في مشهد يعكس ثقافة سياسية راسخة في بريطانيا، قدمت وزيرة النقل البريطانية لويز هاي استقالتها بمجرد الكشف عن واقعة جنحة سابقة تتعلق بتقديم معلومات خاطئة للشرطة.
هذا القرار لم يكن نتيجة ضغوط قضائية أو احتجاجات شعبية، بل جاء استباقيًا للحفاظ على نزاهة الحكومة وعدم تشتيت الانتباه عن أولوياتها.
هنا أتساءل، مادام التساؤل حقًا مشروعًا: ترى، كيف يتعامل المغرب مع حالات مماثلة؟
في المغرب، غالبًا ما يتم التغاضي عن ممارسات قد تكون أشد خطورة، سواء كانت أخطاء إدارية في التسيير أو شبهات فساد.
الوزراء والمسؤولون الحكوميون لا يستقيلون بمبادرة شخصية، وعندما تُثار قضايا تمس نزاهتهم، يكون اللجوء إلى الصمت أو الالتفاف على المطالب الشعبية أو الاستعانة بمواقع “الزرقلاف” لتبييض صورتهم هو الخيار الأكثر شيوعًا. بل أحيانًا، تُوجَّه الانتقادات لمن يجرؤ على كشف الفساد، في ظل غياب حقيقي لآليات محاسبة فعّالة وشفافة. بلغة دارجة دقيقة، يلجؤون إلى “تخراج العينين” للترهيب.
منهم من تنجح مظلته في حمايته، ومنهم من تُطوى مظلته ليجد نفسه في مواجهة الشمس الحارقة.
في الحالة البريطانية، استقالة هاي تجسد ثقافة سياسية تحترم مبدأ “القدوة الحسنة”.
الوزيرة الشابة، بالرغم من تقديمها أداءً مميزًا في منصبها، لم تجد مبررًا للبقاء بعد أن طفت على السطح قضية تعود إلى عقد من الزمن.
أما في المغرب، يُلاحظ أن بعض المسؤولين يواصلون العمل في مناصبهم رغم الأزمات أو شبهات الفساد التي قد تحيط بهم أثناء ممارسة مهامهم، معتمدين على غياب ضغط مؤسساتي أو شعبي قوي يدفعهم لتحمّل المسؤولية.
وحين تفوح الروائح النتنة وتتحرك مسطرة المتابعة، تجدهم يلهثون وراء من يعتقدون أنه يملك طوق نجاتهم، أو على الأقل يطلبون “لطف القضاء”، ولنا من الأمثلة الكثير.
ما حدث في بريطانيا وما يحدث في المغرب نموذج يُبرز الفجوة بين ثقافتين سياسيتين؛ الأولى تقوم على الشفافية والمساءلة، والأخرى تعتمد، في الغالب، على التسويف والمحاباة، ما لم تنتشر الرائحة النتنة لتتحرك المحاسبة.
التحدي الأكبر أمام المغرب ليس فقط في اللحاق بالديمقراطيات الراسخة، بل في بناء منظومة سياسية تحترم المواطن، وتمنحه الثقة في أن مسؤولي بلاده يعملون فعليًا لخدمة المصلحة العامة، وليس العكس.
وللحديث بقية…
للاسف هذا هو واقعنا المغربي
والأغلبية لا يوجد لا رقيب ولا حسيب
للاسف الشديد هذا واقعا من المحيط الى الخليج