محمد رامي
الحادثة الأخيرة التي شهدتها الدار البيضاء، حيث تعرض دبلوماسي روسي رفيع المستوى وزوجته وسائق سيارة نقل ذكي لاعتداء جسدي من طرف سائقي سيارات الأجرة الصغيرة، تفتح باب التساؤل حول ظاهرة العنف والتجبر المتزايد في هذا القطاع ولنا من الأمثلة الكثير لن نسردها عنا لربما نسردها ونعرض أكثر منها لو شكك أحد في صدقية ما نعرضه في هذه الزاوية .
ما حدث الأحد الماضي، السيد المدير العام للأمن الوطني، لم يكن مجرد شجار عرضي؛ بل هو سلوك أقرب إلى عنف “قطاع الطرق الجدد” ، ولعلمكم السيد المدير العام للأمن الوطني ، عنف تعيشه مدينة الدار البيضاء بشكل يومي يهدد الأمن الاجتماعي ويسيء إلى صورة المغرب في الخارج، خاصة عندما تتحول شوارع العاصمة الاقتصادية إلى مسرح للبلطجة في حق مواطنين وضيوف أجانب والمبرر محاربة قطاع النقل الذكي في العاصمة الاقتصادية.
فماذا لو لم يكن المعتدى عليه دبلوماسيا روسيا؟
لقد شهدنا خلال السنوات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في حالات الاعتداءات من قبل بعض سائقي سيارات الأجرة ضد منافسيهم العاملين في قطاع النقل الذكي، وهي ظاهرة لم تعد خافية على أحد، تتم محاصرة سيارات النقل الذكي، تلتحق العناصر الأمنية بمكان الحصار، يتم تسجيل محضر مخالفة النقل السري في حق سائق السيارة، يتم إيداع السيارة في المحجز وينصرف المحاصرون بعد أن يوثقوا عملية الحجز لأن هناك منحة خاصة حسب ما أسر لنا به مجموعة من المهنيين . وفي حالات عديدة لايمر الحصار بشكل سلمي فتتطور الأمور إلى اعتداء يتم تكييفه بحسب مزاج البعض وهذه قصة أخرى.
هذه الاعتداءات تعكس صراعًا متجذرًا حول النفوذ والسيطرة على زبائن النقل، ولكنه صراع يتخذ منحى خطيرًا حينما يتجاوز القوانين والأعراف إلى استخدام العنف الجسدي والترهيب.
حادثة الاعتداء على الدبلوماسي الروسي وزوجته ليست سوى قمة جبل الجليد الذي يخفي تحته انتهاكات يومية يتعرض لها المواطنون من طرف بعض هؤلاء السائقين الذين يُفترض أنهم يقدمون خدمة عامة.
ما يثير التساؤل السيد المدير العام للأمن الوطنيهو عجز السلطات الأمنية عن وضع حد لهذا النوع من السلوكيات. فكيف يُعقل أن تتكرر مثل هذه الاعتداءات، التي تنقل المغرب من دولة القانون إلى ساحة للممارسات الخارجة عنه، دون حلول جذرية؟
إذا كانت مصالح الأمن قد تمكنت في هذه الحادثة من إيقاف المتورطين بسرعة، فإن السؤال يبقى: لماذا لا تُتخذ تدابير استباقية لمنع حدوث مثل هذه الاعتداءات في المقام الأول؟
هل نحتاج إلى حادثة دولية بحجم أزمة دبلوماسية بين المغرب وروسيا حتى نبدأ في التعامل بجدية مع هذه الظاهرة؟
إن سائقي سيارات الأجرة الذين تورطوا في هذا الاعتداء لم يعتدوا فقط على أشخاص؛ بل أساؤوا إلى مهنة بأكملها، بل وإلى بلد بأكمله.
هذه الحادثة يجب أن تكون نقطة تحول في التعامل مع مثل هذه الممارسات، فالقضاء سيقول كلمته بحق المتورطين، لكن المسؤولية لا تقف هنا؛ بل يجب أن تتحملها أيضًا الجهات الوصية على هذا القطاع من خلال فرض رقابة صارمة وتطبيق القوانين بصرامة، لضمان أن تظل الشوارع المغربية فضاءً آمنًا للجميع.
وعلى هامش هذه الحادثة نسجل بكل أمانة الواقع الذي يعيشه البيضاويون و الزوار في شوارع الدار البيضاء، وخاصة أمام المحاور الرئيسية مثل محطات القطار والحافلات، يكشف عن تجبر غير مقبول من قبل بعض سائقي سيارات الأجرة الصغيرة.
محطة “الدار البيضاء المسافرين”، على سبيل المثال، تقدم نموذجًا صارخًا لهذا الوضع. فهنا، يرفض السائقون بشكل مستمر استخدام الموقف المخصص لهم، ويفرضون وجودهم في مواقع أخرى تزيد من فوضى المرور وتعطل انسيابية الحركة.
هذه الممارسات لا تؤثر فقط على تدفق السيارات، بل تضيف معاناة جديدة للمسافرين الذين يجدون أنفسهم مضطرين للبحث عن طرق بديلة للوصول إلى المحطة، أو التعامل مع تصرفات السائقين الذين لا يتوانون عن فرض شروطهم دون اعتبار للقانون أو حقوق المواطنين.
المشهد أمام محطة “الدار البيضاء المسافرين” ليس خافيًا على أحد، ومع ذلك يبدو أن أجهزة الأمن تتعامل معه بنوع من اللامبالاة أو العجز عن فرض النظام. لماذا لا يتم تطبيق القوانين بصرامة لوضع حد لهذه الفوضى؟ هل يُعقل أن تبقى حقوق المسافرين معطلة تحت رحمة تصرفات فردية تهدد النظام العام؟
وهنا نهمس في أذن والي أمن الدار البيضاء: هل قمتم بزيارة مفاجئة إلى هذا الموقع للاطلاع على حقيقة الوضع؟ زيارة واحدة منكم قد تكفي لتكشف حجم التقاعس الأمني ومدى الأضرار التي تلحق بالمواطنين يوميًا. إن استمرار هذا الوضع لا يعكس فقط ضعفًا في تطبيق القانون، بل يثير التساؤلات حول دور الأجهزة الأمنية في حماية حقوق الناس وضمان النظام في أحد أهم المرافق الحيوية بالمدينة.
إن حادثة الاعتداء على الدبلوماسي الروسي يجب أن تكون ناقوس خطر يُدق للتحرك الفوري والجاد. فالمواطنون، الذين يعانون يوميًا من تصرفات سائقي سيارات الأجرة في غياب الردع، بحاجة إلى حماية حقيقية وفعالة. إلى متى ستستمر هذه الفوضى؟ وهل ستتحرك الأجهزة الأمنية لتفرض النظام في محطات مثل “الدار البيضاء المسافرين”، أم أن الوضع سيظل على حاله إلى أن يتسبب في أزمة أخرى، وربما أكبر؟
تعليقات
0