قررت محكمة جرائم الأموال بالرباط، خلال الأسبوع الماضي، إيداع قاضٍ بمحكمة الاستئناف بتطوان ومحاميين بهيئة المحامين بنفس المدينة السجن المحلي “تمسنا” بتمارة، إثر تسريبات صوتية أثارت شبهات بشأن بيع وشراء الأحكام القضائية بمحكمة الاستئناف بتطوان.
تأتي هذه الخطوة بعد إحالة الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرباط ملف القضية، التي أثارت جدلًا واسعًا تحت مسمى “التلاعب بالأحكام القضائية بتطوان”، والتي يتابع فيها 11 متهمًا، بينهم قاضيان، وخمسة محامين، وموظفة جماعية، ومنتدب قضائي، وموثق، بالإضافة إلى مالك سيارة فارهة من نوع “لامبورجيني”، تورط سابقًا في حادثة سير بمدينة المضيق بتاريخ 14 أغسطس 2022، أدت إلى إصابة ثلاثة أشخاص. القضية تتعلق بحصوله على حكم مخفف مقابل رشوة بقيمة 100 مليون سنتيم، وهو أحد الملفات التي فجّرت الفضيحة.
ووفقًا لمصادر مقربة من التحقيق، تفجرت القضية بعدما قامت زوجة القاضي المعتقل بتقديم تسجيلات صوتية للنيابة العامة، تكشف تورطه في تلقي عمولات مالية كبيرة مقابل التلاعب في أحكام قضائية. وعلى إثر ذلك، أحالت النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بتطوان الملف على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.
تحقيقات المكتب الوطني للجرائم المالية والاقتصادية التابعة للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي استمرت عدة أشهر، كشفت عن تورط قاضيين وثمانية محامين في التلاعب بملفات حساسة، أبرزها قضية “ولد الفشوش” المرتبطة بسيارة “لامبورجيني”. وقد خضعت تسجيلات المكالمات الهاتفية للتدقيق التقني، ما ساهم في كشف المزيد من التفاصيل.
وبعد انتهاء التحقيقات، أحيل الملف إلى قاضية التحقيق المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالرباط. وقد قررت متابعة 11 مشتبهًا فيهم بتهم تتعلق بالرشوة، وتسلم مبالغ مالية مقابل استغلال الوظيفة، والمشاركة في هذه الجرائم، وعدم التبليغ عنها، كل حسب دوره في القضية.
وخلال جلسة التحقيق التمهيدي، التي استغرقت ساعات طويلة، أمرت قاضية التحقيق باعتقال القاضي بمحكمة الاستئناف بتطوان ومحاميين اثنين من هيئة المحامين بتطوان، بينما تم إطلاق سراح ثلاثة محامين آخرين مع فرض قيود بالسفر عليهم. كما تقرر متابعة منتدب قضائي وموظفة جماعية وموثق على صلة بالقضية في حالة سراح. في المقابل، أُحيل مالك سيارة “لامبورجيني” على الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف بتطوان للنظر في قضيته بشكل منفصل.
القضية تسلط الضوء على خطورة الفساد القضائي، وتأثيره على نزاهة المنظومة العدلية، وسط ترقب لمآلات المحاكمة التي يتابعها الرأي العام باهتمام كبير.
تعليقات
0