هذا ما كشفت عنه بيانات آخر تقرير للبنك الدولي عن الاقتصاد المغربي.. توازن هش،ومحاولات مواجهة الضغوط الهيكلية والمناخية

محمد رامي الأحد 3 نوفمبر 2024 - 12:55 l عدد الزيارات : 80208

يواجه الاقتصاد المغربي لعام 2024 وضعًا اقتصاديًا معقدًا، حيث تشير بيانات البنك الدولي إلى بعض التحسينات الملحوظة، غير أن التحديات الهيكلية والمناخية لا تزال تفرض ضغوطًا كبيرة على النمو الاقتصادي.

فمن ناحية، ساهمت سياسات الحكومة المالية في تقليص عجز المالية العامة إلى 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بنسبة 4.4% في عام 2023، وذلك بفضل تقليص دعم بعض المواد الأساسية مثل الغاز والبوتان.

كما ساعد تراجع معدل التضخم بشكل ملحوظ من 6.1% في عام 2023 إلى 1.5% في عام 2024 على استقرار القدرة الشرائية للمواطنين، ما دفع بنك المغرب إلى تخفيض أسعار الفائدة لدعم الطلب المحلي.

ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، يُبرز التقرير جملة من النقاط السلبية التي تهدد تحقيق النمو المستدام والشامل.

فعلى صعيد الحساب الجاري، يلاحظ البنك الدولي ارتفاع العجز إلى 1% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024، مدفوعًا بزيادة واردات الحبوب بسبب تراجع الإنتاج الزراعي المحلي الناجم عن موجات الجفاف المستمرة.

هذا التراجع في الإنتاج الزراعي يظهر حاجة ماسة لتعزيز الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الواردات، حيث يشكل هذا الاعتماد خطرًا على استقرار الاقتصاد ويزيد من حساسيته تجاه تقلبات الأسعار العالمية للأغذية.

ومن النقاط السلبية البارزة أيضًا هيكلية سوق العمل التي تعاني من عدم توازن كبير بين الجنسين. فرغم ارتفاع نسبة مشاركة النساء في سوق العمل، إلا أنهن يتركزن في القطاع العام أكثر من الخاص، مما يؤدي إلى اختلال في توزيع القوى العاملة بين القطاعين ويضع ضغطًا إضافيًا على الموارد المالية للحكومة.

هذا النمط من التوظيف الحكومي المرتفع يحد من قدرة القطاع الخاص على جذب الكفاءات اللازمة لدعم الإنتاجية والنمو الاقتصادي، ويشكل تحديًا أمام إصلاح سوق العمل ليصبح أكثر ديناميكية وتنوعًا.

تفضيل النساء للقطاع العام في المغرب لا يعود فقط  إلى عوامل الأمان الوظيفي والاستقرار المالي، مما يجعل هذا الخيار أكثر جاذبية، خاصةً لأولئك الساعيات للتوازن بين الحياة المهنية والأسرية، بل أيضا لعدم كفاية عروض العمل والتي يقترحها القطاع الخاص.

 إن التنمية المتكاملة في المغرب تتطلب معالجة هذه الفجوة وتوفير فرص متكافئة لجميع المواطنين في القطاعين العام والخاص على حد سواء.

كما يعرض التقرير لواقع القطاعات الإنتاجية، حيث يُبرز ضعف التنويع الاقتصادي واعتماد المغرب الكبير على قطاع الزراعة المعرض للاضطرابات المناخية. ورغم الجهود المبذولة لتنويع الاقتصاد من خلال تعزيز الصناعات المحلية والسياحة، فإن هذا التقدم لا يزال محدودًا، ما يجعل الاقتصاد المغربي عرضة لتأثيرات خارجية كالتقلبات المناخية والأسعار الدولية للسلع الأساسية.
ويشير البنك الدولي إلى ضرورة مواصلة الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية، بما في ذلك تحسين بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمار في القطاع الخاص، إضافة إلى تقوية القطاع الزراعي لمواجهة تقلبات المناخ.

كذلك، يُبرز التقرير حاجة المغرب لتعزيز الشمول المالي والاجتماعي، إذ يظل تفاوت الدخل وارتفاع معدلات البطالة من العوامل التي تؤثر على الاستقرار الاجتماعي وتضعف من آفاق التنمية المستدامة.

في ضوء هذه المعطيات، يمكن وصف الاقتصاد المغربي بأنه في حالة توازن هش، يحاول مواجهة الضغوط الهيكلية والمناخية عبر سياسات حكومية تهدف لضبط التوازن المالي والحد من التضخم.

إلا أن استمرار الاعتماد على الاستيراد، وضعف التنوع الاقتصادي، والخلل في سوق العمل يشكل عوائق أمام تحقيق نمو شامل ومستدام. يتطلب هذا الوضع استراتيجيات شاملة لتعزيز الإنتاجية المحلية وتقوية قطاعي الزراعة والصناعة، إلى جانب سياسات سوق العمل التي تدعم تمكين المرأة وتوسيع مشاركة القطاع الخاص، للحد من الاعتماد المفرط على القطاع العام، وخلق فرص تنموية متكاملة على المدى البعيد.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الإثنين 21 أبريل 2025 - 22:51

و أخيرا الإفراج عن اللجنة الموضوعاتية لتقييم “كارثة”مخطط المغرب الأخضر 

الإثنين 21 أبريل 2025 - 22:14

لقاء أدبي بالرباط حول فكر الراحل إدمون عمران المالح

الإثنين 21 أبريل 2025 - 21:59

مثقفون ومفكرون وشعراء وأبناء أصيلة يشاركون في تكريم الراحل محمد بنعيسى

الإثنين 21 أبريل 2025 - 20:56

عدم الالتزام بآجال الأداء يهدد الشركات الصغيرة.. الفريق الاشتراكي يطالب الحكومة بالوفاء بالتزاماتها

error: