الحكومة بالتصنيف الجديد للمغرب ضمن مؤشر التنمية البشرية العالمية قائلا :” في 2022 كان المغرب في الرتبة 123 في تصنيف مؤشر التنمية البشرية العالمية وفي 2024 وصلنا إلى الرتبة 120 وهو ما جعل الحكومة تعقد ندوة صحفية معلنة عن الترتيب كما لو كان إنجازا كبيرا رغم أن رتبة 120 هي من أصل 189 دولة أي نحن مازلنا متراجعين وهذا لا يدعو إلى الفرح، هذا الرقم يدعو إلى الخجل يمكن أن نفرح اذا وصلنا إلى العشر الأوائل”.
بدوره قدم المتحدث أرقاما تدعو للقلق حيث كشف أن نصف المجتمع أي نصف النساء يتم تعنيفهن، حيث أن 1,5 مليون امرأة تعرضن سنة 2024 للعنف الإلكتروني، وبالنسبة لريادة الأعمال فإن عدد النساء اللواتي يتوفرن على حساب بنكي هو 29 بالمائة، ما يعني أن المغرب لا يسير في منحى إيجابي فيما يتعلق بريادة الأعمال للنساء، أما في البرلمان فقد أشار محمد طارق إلى أن هذا التقدم لا يتم بإرادة فردية للحكومة بل بنضال حقيقي مرير، مبرزا أن المغرب يحقق أرقام إيجابية للنساء في فضاءات عمل غير إيجابية، مشددا على أن المعركة من اجل المناصفة والمساواة هي معركة طويلة، لا تتحمل عبئ التغافل داعيا إلى محاولة إيقاظ الحكومة من سباتها العميق إضافة إلى يقظة مؤسساتية ويقظة مجتمعية.
تجدر الإشارة إلى أن منظمة النساء الاتحاديات، وفي حدود منتصف شهر يناير المقبل، ستنظم حوالي 50 لقاء حول المواضيع المرتبطة بحقوق النساء والمساواة والتنمية وتعزيز مشاركتها في مختلف المجالات سواء السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
تعليقات
0